35 عاما على الاعتداء الصهيوني على حمام الشط.. هل تتجه تونس كعضو في مجلس الأمن الدولي إلى إعادة فتح الملف أمام القضاء الدولي؟

مرت أمس الذكرى الـ 34 على الاعتداء السافر الذي نفذه الكيان الصهيوني على حمام الشط يوم 1 أكتوبر 1985 مستهدفا مقر القيادة العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية التي خلفت عشرات الشهداء من التونسيين ومن القيادات الفلسطينية السياسية والعسكرية، ومثلت العملية إحدى أكبر وأخطر العمليات على التراب التونسي وفي حق الفلسطينيين المقيمين في الخارج، وذلك بعد نزوح منظمة التحرير من العاصمة اللبنانية بيروت سنة 1982، ليتمكن جهاز مخابرات الكيان المحتل (الموساد) من تعقب أحد الاجتماعات المهمة في مقر المنظمة في تونس، وقامت ثماني طائرات من سلاح الجو الصهيوني صباح الأول من أكتوبر 1985، بقصف مقر منظمة التحرير في ضاحية حمام الشط مما أدى إلى سقوط 68 شهيدا وأكثر من 100 جريح بين فلسطينيين وتونسيين، إضافة إلى تدمير المقر بالكامل وبعض منازل المدنيين في المنطقة.
اختلاط الدم التونسي والفلسطيني
وجاء العدوان بعد أن أصدر الكيان المحتل قرارا بتصفية القيادات الفلسطينية من خلال ضربة تنفذها الطائرات الحربية الإسرائيلية، وبنهاية شهر سبتمبر 1985، دعا رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الراحل الزعيم ياسر عرفات، القيادة العسكرية لعقد اجتماع بتونس وحدد الموعد يوم الأول من أكتوبر وبعد نصف ساعة من موعد بدء اجتماع القيادة العسكرية الفلسطينية، انهالت ستة صواريخ على مقر قيادة الأركان الفلسطينية والتي كانت تستأجر منزلا في منطقة حمام الشط، كما قصفت الطائرات الإسرائيلية مقر الزعيم ياسر عرفات الذي لم يكن متواجدا فيه آنذاك ومكتبه والمقر الخاص بحراساته، ليسقط في هذه الغارة 68 شهيدا وأكثر من 100 جريح من فلسطينيين وتونسيين، أضافة إلى خسائر مادية كبيرة، وقد أعلن الكيان المحتل رسميا مسؤوليته عن تلك الغارة فور وقوعها، مدعيا أنها جاءت في إطار حق الدفاع عن النفس». والحقيقة أنها ليست المرة الاولى التي يختلط فيها الدم الفلسطيني والتونسي فقد سجل التاريخ انه ومنذ حرب الـ 48 فان المئات من التونسيين التحقوا مشيا بالفدائيين في فلسطين وهناك من استشهدوا على أرض فلسطين.
في هذا السياق يقول المؤرخ الدكتور خالد عبيد في تصريح صحفي :»بعد ساعات من الاعتداء بدأت ردود الفعل السياسية، عربيا وعالميا، بين مؤيد ومدين، حيث اعتبر الرئيس الأميركي رونالد ريغان أن الغارة كانت دفاعا مشروعا عن النفس، وهو ما دفع بالرئيس الراحل الحبيب بورقيبة إلى استدعاء السفير الأميركي في تونس، طالبا منه نقل احتجاج السلطات التونسية على الخرق الإسرائيلي، متهما الولايات المتحدة بعلمها المسبق بهذه العملية، واتصل بوزير الخارجية آنذاك الباجي قائد السبسي في نيويورك، والذي كان يحضر اجتماعات جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأعلمه بنيته قطع العلاقات مع واشنطن لو استخدمت حق الفيتو في مجلس الأمن في مواجهة قرار يدين إسرائيل، وكانت صياغة مشروع قرار يدين الاعتداء محل نقاشات بين ست دول أعضاء في المجلس من دول عدم الانحياز، مع مشاركة تونسية بالإضافة إلى ممثل منظمة التحرير الفلسطينية كانت الصياغة الأولى لمشروع القرار جاهزة صباح يوم 2 أكتوبر وكانت الصيغة المعتمدة تدين إسرائيل باعتبارها معتدية وبسبب ممارستها إرهاب الدولة، وتم يوم 4 أكتوبر التصويت القرار 573 (1985) بـ14صوتا.
ويواصل محدثنا قائلا:»رغم مرور 34 سنة على الاعتداء ورغم صدور قرار إدانة من مجلس الامن، ورغم أن الملف لم يغلق بعد، إلا أن تونس لم تتحصل على تعويضات على الضرر المادي والمعنوي الذي طالها جراء الغارة الجوية على حمام الشط، اضافة إلى ذلك فان الكيان المحتل لم يعترف بجرمه المشهود، ليبقى قرار الادانة مجرد حبر على ورق في رفوف مجلس الأمن وذلك بالنظر إلى النفوذ الصهيوني وتأثيره على مواقع القرار في الدوائر الدولية، وحسب تقديري فان إمكانية استهداف الأراضي التونسية مرة أخرى يبقى ممكنا في ظل افلات الكيان الصهيوني من التتبع والعقاب، لكن ما حدث في حمام الشط سنة 1985 يؤكد أن تونس كانت وستبقى مثالا للوفاء للقضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية. ولا شك ان العدوان على حمام الشط لم يكن الاخير فقد عمدت يد الاحتلال الاسرائيلي الى استهداف قيادات تاريخية على التراب التونسي واغتالت خليل الوزير ابو جهاد في 1988 ثم اغتالت صلاح خلف ابو اياد في 1991 وغير بعيد قبل نحو عام اقدم كومندوس على اغتيال المهندس محمد الزواري امام بيته في صفاقس لتبقى اكثر من نقطة استفهام عالقة حول كيفية اختراق الكيان الاسرائيلي الحدود التونسية ليستهدف سيادة البلاد وأمن العباد اكثر من مرة.. ولعله من المهم في هذه المرحلة التذكير بانتخاب تونس عضو غير دائم في مجلس الامن الدولي على مدى السنة القادمة بما يجعل مسؤولية تونس ومعها الدول العربية والافريقية جسيمة في المطالبة بمحاسبة المعتدي أمام القضاء الدولي..

الصباح نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *