ارتفاع الأسعار والبطالة والفقر ونسب الجريمة: الانتخابات البلدية هي الحل .. بقلم كمال بن يونس

· إنقاذ ” الدولة الوطنية ” في تونس ممكن رغم انهيار أغلب دول المنطقة

 

تونس مغرب نيوز

في الوقت الذي تضخمت فيه معاناة التونسيين من ارتفاع الاسعار ونسب البطالة والفقر والعنف والجريمة ، أفرزت سلسلة المشاورات التي أجراها رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شفيق صرصار مع رئاسة الحكومة وقيادات الأحزاب الرئيسية توافقا على تنظيم الانتخابات البلدية في كل الحالات هذا العام في أجل أقصاه 17 ديسمبر القادم.

فهل ينجح هذا الرهان رغم كثرة الأطراف التي تضغط منذ مطلع 2015 من أجل تأجيلها أو إلغائها ؟

وهل تساهم هذه الانتخابات في منع انهيار الدولة الوطنية التونسية مثلما انهارت عديد الدول العربية والإسلامية ؟

وهل تستفيد الادارة ومؤسسات الدولة من احداث مجالس بلدية وجهوية منتخبة فتوقف مسار ظواهر الفلتان الامني والإداري والسياسي الذي تسبب في استفحال ظواهر الرشوة والفساد والبطالة والفقر والجريمة والعنف والإرهاب ؟

حسب تقارير البنك المركزي والمعهد الوطني للإحصاء فإن المؤشرات السلبية اقتصاديا وماليا واجتماعيا تراكمت بشكل يدعو للانشغال والتحسب لانفجارات اجتماعية عنيفة جدا.

ولا شك أن تفاقم مظاهر العجز المالي للدولة والعجز التجاري ونسب التضخم والبطالة والفقر يمكن تفسيره بعوامل عديدة من بينها القروض المتراكمة وخدمات الدين الموروثة عن مرحلة ماقبل جانفي 2011 ثم عن الحكومات المتعاقبة ..

لكن الاسباب أكثر تعقيدا وبينها غياب ” مرجعيات ” ذات شرعية في الادارة المحلية والجهوية بسبب عدم انتخاب المستشارين البلديين ..

مناخ الأعمال والاستثمار

في نفس الوقت تكشف تقارير صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومؤسسات الاستمثار الاوربية والعربية أن المشاكل المتراكمة ناجمة كذلك عن عاملين آخرين : غياب مناخ ملائم للاستثمار ونقص الاستقرار السياسي بسبب الافراط في تغيير الوزراء والولاة ورؤساء الحكومات .

وقد سبق للرئيس السابق المنصف المرزوقي وعدد من أعضاء حكومات الاعوام الستة الماضية أن قدموا أرقاما مفزعة عن عدد الاعتصامات والاضرابات العشوائية والقانونية التي شهدتها البلاد منذ ثورة جانفي 2014 . وقال المرزوقي أنها تجاوزت في عامي 2012 /2013 فقط 30 ألف اعتصام واضراب .

وقد تراجعت نسب الاضرابات والاعتصامات بشكل ملموس في العامين الماضيين .وتبدو الاوضاع مرشحة للتحسن بعد الاشارات الايجابية الصادرة عن الامين العام الجديد للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي وفريقه .

لكن الاوضاع ما تزال بعيدة جدا عن مرحلة الاستقرار الاجتماعي والامن الشامل الذي يطلبه المستثمر التونسي والعربي والاجنبي ليغامر باستثمار أمواله واحداث موارد رزق لمئات الالاف من العاطلين عن الشغل والفقراء والمهمشين .

وبالرغم من تراجع الاضرابات بشكل ملاحظ في القطاع الخاص فإنها تعاقبت في قطاعات رمزية مثل التعليم والصحة والقضاء والنقل والمالية..بما أزعج قيادات المنظمات المهنية ـ مثل كونيكت ـ واتحاد الصناعة والتجارة والفلاحة والصيد البحري وشركائها غير التونسيين..

ولا يخفى أن هذه المعطيات تضعف حماس رجال الاعمال التونسيين والاجانب على الادخار والاستثمار في كامل البلاد . وهو ما يفسر رحيل الاف المؤسسات الاوربية والعالمية نحو بلدان شقيقة او نحو شرق اوربا او افريقيا .

البيروقراطية والرشوة والفساد

مواطنون عاديون ورجال الاعمال الشبان وأرباب العمل أعربوا خلال الاشهر الماضية علنا عن استفحال بعض مظاهر البيرقراطية وانتشار الرشوة والتسويف ..بل ذهب البعض الى حد التحذير من ” الشلل ” الذي أصاب عدة ادارات محلية وجهوية ووطنية .

لماذا ؟

قد تتعدد الاجابات ..

وقد تتنوع التبريرات ..

لكن التحقيقات الميدانية كشفت أن من بين أخطر الأسباب التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه اجتماعيا واقتصاديا وأمنيا وسياسيا غلطة عدم تنظيم انتخابات بلدية وجهوية منذ الأشهر الأولى من 2011.

وقد كشفت دراسات عديدة أن غياب مجالس بلدية وجهوية منتخبة كثيرا ما عطل المشاريع التنموية في كامل البلادوهو ما يعني حرمان البلاد من الانجازات المقررة وحرمان مئات الاف من الشباب العاطل من فرصة على الحصول على شغل قار.

لماذا؟

السبب بسيط وهو غياب مجلس منتخبة تضم حوالي 7 آلاف مستشار بلدي يكونون قادرين على البت بصفة نهائية وقانونية في وضعيات المناطق الصناعية والبنية الاساسية ومشاريع التنمية الجهوية والمحلية المبرمجة رغم رصد الحكومات المتعاقبة لميزانياتها .

من يريد التأجيل أو إلغاء الانتخابات ؟

ولعل السؤال الذي يفرض نفسه هنا :من الذي يريد تأجيل الانتخابات البلدية والجهوية رغم الحاجة المتأكدة إليها لتحقيق كل مشاريع الاصلاح والتنمية والبناء .

نور الدين البحيري رئيس كتلة حركة النهضة في مجلس النواب أورد في تصريح لمغرب نيوز أن ” تأجيل الانتخابات البلدية المقررة لعام 2015 حصل أول الأمر بطلب من حزبي آفاق والوطني الحر اللذين أعلنا أنهما ليسا على استعداد للمشاركة وقتها “. بعبارة أخرى كانت الأغلبية البرلمانية المتكونة من نواب النداء والنهضة مستعدة للمشاركة وقتها مقابل الحزبين الصغيرين الذين كانا في حكومة السيد الحبيب الصيد “الرباعية الدفع” .

ثم تعاقبت التأجيلات تحت تبريرات سياسية وقانونية ..إلى أن وقع ” ابتكار” القضية الخلافية حول مشاركة العسكريين والأمنيين في التصويت وحول ” العتبة ” أي نسبة 3 بالمائة من الاصوات التي لا بد لكل قائمة أن تفوز بها كي تشملها عملية توزيع المقاعد..

ثم حسم الخلاف ووقعت المصادقة على القانون الانتخابي الخاص بالبلديات معدلا ..

ورغم ذلك يتواصل التسويف..

تغيير مرتقبة للمشهد السياسي ؟

بعض كبار السياسيين التونسيين مثل الاستاذ أحمد نجيب الشابي طالب علنا بعدم تنظيم الانتخابات البلدية في ظل ميزان القوى الحالي حتى لا تكون حركة أول مستفيد منها ، في ظل انقسامات الدستوريين والندائيين واليسار.

بينما تحرك عدد من الحقوقيين والناشطين في عالم الجمعيات ـ بينهم كمال الغربي ومعز بوراي ـ داعين الى تأجيل الانتخابات البلدية مجددا “حتى تكتمل شروطها القانونية واللوجيستية”؟؟

في المقابل أعلنت حكومة يوسف الشاهد وقيادة حزب النداء عن استعداد واضح للمشاركة في إنجاح الانتخابات البلدية والجهوية بمجرد إعلان رئيس الهيئة العليا شفيق صرصار عن استعداد مؤسسته لتنظيم العملية الانتخابية الجديدة .

عودة حزب النداء بقوة ؟

وخلافا لكل التقديرات عن ” الانهيار النهائي ” لحزب النداء برزت مجددا مؤشرات انتعاشته مجددا حول حافظ قائد السبسي وانصاره .

وبدأ مشوار تعزيز القيادة الحالية للحزب بكفاءات وطنية التحقت به أو بقيادته مؤخرا من بينها الاعلامي برهان بسيس والشيخ فريد الباجي والوزراء السابقون محسن حسن وماهر بن ضياء والوزيرة ماجدولين الشارني وخالد شوكات.

فهل تؤدي ” انتعاشة حزب النداء ” إلى انجاز الانتخابات البلدية والجهوية المؤجلة منذ أكثر من 6 أعوام ؟

أمل قد يتحقق ..

وقديسود مجددا مناخ الأمل والتفاؤل ، بما ينعكس ايجابا على قيمة الدينار التونسي وعلى كامل مناخ المال والاعمال في البلاد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *