الجزائر : الرئاسة تكذّب و قسنطيني يرد ….قضية اللقاء المزعوم بين بوتفليقة و حقوقي تثير جدلا كبيرا

تحولت قضية اللقاء المزعوم بين الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وفاروق قسنطيني الرئيس السابق للجنة حقوق الإنسان إلى لغز محير، خاصة أنها المرة الأولى التي يعلن فيها شخص أو شخصية أنه التقى الرئيس، وينقل عنه كلاما وتصريحات ثم تأتي الرئاسة لتكذبه، فيما يصر هو على أقواله، ويؤكد أنه قابل الرئيس.

تحول النقاش في الجزائر من «هل ستكون هناك ولاية خامسة لبوتفليقة؟» إلى «هل التقى بوتفليقة وفاروق قسنطيني وأخبره أنه ينوي الترشح لولاية خامسة»؟ ومن السؤال الثاني تتفرع عدة أسئلة من الصعب الإجابة عنها، ومعها تتعدد السيناريوهات والفرضيات، لتتحول المسألة برمتها إلى فوضى عارمة وجعجعة بلا طحين.

البداية كانت بحوار صحافي أجراه فاروق قسنطيني، وهو محام معروف وسبق له أن ترأس سنوات اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان (هيئة حكومية تابعة عضويا لرئاسة الجمهورية)، وبالتالي كان لسنوات «حقوقي السلطة» يقول الشيء ونقيضه في كثير من الأحيان، ينتقد ثم يتراجع عن كلامه، وبرغم الفترة الطويلة التي قضاها في هذا المنصب لم تعرف له علاقة خاصة مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وكان أقصى ما يفعله هو رفع تقرير سنوي عن وضعية حقوق الإنسان، يضمنه ملحوظات واقتراحات.

فجأة يخرج قسنطيني الذي لم يعد له أي منصب رسمي بحوار صحافي منذ ثلاثة أيام، يقول فيه إنه التقى بوتفليقة مدة تجاوزت الساعة، وإنه تحدث معه في أشياء كثيرة، وإنه وجده في صحة جيدة، ومن بين الأمور التي يقول إنه تحدث فيها مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة نجد نية الرئيس الترشح لولاية خامسة، وإنه ينوي أن يبقى في الحكم إلى أن يتوفاه الله، وراح يعطي التفاصيل بشأن هذا اللقاء الذي قال إنه جرى في بيت بوتفليقة، وإن شقيقته هي التي قدمت الشاي والحلويات.

التصريح كان له وقع الصدمة، فحتى وإن كانت هناك مؤشرات على أن مشروع الولاية الخامسة قائم، فإن أحدا لم يتوقع أن يتم إعلانه بهذه الطريقة وفي هذا التوقيت، خاصة أن الانتخابات المحلية بقي عليها أيام فقط، وبدأت ردود الأفعال تتهاطل، خاصة لدى الطبقة السياسية التي أصابها التصريح بالدوار، وراحت تتساءل عن المغزى من الخوض في موضوع الانتخابات الرئاسية التي مازال يفصلنا عنها نحو سنة ونصف السنة.

الشيء الذي لم يتوقعه أحد هو صدور رد فعل من الرئاسة، خلال 24 ساعة بعد تداول تصريحات قسنطيني بخصوص الولاية الخامسة ولقائه المزعوم مع الرئيس، البيان الصادر كان قاطعا، وأكد أن اللقاء لم يحدث من أساسه، وأن ما جاء على لسان المحامي فاروق قسنطيني مجرد افتراءات.

كثيرون اعتقدوا للوهلة الأولى أن قسنطيني أراد إسداء خدمة مجانية رفضت له، والشيء الذي لم يخطر ببال أحد بعد صدور هذا البيان هو أن يصر فاروق قسنطيني على كلامه، ويقول، حتى برغم صدور البيان الرئاسي، إنه التقى فعلا الرئيس بوتفليقة، وسمع منه ذلك الكلام، قبل أن يتساءل عن الجهة التي أصدرت البيان ووقعته.

القصة برمتها غامضة، صحيح أن قسنطيني بإمكانه أن يتملق الرئيس وأن يسعى لتقديم خدمة مجانية له، ولكن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تصل به الجرأة أو الجنون لأن يؤلف القصة، وأن يقول شيئا وينسبه إلى الرئيس، في المقابل قصة قسنطيني غريبة، فكيف للرئيس الذي يعلم الجميع أن وضعه الصحي لا يسمح له بالكثير من اللقاءات ولا بأن يطيل مدتها أن يستقبله لأكثر من ساعة، وهو لا يستقبل الرؤساء والضيوف الأجانب إلا بضع دقائق، كما أن الرئيس الذي لا يستقبل رئيس الوزراء ولا رئيس البرلمان أن يستقبل محاميا ويجلس معه ويحكي له عن نواياه، وبالتالي تبقى هناك فرضية هي أن جهة ما طلبت من فاروق قسنطيني أن يقول هذا الكلام، ثم سارعت لسحب البساط من تحت قدميه إما بالاتفاق معه أو من دون سابق اتفاق، وذلك في إطار عملية جس نبض للرأي العام حول الولاية الخامسة، أو أن جهة ما داخل السلطة طلبت منه أن يدلي بتلك التصريحات ثم تحركت جهة أخرى لتكذب الأمر جملة وتفصيلا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *