هيئة الحقيقة و الكرامة : أزمة داخل أزمة و اتهامات بالفساد وخرق القوانين

مغرب نيوز-منية العيَادي

 

في الوقت الذي انتظر فيه الجميع أن تتفرَغ هيئة الحقيقة و الكرامة لدراسة الملفات التي تهاطلت عليها و القيام بمهامها في كشف الحقائق و الانتهاكات و أمام انتظارات الكثيرين ممَن يحملون آمالا في استرجاع كرامتهم و حقوقهم المسلوبة…تلوح أزمة جديدة داخل الهيئة طرفاها نائب الرئيس المقال و المعاد من طرف القضاء الإداري “زهير مخلوف” و المكلف العام بنزاعات الدَولة مليكة النَاصري.

النائب المقال زهير مخلوف صرَح أنَ الهيئة _و منذ استقالة 4 أعضاء سابقا ثمَ إعفائه من منصبه و عضويته رغم حكم القضاء الإداري لصالحه بالبقاء إضافة إلى التهديد بإستقالة 2 أعضاء رفعا قضيَة لدى المحكمة الإداريَة_ أصبحت في وضعيَة حرجة جدا كما اتَهم رئيسة الهيئة سهام بن سدرين و بعض الأعضاء الآخرين “باتباع أجندات سياسيَة و عدم الالتزام لا بالقسم الذين أدَوه و لا بالحياد و الشفافية و الإستقلاليَة التي نصَ عليها قانون الهيئة و تخريب مسار العدالة الإنتقاليَة بدءا من رئاسة الجمهورية ثمَ الحكومة ثمَ مع نزاعات الدولة وصولا إلى تحدي القضاء الإداري و المكلف العام بنزاعات الدولة يعني مؤسسات الدولة و أجهزتها الرسميَة “. 

و أشار زهير مخلوف إلى أنَ بن سدرين بصدد ” انتهاج استراتيجية تدفع بالهيئة نحو التصعيد و الأجندات السياسوية و الحزبويَة الضيقة لأنها اكتشفت بعد عامين و أربعة أشهر أنَها لم تقدر على انجاز شيء و هي الآن تقوم بدور الضحيَة حتى تقول للرأي العام إنَ الذين عطَلوا مسار العدالة الإنتقاليَة إمَا نزاعات الدَولة أو الحكومة أو بعض أعضاء الهيئة”.

كما أشار مخلوف إلى وجود الكثير من الإخلالات و الشبهات حول عمل الهيئة يراد به تحطيم مسار العدالة الانتقالية و لم تعد تعنى بملفَات الضحايا بل فقط بالمال أو بالتَحكيم و المصالحة في إشارة إلى وجود عمليات ابتزاز و متاجرة بالأموال العموميَة.

و أفاد أنَه سيعقد يوم 15 أكتوبر ندوة صحفيَة لكشف اللثام عن الدَور المشبوه الذي تقوم به الهيئة في شخص رئيستها بن سدرين. 

من جهة أخرى ينضاف إلى أزمة الهيئة ملف المكلف العام بنزاعات الدولة الذي وجه مراسلة رسمية إلى هيئة الحقيقة والكرامة حول المسّ من هيبة الدّولة بجلسة التحكيم والمصالحة المنعقدة بتاريخ 21 سبتمبر 2016 بعد رفض تمكينه من الاطلاع على المطالب المقدمة من طالبي التحكيم بسبب السرية وفقا لنظامها الداخلي الأمر الذي اعتبره مسَا من هيبة الدولة في شخص المكلف العام بنزاعات الدولة من قبل رئيس الجلسة “خالد الكريشي” ممّا اضطره للانسحاب من الجلسة التحكيمية كما اعتبر أنّ هيئة التحكيم والمصالحة لم تحترم مبدأ المواجهة كعنصر أساسي لتسيير الجلسات و طالب ب”تقديم اعتذار رسمي عمّا حصل بالجلسة و تمكينه من الإطلاع على جميع وثائق ملفات التحكيم والمصالحة بما فيه عرض المحتكم طبقا للقانون”.

المستشار المقرر الرئيس و ممثل المكلَف العام بنزاعات الدولة منير الشادلي اعتبر أنَ الهيئة “خرجت عن مبدأ الحياد برفضها تمكينهم من المطالب المعروضة على الهيئة من قبل طالبي التحكيم بتعلة السرية والالتزام بالنظام الداخلي للهيئة ” ، قائلا إن هذه المطالب « أساسية ووجوبية في عمل المكلف العام بنزاعات الدولة ». و أضاف أنَ الهيئة وضعت جانبا القانون الأساسي للعدالة الانتقاليَة الصادر عن المجلس التأسيسي و أصدرت قرارا _و هو مبدئيَا دليل إجراءات كي يتوصَل المتقاضي إلى المسلك الصَحيح لمعرفة حقوقه_ و أضافت إليه معطيات تتناقض مع القانون الأساسي.

و أشار منير الشادلي إلى أنَ أهداف العدالة الإنتقالية لا تتحقَق إلاَ بمبدأ الشَفافيَة لخلق بيئة تكون فيها الظروف المتعلقة بالأعمال المندرجة ضمن مسار العدالة الانتقالية متاحة و على الهيئة تفعيل القانون و تحديدا الفصل 46 الذي ينص على أنَ :”كل طالب تحكيم يجب أن يعتذر صراحة للشعب عمَا اقترفه.” 

من جهته اعتبر المحامي  نزار عيَاد أنَ هيئة الحقيقة و الكرامة شرَعت لنفسها قانونا مخالفا لقانون العدالة الإنتقاليَة عندما وضعت آجالا للإجراءات و صادرت حقَ الدَولة في إجراء الصلح حسب الفصل 26 و الذي يقول :” إذا لم تتفق الأطراف على حل ودي تصدر لجنة التحكيم و المصالحة قرارا تحكيميَا تفصل فيه جميع النقاط المتنازع عليها و في صورة اتخاذ قرار بثبوت المسؤوليَة فإنَ قرارها يتضمَن وجوبا تحديد قيمة التعويض المستحق و أوجه جبر الضرر الأخرى و مآل المصاريف”. أي أنَ الدولة إذا لم توافق على قيمة التعويض فإنَ هيئة الحقيقة و الكرامة هي التي تحدد قيمة التعويض ليس بقانون بل بدليل إجراءات.

و استنكر نزار عيَاد  كيف لهيئة الحقيقة و الكرامة أن تعطي لنفسها “بدليل إجراءات” الحقَ في إجراء الصلح في حق الدولة بل و تقييدها بآجال لاتخاذ إجراءات في ملفات منعت من الإطلاع عليها.

 هيئة الحقيقة والكرامة نفت سابقا ما ورد في البيان الذي أصدرته كتابة الدولة لأملاك الدولة والشؤون العقارية وطالبت فيه الهيئة بالاعتذار رسميا للمكلف العام بنزاعات الدولة عما حصل في جلسة 21 سبتمبر الماضي و قالت  إن ما ورد في البيان من إفشاء لسير الجلسات التحكيمية والتطرق إلى بعض النقاط الخلافية بين طرفي النزاع التحكيمي يشكل خرقا لأحكام قانون العدالة الانتقالية لاسيما الفصل 66 منه و مسَا من اعتبار الهيئة بصفتها هيئة عمومية واعتداء على هيبة الدولة.

هذا الجدل الكبير حول عمل هيئة الحقيقة و الكرامة و  الغموض الذي يلف دورها في تسيير العدالة الانتقالية فتحا عليها بابا من من الانتقادات و الاتهامات و التساؤلات التي تنضاف إلى كتلة المشاكل التي مرَت بها الهيئة سابقا بدءا بموجة الاستقالات و أولها استقالة نورة البوصلي وصولا إلى العروسي العروي ثمَ العريضة التي تقدَم بها 62 نائبا في أوت 2016 للمطالبة بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في شبهات فساد مالي و إداري ضدَ رئيسة الهيئة دون أن ننسى غتهامها بسرقة الأرشيف الرئاسي في أواخر حكم الرئيس السابق المنصف المرزوقي.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *