6 سنوات من مسار الثورة التونسية : الاتحديات و الاولويات

مغرب نيوز : ريم حمودة

 

6 سنوات من مسار الثورة التونسية :الاولويات و التحديات ” عنوان الندوة الفكرية التي نظمها مركز الدراسات الاستراتجية و الديبلوماسية والمركز العربي

 للأبحاث ودراسة السياسات في 14 جانفي 2017  بحضور ثل من القامات الفكرية والاقتصادية ، و مجموعة من المسؤولين والخبراء

من بينهم

رئيس حركة النهضة  راشد الغنوشي، ووزير الخارجية التونسية الأسبق، رفيق عبدالسلام ووزير الصناعة والتجارة ، زياد العذاري، والخبير

 الاقتصادي فيصل دربال و الدكتور رضا الشكندالي . توج حضور هذه النخبة بوجود مفكرين عربيين متميزين وهما الدكتور هشام جعيط و الدكتور عزمي بشارة .

محاور عديدة وقع تناولها خلال هذه الندوة من خلال جملة المداخلات وان اختلفت في شكلها فانها على مستوى المضمون  تشترك في نقطتين هامتين وهما اهمية تجربة

التوافق التي اعتمدتها تونس كالية لتجاوز عثراتها و ضرورة اسكمال مسار الوحدة الوطنية لانجاح الثورة و تحقيق الاهداف المرجوة منها .

 

vlcsnap-2017-01-16-15h18m50s614

 

ففي مداخلة  قيمة للدكتور المؤرخ هشام جعيط   عاد الى  تاريخ الثورات في العالم، مشددًا على أن ‘مصطلح الثورة استخدم أولًا في العصر العباسي، لأنها أطاحت بدولة قوية وإمبراطورية هي الدولة الأموية التي وصفها بـ’الدولة العنصرية’، وقامت على فكرة انفتاح الإمبراطورية الإسلامية على غير العرب.

و اعتبر الدكتور هشام جعيّط أن ‘الثورة ليست مجرد عملية إسقاط نظام، ولكنها تقوم على جملة من الرؤى والأفكار والتغييرات العميقة في المجتمع’، متوقفًا عند الفروقات الموجودة بين الثورات والمجتمعات الغربية، ففي حين دافعت الثورة الفرنسية مثلًا عن فكرة المساواة، ذهبت المجتمعات الأنغلوسكسونية إلى الدفاع عن فكرة الحرية أكثر من المساواة.

وأشار جعيّط إلى أن ‘بعض الثورات قد تؤدي أحيانًا إلى دكتاتوريات، مثلما حدث مع الثورة البلشفية أو الناصرية، التي أطاحت بالنظام الملكي في مصر’، واصفًا الثورة الإيرانية بـ’الثورة الأيديولوجية، لأنها قامت على تأويل وقراءة أيديولوجية للإسلام‘.

اما عن ا’الثورة التونسية  فقد قال جعيط “هي ثورة بالفعل، فكرتها الوحيدة هي الحرية وكرامة الشعب، وإطاحتها بنظام دكتاتوري

واضاف إن ‘الثورة التونسية لم تكن عنيفة، رغم سقوط ضحايا، مؤكدة على فكرة الديمقراطية والحرية’، و اعترالاضطرابات والاحتجاجات على الثورة، أمرًا طبيعيًا وظرفيًا يرافق كل الثورات.

 

 

16114449_1390506257652641_7293251172581921143_n

من جانه عبر الدكتور عزمي بشارة عن اعجابه بما تمكن التونسيون من تحقيقه خاصة في مجال التوافقات فقد اعتبر ان الشعب التونسي تمكن من ارساء رسالة تنويرية في ما يتعلق بضرورة التوافق في الازمات و ضرورة الوعي بان الخيبات التي تاتي من فشل التوافقات التي تفرزها بعض النقاط الخلافية اقل بكثير من العويل و الدماء التي تسفك في الحروب الاهلية .

و تعليقا عن التجربة التونسية قال الدكتور عزمي بشارة” اننا امام تجربة بدات تحقق نجاحات و اصبح لا عودة فيها “لكن بقيت جملة من التحديات الكبرى التي تتخذ في بعض الحالات طابعا جهويا . فالثورة التونسية من منظار عزمي بشارة بدات اجتماعية ثم تطورت الى حراك سياسي لتغيير نظام الحكم فالشرارة الاولى كانت اجتماعية و بذلك فان هذا البعد الاجتماعي يجب ان يبقى التحدي الرئيسي .

و تاكيدا على مبدا التوافق و اهميته كمبدا اعتمدته النخب السياسية في تونس للخروج من ازماتها استحضر الدكتور عزمي بشارة التجربة المصرية التي لم تتمكن الاطياف السياسية فيها ان تتوافق و كان الجيش اب للجمهورية و هذا ما لم يحصل في تونس و اعتبر ان انجاح الثورة مهمة وطنية و ليست حزبية فالنخب المصرية لم تتمكن من التوافق لقد كان كل طرف مستعد للتحالف مع النظام القديم لاسقاط الطرف الاخر .

لقد اعتبر عزمي بشارة ان العرب مطالبون اليوم بإقامة أنظمة ديمقراطية في فترات زمنية وجيزة، تستوعب جميع القيم التي تطلب تحقيقها فترات طويلة لدى المجتمعات الغربية، والتي توصلت إلى ذلك بعد مخاضٍ صعب ومؤلم. ولن يتحقق هذا الإنجاز، من وجهة نظره، إلا عندما تحمل النخب ثقافةً ديمقراطيةً عميقة، وألّا تخون هذه النخب مجتمعاتها.

 

 

16114449_1390506257652641_7293251172581921143_n

  اما الاستاذ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة فقد اعتبر من خلاله مداخلته القيمة انه من رحم الحراك و الصراع السياسي الذي كاد يهدم البناء على الرؤوس انطلقت فكرة  التوافق و المصالحة  في 3 اوت 2013 و في الاجتماع الشهير اجتماع القصبة و لعله اكبر اجتماع في تاريخ تونس الذي  جمع ربع مليون من الناس كانت الكلمة المفتاح هي المصالحة  و منع تقسيم المجتمع حيث رفع شعار المصالحة العامة و التوافق.”

و اعتبر راشد الغنوشي ان  لقاء باريس  كان اول خطوة في اتحاه التوافق السياسي فتونس بعد الثورة حكمت بسياسة التوافق خاصة بعد الحوار الوطني الذي قادته 3 منظمات وطنية و محموعة هامة من الاحزاب و من ذلك الوقت اخدت سياسة الحوار تتسع لتشمل كل التونسيين. فتونس ان لم نقل العالم يعيش بين جدلية التوافق و الاقصاء و ضرب  الغنوشي في هذا الاطار مثل الحزب الذي طلب التحقيق مع احد قادته على خلفية مصافحته لقائد من حزب اخر و اعتبر ذلك معظلة حقيقية .فالاقصاء يؤدي الى انتكاس الثورة .

في جانب اخر و في موضوع لا يقل اهمية عن المصالح الوطنية اكد راشد الغنوشي على اهمية بلوغ العدالة الاجتماعية و التوزيع العادل للثروات بين كل الجهات .

اما على مستوى الاستقرار السياسي قال الغنوشي ان تونس بعد الثورة كانت البلد الوحيد الذي حصل فيها تغيير الحكومات بالاتفاق لا بالانقلاب و هذا يعتر انجازا كبيرا غير قابل للتراجع لانه نابع من ارادة شعبية واعية و مدركة لاهمية الثورة  وما يمكن ات تحققه من نتائج اجابية .

و اضاف  ان سياسة التوافق  من شانها ان تحاصر ثقافة التطرف  و الاقصاء في البلاد و ان  تونس نجحت في تكريس عقلية التوافق في مستواها الحضاري لكن في مستواها السياسي مزلنا نسعى اليه نامل الوصول  اليه و ان نوفق بين الاسلام و الديمقراطية وهذا جوهر التجربة التونسية منذ خير الدين الى اليوم  .

نحن نؤكد ان التعبير الذي اخترناه للتعبير عن هذا التوافق هو الاسلام الديمقراطي الذي نعتبر انه هو المستقبل لهذه الامة.

 

vlcsnap-2017-01-18-14h55m45s539

اما رفيق عبد السلام وزير الخارجية الاسبق فقد اعتبر ان الثورات بطبعها قاسية و مؤلمة بالنظر لما يتبعها عادة من توترات على جيع المستويات الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية لكن رغم ذلك يجب ان تفتح نافذة امل اما الفئات المحرومة و الشابة فضلا عن الجانب الامني و الاقتصادي 

و اضاف انه لا يوجد تغيير دون ضريبة فالثورة مسار معقد من المد و الجزر لذلك لا يجب الحكم على نتائجها من خرل مدة زمنية وجيزة بل يجب ان نحكم عليها بمنظار تحقيق تاريخي اوسع .

كما قال رفيق عبد السلام انه يحسب للثورة التونسية هدوئها النسبي باعتبار حجم الخسائر الحاصلة كما يحسب للنخب السياسية توجهها الى المنحى التوافقي و السلمي بدلا عن الخيارات العنيفة مما يجنبنا الانقسامات و الحروب فتونس تبقى دائما بلدا متجانسا مستوعبا لكل الاطياف و الانتماءات .فقد تمكن التونسيون من تجاوز عدة عقبات كانت تهددهم في محيط اقليمي شديد التقلب و التوتر و ذلك بفضل اتقانهم لفن التسويات و التوافقات السياسية بعيدا عن الاقصاء و النفي المدمر و المهلك للشعوب لقد اهتدوا الى  فن الديمقراطية التوافقية وهو خيار بدا من موقع الاضطرار الذي املته الاكراهات الداخلية و الخارجية لكنه تحول بحكم الوقت الى منهج لادارة شؤون الحكم و الحياة العامة فرغم كل الانتقادات الا ان التوافق يبقى الحل الامثل و الاصوب مقابل خيارات اخرى يمكن ان تكون مكلفة لتونس و استقرارها و امنها العام .

و تابع رفيق عبد السلام مداخلته بان العالم العربي الذي تتقلب اوضاعه  بين العودة الى الحكم التسلطي و بين الانزلاق في الحروب الاهلية في امس الحاجة الى عقد التسويات و التفاهمات السياسية و من هذا المنطلق يمكن للثورة التونسية ان تتمتع ببعض الصلاحيات لعلاج مشكلات العالم العربي

اما من الناحية الاقتصادية 

 

vlcsnap-2017-01-18-14h56m15s096

 اعتبر زياد العذاري وزير التجارة و الصناعة ان من اهم الاسباب التي اعاقت مسار التقدم الاقتصادي في تونس بعد الثورة رغم جملة الاصلاحات الحاصلة  سواءا التشريعية او الجبائية او البنكية ترجع الى خصوصية المرحلة النتقالية التي تمر بها تونس باعتبار صعوبتها  بما تحمله من عدم استقرار وكثرة المتغيرات فطبيعة المرحلة حسب العذاري تجعل من النسق الاقتصادي لا يكون في مستوى الطموحات فتعاقب الحكومات له دور كبير في ذلك تابع زياد العذاري كلمته مؤكدا على انه يوجد مشكل اساسي اعاق التطور الاقتصادي في تونس بعد الثورة وهو ان المواطن التونسي لم يفهم بشكل عميق رسالة الثورة في علاقته بالدولة و الجانب السياسي . فالثورة حررت الشعب من وصاية الدولة سياسيا وهو سعيد بذلك حتى تكون له كلمته في المسار السياسي لكنه لم يتحرر اقتصاديا فقد بقي ينظر للدولة كوصية على الجانب الاقتصادي باعتبار انها قبل الثورة كانت لاعبا اساسيا في الدائرة الاقتصادية لكن ما يجب فهمه حسب العذاري انه لم يعد من دور الدولة خلق التنمية و فرص الاستثمار و التشغيل بل ان دورها يقتصر على التسهيل و التعديل و هذا لا يعني تهربها من مسؤولياتها و لكن جوهر الرهان الاقتصادي يعتمد اساسا على تنمية روح المبادرة و تكريس ثقافة المغامرة و التعويل على الذات .

و ختم العذاري كلمته بالتاكيد على اعادة التفكير في دور الدولة في المجال الاقتصادي و ضرورة اطلاق حوار وطني اقتصادي اجتماعي.

 

 

vlcsnap-2017-01-18-14h53m40s683

و في نفس الاطار الاقتصادي

 اعتبر المستشار الاقتصادي لدى رئيس الحكومة،فيصل دربال، أن منوال التنمية الخماسي الذي تمَ إعداده للفترة (2016 – 2020)، لا يمكن تحقيقه على أرض الواقع نظرا لافتقاره إلى إطار ماكرواقتصادي و قيامه على “سرد وصفي لفرضيات نظرية تفتقد إلى مبررات و إثباتات و مؤشرات بيانية واقعية “.

و أضاف دربال خلال ندوة فكرية نظمها مؤخرا “مركز الدراسات الاستراتيجية و الدبلوماسية” بعنوان ” 6 سنوات في مسار الثورة التونسية : الأولويات و التحديات أن التحديات الإقتصادية و الفرضيات التي تضمنتها وثيقة منوال التنمية تجاوزتها الأحداث و لم تعد قائمة الذات و من بين هذه الفرضيات توقع أن تصل نسبة النمو لفترة 2016/2020 إلى حدود 5% و هو ما إعتبره بعيدا جدا عن الواقع مع بلوغ نسبة النمو 1.5% سنة 2016 و توقعات بلوغها 2.5 % سنة 2017 حسب قانون المالية الأمر الذي يتطلَب تحقيق نمو ب7% خلال الثلاث سنوات المتبقية و هو أمر يراه المستشار الإقتصادي مستحيلا و بعيد المنال.

و أشار دربال إلى أن منوال التنمية للفترة الخماسية 2016-22020 تضمَن عديد التناقضات على مستوى نسبة النمو المحتملة لهذا العام و بين نسبة مواطن الشغل المتوقع خلقها و طالب بضرورة مراجعته حسب التحديات الإقتصادية التي تواجهها تونس على أرض الواقع مع السعي إلى إصلاح المنظومة المالية للبلاد أمام ما تعانيه من عجز في الميزان التجاري الذي يقدر ب6ر12 مليون دينار ، و تضخم حجم الدين الخارجي إضافة إلى ضعف الإنتاجية و عدم القدرة على منافسة الأسواق الخارجية.

 

 

Sans titre

 اما الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي  فقد اعتبر النجاحات الاقتصادية تؤدي حتما لاستقرار سياسي “مشيرا إلى أن النجاحات السياسية التي حققتها تونس بعد الثورة هي تمهيدا لبناء أسس ديمقراطية فعلية في البلاد.

و هذه النجاحات ستنعكس إيجابيا على مناخ الاستثمار رغم ما يمر به الاقتصاد الوطني من صعوبات و تراجع تصنيفاته العالمية بعد الثورة بحسب ” منتدى دافوس ” حيث تراجع تصنيف تونس في مؤشر الحرية الاقتصادية إلى الاسوأ و هو ما اعتبره الشكندالي راجع إلى عدم التوازن بين السياسة الاقتصادية و السياسية في البلاد.

هذا الارتباك أدى إلى غموض في السياسة الاقتصادية و أدى إلى ضبابية أثرت على الاستثمار الداخلي و الخارجي مما أدى إلى تراجع نسبة الناتج الإجمالي للاستثمار في تونس .

و بحسب رضا الشكندالي فقد عرف النصف الثاني من 2016 إلى تراجع في نسبة الصناعات التونسية بمختلف أنواعها و هو ما عمًق أزمة تفاقم البطالة التي بلغت نسبة 15,6 % كما ارتفع مؤشر التضخم المالي ليصل إلى نسبة قياسية بلغت 14% في ستة سنوات و هو ما يتوجب على الدولة التدخل لوضع استراتيجيات بديلة و القيام بإصلاحات اقتصادية فورية تجنب الدولة السقوط في الهاوية.

 

.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *