وول ستريت جورنال: الطائفية تدفع سنّة العراق للتحالف مع الشيعة

قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، إن سنوات الإقصاء والعنف الطائفي يدفعان السنّة للتحالف مع الشيعة في الانتخابات العراقية التي ستجري الشهر الجاري..

في الطريق إلى الفلوجة، معقل المقاومة العراقية سابقاً، يمكن أن تشاهد إشارات تدل على أن التوترات الطائفية التي دمرت البلاد منذ 15 عاماً بدأت تنحسر، حيث تقول الصحيفة إن الطريق المؤدي إلى هذه المدينة يعج بالملصقات التي تروج للمرشحين السنّة، الذين يترشحون لتلك الانتخابات كجزء من الائتلافات التي يهمين عليها الشيعة.

العديد من السياسيين السنّة الذين أثاروا العداء، يتحدثون اليوم عن الوحدة، يقول كمال محمد سعود، صاحب متجر في الفلوجة، مضيفاً: “لقد استنزفنا فعلاً، لا نهتم بمن يحكمنا ما دمنا نستطيع أن نعيش حياة طبيعية”.

السياسي السنّي محمد ياسين، الذي كان أحد القيادات التي شاركت في اعتصامات المدن السنّية عام 2013 قبل أن يختطفها “داعش”، يدخل الانتخابات اليوم ضمن قائمة رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي يعتبر أول زعيم عراقي يقوم بحملة انتخابية في مناطق كانت تعتبر عدوّاً.

يقول ياسين: “أثبتت التجارب السابقة لشعبنا أن العراقيين يجب أن يكونوا متوحدين”.

وتتابع الصحيفة الأمريكية: “لقد لعبت العملية السياسية العراقية المبنية على أسس طائفية عقب الغزو الأمريكي عام 2003، دوراً كبيراً في العنف الأهلي، فلقد تمكن الشيعة من حكم العراق، وهو أمر رفضه السنّة، الذي شعروا بانهم خسروا، وهذا ما أدى إلى انقسام سياسي استمر سنوات وخلق أيضاً خللاً إدارياً أدى في نهاية المطاف إلى ظهور تنظيم الدولة”.

بعد أربع سنوات من الخراب الذي طال المناطق السنّية عقب سيطرة تنظيم الدولة عليها، لم يعد هناك أي مغزى للوقوف بوجه العملية السياسية التي تمخضت عن العزو الأمريكي في 2003، ولعل الرسالة التي يسعى السياسون السنّة والشيعة لإيصالها قبل الانتخابات المقبلة، تتركز على “التضامن”، بحسب الصحيفة.

ويتوقع أن تحقق القوائم التي تترأسها الأحزاب الشيعية، مقاعد في المناطق السنّية، أكثر من أي انتخابات جرت سابقاً.

يقول السياسي السني مشعان الجبوري، إن “السنة فهموا إنهم مجرد ملحق بالسلطة، لقد تم سحقهم بالكامل”.

الوحدة الوطنية بين العراقيين، أمر لا يقع على عاتق الحكومة المقبلة فقط، بل يتعد أيضاً على تصرفات اللاعبين الإقليميين الذين أوقدوا التوترات الطائفية في العراق من أجل تعزيز أجنداتهم الخاصة، فدول خليجية سبق لها رعاية الجهود السنّية لتغيير الوضع في العراق، باتت اليوم تتبع نهجاً “مختلاً”، تشير الصحيفة.

فالسعودية تشارك حلفائها الشيعة المعتدلين، مثل العبادي، جهود إخراج العراق من دائرة النفوذ الإيراني.

هذا الأمر دفع بالسياسيين السنّة في العراق لإعادة تنظيم صفوفهم، بحسب ما يقول السياسي السني محمد المشهداني، ويتابع “إننا نواجه تحدياً كبيراً يتمثل في الاندماج بالعملية السياسية ونسيان الماضي”.

في المقابل، لم يعد السياسيون الشيعة قادرين على إقناع جمهورهم باستخدام التهديد السنّي لتعبئة جمهورهم قبل الإنتخابت.

يقول فنار حداد، الباحث في جامعة سنغافورة الوطنية والذي ألّف كتاباً عن الطائفية في العراق، إنه في أوقات معينة خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، كان الشيعة والسنّة يتبادلون التهديد الوجودي، اليوم لم يعد الحال كما كان سابقاً.

في الفلوجة، يلوم السكان السياسيون أنفسهم بقدر ما يلومون الحكومة، ويحملونهم مسؤولية الحرب والنزوح. “لقد تخلوا عنا عندما جاء داعش” كما يقول محمد سعود، أحد أهالي الفلوجة.

يضطر السياسيون السنّة ليكونوا الأكثر براغماتية، وبالتالي فإنهم يتحالفون مع قوائم إنتخابية شيعية، حتى لو كانت تنتمي إلى ميلشيات سبق وأن أتهمت بإرتكاب العنف الطائفي خلال المعارك ضد تنظيم الدولة في مدنهم.

وتختم الصحيفة تقريرها بالقول، إن العبادي استفاد من التحول الذي حصل خلال الحرب على “داعش” لتعزيز الهوية الوطنية، وهو ما سيسمح له بالفوز بمقاعد أكبر في المناطق السنية خاصة بعد أن دخل معه العديد من السياسيين السنّة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *