ياسين ابراهيم يستجدي رضا المستثمر الأجنبي والشركات العالمية

جنات بن عبد الله
الوطنية لفائدة صندوق النقد الدولي من خلال عديد القوانين الجديدة ومن ضمنها قانون النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي المصادق عليه مؤخرا، ولفائدة الاتحاد الأوروبي من خلال قبول الدخول في مفاوضات حول مشروع اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق دون اعلام مجلس نواب الشعب والحصول على تفويض منه واعتماد هذا المشروع في المخطط الخماسي للتنمية للفترة 2016 – 2020 .
لقد كان حري بحكومة تأتي بعد المصادقة على الدستور الجديد القيام بمراجعة وتقييم الخيارات الاقتصادية والاتفاقيات الثنائية ومتعددة الأطراف والاحتكام للشعب الذي عانى في الماضي ودخل اليوم مرحلة اليأس من الخروج من الأزمات.
لقد كشفت تجربة اليونان ومؤخرا التجربة البريطانية أنه في المفاصل التاريخية والملفات الاستراتيجية وقصد التحرر من تأثير الأحزاب واللوبيات الداخلية والخارجية تلجأ الحكومات الى الية الاستفتاء ومنح الشعب حقه في ممارسة سيادته في تقرير مصيره بما يغلق الأبواب أمام الحسابات الضيقة والفئوية ويحمي هذه الحكومات من السقوط في منطق التنازلات على حساب مصالح شعوبها.
وبعيدا عن هواجس الأحلام انتظر الشعب التونسي من الحكومة الحالية التعامل معه كعنصر فاعل ومسؤول والعودة اليه في المسائل المصيرية الا أنه اصطدم بإصرارها على تجاهله وتجاوزه واستغلال السلطة التشريعية ديكورا في مسار الانتقال الديمقراطي، والأمثلة على ذلك كثيرة رغم مقاومة نسبة من قوى المعارضة التي خرجت من الديكور وتبرأت من مثل هذه الممارسات.
من هذه الأمثلة يمكن ذكر المخطط الخماسي للتنمية حيث خرج الأسبوع الماضي وزير التنمية والتعاون الدولي والاستثمار لتسويقه رغم احتجاجات عدد من الخبراء الاقتصاديين وتحذيرهم من المخاطر التي يمثلها على الاستقرار الاقتصادي والمالي والاجتماعي باعتبار أن هذا المخطط قد أعاد انتاج خيارات الماضي الرامية الى خدمة المستثمر الأجنبي والشركات العالمية على حساب أولوياتنا الوطنية ونسيجنا الاقتصادي، ليهرول يوم الجمعة الماضي الى مقر بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس وعرضه على السفراء الأوروبيين. سلوك عكس انتظارات وزير التنمية من هذا اللقاء الذي وكأنه يستجدي رضاهم في الوقت الذي كان ينتظر منه الرجوع الى الشعب لإبداء رايه من خلال مجلس نواب الشعب والمجتمع المدني والمنظمات المهنية والنقابية أولا، وثانيا الالتقاء بهم في مقر وزارة التنمية كمقر سيادة.
ان هذه الممارسات وغيرها كثير مثل مبادرة رئيس الجمهورية لتشكيل حكومة وحدة وطنية، تكشف إصرار الطبقة السياسية التونسية على رفض الاليات التي أقرها الدستور الجديد والتي تضمن حق الشعب التونسي في ممارسة سيادته ومن بينها الاستفتاء حيث كنا ننتظر أن يتم اللجوء الى هذه الالية لاتخاذ قرار الدخول في مفاوضات جديدة مع الاتحاد الأوروبي أو تأجيله بما يكشف أن حرصها على التباهي بتجربة الوفاق والتوافق ما هو الا هروب من الالتزام باحترام الدستور وتكريس لمنطق “ذر الرماد على الأعين” بما يفسح المجال واسعا أمام الفساد واغراق البلاد في المجهول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *