ونصيبي من الوزارة! ..بقلم اسيا العتروس

بعد حملة وينو “الترتوار” وحملة وينو “البترول” يبدو أننا نتجه إلى حملة شعبية جديدة قد تحمل شعار وينو الكرسي، طبعا ليس في الأمر أدنى مبالغة أو مجانبة للصواب بعد أن تحول مشروع حكومة الوحدة الوطنية الذي يفترض أن يحمل معه خلاص البلاد من أزماتها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المعقدة إلى مزاد غير علني بين الأطراف والأحزاب المعنية المتنافسة خلف الكواليس للفوز بأكبر عدد ممكن من الحقائب الوزارية أو الاستئثار بما يوصف بالحقائب السيادية في حكومة الشاهد المرتقبة خلال الأيام والساعات القليلة القادمة قبل أن تكشف للتونسيين وجهها الجديد أو الجديد القديم .. الشاهد وفي تصريحاته منذ تعيينه رئيسا لحكومة الوحدة الوطنية ما انفك يردد” بان الإعلان سيكون في أقرب الآجال الممكنة” تصريح تتناقله وسائل الإعلام دون توضيح بشأن معنى اقرب الآجال الممكنة في قاموس السيد رئيس الحكومة الشاب..

زحمة الأحداث ومسلسل الفضائح الأخلاقية المتواترة من القاضي الواقع في فخ المراهقة “الداعشية” إلى ورطة النائب لم تمنع التونسيين من متابعة أخبار الشخصيات المتوافدة على قصر الضيافة الذي تحول إلى مزار للقيادات الحزبية التي تنتظر دورها على أبواب المكتب المؤقت لرئيس حكومة الوحدة الوطنية والتقاط تصريحاتهم بشأن المفاوضات التي توشك أن تكون أطول من مفاوضات السلام في الشرق الأوسط أمام شروط البعض المجحفة وتمسك البعض بوزارات دون غيرها وإصرار آخرين على نصيب أوسع وكأن الأمر يتعلق “بزردة” لإطعام كل الأفواه المفتوحة التي نكاد نقرأ على وجوهها ما تردده في سرها أين نصيبي من الوزارة…
مرة أخرى تتحول عملية الترقب والانتظار للحكومة القادمة إلى مشهد فولكلوري يكشف مجددا للتونسيين عن توجهات شريحة واسعة من النخب السياسية حتى لا نقول جلها يصح وصفها بنخبة الكراسي والمناصب إذ يكفي التطلع إلى تصريحات ومواقف المغادرين لقصر الضيافة لنقف على ما يختلج في النفوس بشأن حرب المواقع التي تشغل كل طرف من هذه الأطراف …والأغرب تمسك بعض الوجوه التي لم يقف لها التونسي على انجاز يذكر بالبقاء في الفريق الحكومي القادم دون أن كلف نفسها لحظة لمراجعة أدائها ومحاسبة نفسها والحقيقة أن هؤلاء لا يتحملون المسؤولية وحدهم وهم الذين وجدوا أنفسهم في إطار لا يقبل بالمحاسبة ولا يخضع للمساءلة وينكر دور الكفاءات والخبرات أو ثقافة الرجل المناسب في المكان المناسب(بقطع النظر عن الجنس). وهذا في الحقيقة داء استفحل في السنوات القليلة الماضية مع استفحال منطق الغنيمة الذي بات يستنزف البلاد ويساهم في إضاعة وقت وتفويت الفرص حتى بتنا نرى من يستحق ومن لا يستحق أيضا يجاهر بحقه في التوزير والتنصيب بما يجعل من المسؤولية في الدولة أشبه بلعبة لإسكات الأطفال الأكثر هرجا…
والحقيقة أن في الإصرار على تقزيم وزارات دون غيرها والإصرار على اعتبار بعضها وزارات سيادة دون غيرها عقدة خطيرة يجب التخلص منها وكما أن الأمن والدفاع والخارجية وزارات سيادية مرتبطة بسيادة البلاد وأمن واستقرار شعبها فان الحقيقة أيضا أن بقية الوزارات سيادية فلا سيادة لبلد فرط في التعليم وفشل في كسب سلاح العلم ولا سيادة لبلد فرط في الفلاحة وفشل في تحقيق أمنه الغذائي والمائي ولا سيادة لبلد فرط في حاضر ومستقبل وثقافة شبابه الذي سيكون حصن المجتمع وأمله ولا سيادة لبلد دون صناعة ودون تطوير واستثمار للبحوث العلمية ولا سيادة لبلد عليل أهمل شؤونه الصحية ولا سيادة لبلد بلا بيئة تحترم حياة وكرامة البشر وقبل كل ذلك لا سيادة لحكومة لا تتمتع بالجرأة والحكمة ولا تملك نظرة استشرافية لتلبية طموحات ومطالب شعبها ولا سيادة لحكومة ليست مستعدة للتضحية لإنقاذ بلد قدم لكل المتنافسين على السلطة ما لن يستطيعوا معه رد الجميل مهما بلغت تضحياتهم…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *