وزير العدل يشرف على ملتقى وطني حول تطبيق المعايير الدولية لحقوق الانسان في القضاء التونسي

أكد وزير العدل غازي الجريبي، اليوم الجمعة، أن الوزارة بصدد العمل على أكثر من صعيد من أجل الارتقاء بواقع مرفق العدالة و دعم ثقة المواطن في جهاز القضاء، و ملاءمة الأحكام القضائية مع المعايير الدولية لحقوق الانسان.

و أفاد الجريبي، لدى إشرافه على إطلاق الدراسة الوطنية التونسية المقارنة و الدراسات الأخرى الخاصة بالبرنامج الإقليمي حول ” تطبيق معايير حقوق الانسان في القضاء الوطني “، بأن الوزارة تعمل على تطوير البنية التحتية عبر فتح محاكم جديدة لتقريب القضاء من المواطن، و تعمل على معالجة معضلة الاكتظاظ، و تحسين ظروف إقامة المساجين داخل السجون، و هو ما يتطلب مراجعة المنظومة الجزائية للتقليص من عدد الموقوفين الذي يقارب اليوم عدد المحكومين.

و بين أن مراجعة المنظومة الجزائية يتطلب مراجعة السلسلة الجزائية (إبتدائي، إستئنافي، تعقيبي) في الطورين الإتهامي والمجلسي، بهدف التقليص فيها واصدار الأحكام في آجال معقولة، منوها في هذا السياق بالنظامين الأنغلوسكسوني والألماني التي إعتبرها “الأنجع” نظرا إلى أنه لا يوجد فيها قاضي تحقيق أو دائرة اتهام.

و ذكر بأن وزارة العدل تعمل في إطار إصلاح مرفق القضاء، على تفعيل العقوبات البديلة وتغيير بعض القوانين، على غرار القانون عدد 52 المتعلق بالمخدرات الذي تمت المصادقة عليه أمس أثناء مجلس وزاري، وتعميم الإعلامية من أجل وصول قرارات محكمة التعقيب إلى كافة المحاكم في الإبان.

و إعتبر أن تركيز المؤسسات الدستورية الدائمة أو تنزيل أحكام الدستور المتعلقة بحقوق الإنسان في التشريعات الوطنية ” لاتكفي وحدها “، إذ لا بد من نيل ثقة المواطن و تجسيد تلك المبادئ في الواقع، مشيرا إلى أن الفصل 20 من الدستور وضع المعاهدات الدولية الموافق عليها في مرتبة أعلى من القوانين الوطنية، و هو ما يقتضي وفق تقديره الملاءمة بين المرجعيتين الدولية و الوطنية.

من جانبها، صرحت ممثلة ” معهد راؤول والينبرغ لحقوق الإنسان و القانون الإنساني ” إيمان صيام، بأن المعهد بصدد تنفيذ برنامج بالشراكة مع معاهد القضاء بكل من المغرب والجزائر وتونس وفلسطين و لبنان و الاردن و العراق، بدعم من الوكالة السويدية للتنمية الدولية، مضيفة أنه أطلق 7 بحوث ودراسات مقارنة بين القوانين الوطنية و الاتقافيات الدولية لحقوق الإنسان حسب اختيار كل دولة.

و لاحظت أن الدول العربية تواجه تحديا كبيرا بخصوص الاجتهادات القضائية، التي استطاع القاضي من خلالها اصدار أحكام تغلب فيها على اشكاليات عدم الملاءمة بين النصوص الوطنية والاتفاقيالت الدولية.
أما رئيسة المحكمة الإبتدائية تونس 1 وعضو فريق عمل الخطة الوطنية التونسية ثريا الجريبي، فقد أفادت بأن الشراكة التي تجمع المعهد الأعلى للقضاء و “معهد راوول والينبرغ ” تتضمن برنامجي عمل يتعلق الأول بوضع استراتيجية لدعم مبادئ حقوق الانسان وجمع الاجتهادات القضائية في الدول العربية المشاركة في مجالي حقوق الانسان وحقوق المرأة، فيما يتعلق الثاني بإعداد خطة وطنية حول موضوع ما، مشيرة إلى أن تونس قد اختارت موضوع ” الطفل الضحية “.

و بررت إختيار تونس لهذا الموضوع بحرصها على البحث في موضوع لم يتم تأطيره على الصعيد التشريعي التونسي، معتبرة أنه رغم ريادة تونس في حماية حقوق الطفل إلا أن تشريعاتها لم تشر بصفة صريحة لحقوق الطفل الضحية، وتمت ملاحظة نقص كبير في التشريعات وغموض في بعضها الآخر، حسب تعبيرها.

و أضافت أن الدراسة خلصت إلى إعداد ” دليل منهجي ” يتضمن ما تم التوصل إليه من إجتهادات قضائية، و ما تم تضمينه في الخطة الوطنية، مبينة أن جملة مخرجات الدراسات حثت المعهد الأعلى للقضاء على تدعيم مبادئ حقوق الانسان في الأحكام القضائية، و التأكيد على ضرورة أن يقوم القاضي بتطبيق ما ورد في الإتفاقيات الدولية حول حقوق الانسان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *