وهل ولدته أمه من يقصي الجزائر ويهمشها !!!؟ بقلم اسماعيل القاسمي الحسني

لابد من الاعتراف بأن افتتاحية “رأي اليوم” يوم التي جاءت بعنوان: “هل جرى إقصاء الجزائر من التحالف الاسلامي لمكافحة الارهاب لموقفها من سورية أم لترفعها عن التقسيمات الطائفية؟”، بقدر ما كانت تحمل الاجوبة طي السطور، بقدر ما كانت لفتة عالية الذكاء، تعكس تساؤلات الرأي العام، أوما يجب أن يتساءل بشأنه، وهذا دور الاعلام الواعي الذي يجتهد في استفزاز “الفكر”، وإدارة حركته نحوما يجب، وليس الابقاء على حالة التبلّد وركود الأفكار الى درجة التكلس حتى لا نقول التعفن.
نعم، ليس بالضرورة هذا “رأي اليوم”، فلدى اخوتنا في المشرق العربي بداية من مصر وانتهاء بالبحرين بمن فيهم سوريا وبنان، رأي يرقى لقناعة مع عدمية ركائزها الموضوعية، بأن صُنّاع ما سمي بالحلف الاسلامي قد همّشوا الجزائر وتعمّدوا إقصائها؛ فكان من الضروري لإثارة هذه الأسئلة، لمعرفة ما وراء حجب السياسة العربية لسبب رئيسي وهو: مهما كان الحكم على سياسة الجزائر، فما لا يمكن للعارف أن ينكره، هي أكبر الدول العربية على الاطلاق وأقواها وأغناها في الوقت الراهن على الاقل، بعد تفكك العراق وتآكل القوة السورية، وسقوط مصر في صراع داخلي ورهن خليجي.
صيغة تساؤل افتتاحية “رأي اليوم” بقدر ما هي مستفزة للعاعطفة، علينا أن نقر باستفزازها للعقل أكثر، وهنا نقف على الأجوبة، مجتهدين في الترفق والتلطف قدر المستطاع، ونستعرض بعض الحقائق التي يفترض ألا يخالفها إلا مكابر.
لن أعود لمرحلة ما بين 1967 الى غاية 1975، ولن أستعرض مواقف الجزائر من القضية الفلسطينية، التي عبر عنها أول رئيس جزائري في اول خطاب له بمناسبة الاستقلال حين قال نصا: لا نعتبر استقلال الجزائر مكتملا ما لم يتم تحرير فلسطين. الى غاية 1990 حيث شهدت العلاقة برودا ثم شبه تجميد بعد اتفاقية اوسلو، واستعادت نشاطها وحيويتها 2001 بعد أن عاد الراحل أبوعمار الى تشجيع العمل المسلح، ثم توقفت بعد استشهاده.
وإنما أتوقف عند مواقف الجزائر المباشرة مع صُنّاع ما سمي بالحلف الاسلامي، فصدام الجزائر كان جليا معهم منذ الاعداد لحرب الخليج الاولى عبر قناة الصرف اللاصحي، أوما يسمى بجامعة الدول العربية، وتبين بعد كارثة العراق، وعلى ألسنة صناع تلكم الحرب الاجرامية (عجما وعربا) بأنهم ارتكبوا خطأ تاريخيا طبعا وانسانيا لا يغتفر؛ كان موقف الجزائر قد حذر منه قبل ذلك بعقد كامل من الزمن.
وجاءت صناعة تدمير “ليبيا” 2011، وكان موقف الجزائر لا يختلف في شيء عن موقفها السابق من العراق، لكن صنّاع الكوارث الانسانية بحق الامة – عربا وعجما- سوقوا مثلما سبق للرأي العام، بأن ليبيا ستصبح جنة الحريات والتقدم وما الى ذلك من بضاعة مفلسة، لا يشتريها إلا سفيه عقل مغيب الوعي، ولا أعتقد بعد مرور قرابة خمس سنوات بأن واقع ليبيا اليوم يحتاج لتفصيل.
وانتقل هؤلاء مباشرة بعد الاطمئنان على ضياع ليبيا، وبعد البروفا التي قاموا بها، الى دولة مركزية عربية قوية، لها ارتباط مباشر على المستوى التاريخي والجغرافي وعلى مستوى الموقف مع فلسطين، سوريا، وتداعوا بذات الادوات ونفس الشعارات، وكان موقف الجزائر وسلطنة عمان واضحا وفاصلا؛ وهل يحتاج لمن له عينين أن نصف واقع سوريا من الصورة المتوهمة التي كان يسوقها القوم؟
بالنسبة لجزء من الرأي العام بمشرقنا العربي، وإجابة عن تساؤلات افتتاحية رأي اليوم، إن كانت قد استفزت لديكم عامل التفكير في الأمر نقول:
نعم الجزائر ترفض بشكل قاطع التعامل بمفردات طائفية أوعرقية، ولعل آخر موقف لنجل الراحل حسين آيت أحمد مع المدعوفرحات مهني –الذي يرفع لواء الانفصال تحت عنوان عرقي بدعم غربي وعربي- إذ منعه من إلقاء كلمة تأبينية ورفض مصافحته ثم طرده من العزاء؛ هذا على مستوى الفرد الجزائري، وهوذات الشأن على مستوى سياسة الدولة، التي ضمّنت مؤخرا في قانون العقوبات، بعد استفحال لغة الطائفية في الامة بدعم خليجي، مادة عقوبتها عامين سجن نافذ لكل من يصف أحد سكان غرداية بـأنه من الخوارج.
نعم الجزائر من أول يوم استقلالها بنت سياستها الخارجية، على عمود فقري فقراته “عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية”.
نعم الجزائر كانت ضد التدخل في ليبيا وفي سوريا وفي اليمن، ليس من باب دعم قادة تلكم الدول كما يحصره البعض، جهلا أومكابرة، وإنما لعلمها القطعي بأن ما وراء ذلك خطير جدا على الشعب والجغرافيا والدولة ككل.
وأخيرا، نعم الجزائري كمواطن، أوالجزائر كدولة لا تمتهن حب الكلام والظهور ولعب الأدوار، أكثر من ذلك تترفع عن ذكر انجازاتها التاريخية التي حققتها للاخوة العرب، أكان ذلك بخصوص الدعم المالي والسياسي، أوفك الاشتباك وإطفاء نيران حروب استعرت أوكادت أن تشتعل. لا تجد في الاعلام الجزائري ولا لدى أكبر مساحة الكتابة، من يقيم أعراسا وينفخ أبواقا لانجازات تاريخية تحققت، ومرد ذلك شخصية المواطن الجزائري، هذا ما يعرفه بشكل مباشر الاخوة الفلسطينيون والمصريون والسوريون والعراقيون وغيرهم ممن تعاملوا مع الجزائر دولة ز شعبا.
ختاما نقول: سيستنفذ الحكام العرب ما في جعبهم من سياسات مدمرة، ولا محالة سيعودون للندم على ما فرطوا فيه من قبل، ويقينا طال الزمن أم قصر، سيكتشفون بأنهم لم يهمشوا الجزائر ولم يقصوها، وإنما همشّوا أنفسهم عنها وأقصوها؛ فالجزائر دولة مستقلة بقرارها قوية راسخة، لم تلده أمه بعد من يمكنه إقصاؤها.
مع جزيل الشكر لصحيفة رأي اليوم، التي نحسب لها أنها المنبر العربي الوحيد، الذي يلفت نظر الرأي العام لما يستحق أن يتأمله ويدرسه بعقلانية وموضوعية، ومنها “القيمة الأصلية لدولة الجزائر”، دون مهاترات ولا مزايدات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Bu məqalədə, Pin-up Casino-nun daha əla bonusları haqqında danışacağıq və nəyin sizi gözləyə biləcəyini təsvir edəcəyik. bunun sayəsində Nedeni ise reklam alanların deneme bonusu vermediğini bir çok kez denk geldiğimizi biliyoruz. pul üçün Buna görə hər hansı vahid platformada bunu izləyən bir internet kullan? pin up mərc Kazino kataloqlarında təqdim olunan Pin Up casino seyrək rəngarəng slot maşınları demo rejimində işə salına bilər. etmək imkanı