هل حسبت المملكة حساب “الرد الانتقامي” الذي قد لا يحتمله “المرفهون”؟! بقلم خالد الجيوسي

ما إن أعلنت وزارة الداخلية السعودية في بيان لها إعدام 47 شخصاً بينهم رجل الدين الشيعي الشيخ نمر باقر النمر، حتى ذهبت بي الذاكرة إلى تلك الخطابات “النارية البطولية” التي كان يلقيها الشيخ النمر في عقر دار النظام السعودي، وعلى مرأى ومسمع من قواتهم الأمنية، فالرجل من أبرز الوجوه المعارضة للعائلة الحاكمة في السعودية، لكنه لم يجلس في فنادق خمسة نجوم ليمارس معارضته المرفهة، هو جلس بكل ثقة بين أهله “الشيعة” المهمشين بمحافظة القطيف في المنطقة الشرقية، ونادى بعلو صوته نصرة للمظلومين، واليوم تعدمه السلطات كما تقول بحجة أو بذنب تأييده للمظاهرات “السلمية” التي خرجت مطالبة بأدنى حقوقها، علها تحصل على تلك المساواة و”الرفاهية” التي يتمتع بها أشقاؤهم “السنة” ممن لا يخالفون الكتاب والسنة، أو يكفروا فيها بالأحرى!
لا أعلم إن كانت السلطات السعودية تعلم بالكارثة التي ارتكبتها، فهي تسعى بقدميها إلى تأجيج نار الطائفية، وتحفيز النفوس على الانتفاض ضدها، لا أعلم إن جلس الحكماء في “مملكة النفط” قبل اتخاذ قرار تنفيذ حكم الإعدام بحق النمر، وربما من السذاجة أن نصدق أن القضاء السعودي “النزيه” فعلاً هو الذي حاكم الشيخ نمر وغيره، فالخوارج والتكفيريين الذين يحكم عليه بالإعدام في المملكة كما أشار البيان، لهم “كتيب” يتم استخدامه وقت الحاجة، ولا نعلم قوانينه حقيقة، فكما “خرج” الشيخ النمر عن الكتاب والسنة، اعتقل الشاعر الفلسطيني أشرف فياض، وقبله المدون رائف بدوي، والتهمة أيضاً تدور في فلك حجة الدين، وكأنما نصب الله “أحدهم” وكيلاً له في الأرض، حتى يصادروا من الإنسان حريته، ورأيه، وأفكاره، وحقوقه، وقلمه، فقط بحجة الحفاظ على هيبة الدين!
تعتقد الحكومات الديكتاتورية، والحكومة السعودية بالطبع ليست استثناء أنها بمصاردتها الحريات، وإعدام المطالبين بالإصلاحات أنها تستطيع تكميم الأفواه، ونشر الخوف بين شعوبها، وبناء احترامها على أساس الخوف، والرعب، نقول هذا زمن ولى، وكما أنجبت أرض القطيف أمثال الراحل الشيخ النمر، ستنجب غيره الكثير، ممن سيعتبروه قدوة، ومثالاً يحتذى لمواصلة الدرب، وإن كان محفوفاً بالمخاطر، من لا يعرفون الحرية، لا يدركون معنى أن تكون حراً، وإن حتى خلف القضبان، هم يتناسون، ولعلنا نذكرهم أن هنالك فرق بين لذة الحرية، وشهوة السلطة!
السلطات السعودية، وخلال كتابة هذه السطور كما أوردت الأنباء أرسلت تعزيزات عسكرية لمحافظة القطيف، وهذا يدل على أن المحافظة “الشيعية” على موعد مع هبة غضب سلمية عنيفة، قد تكلف السلطات السعودية ثمناً غالياً لإقدامها على إعدام النمر، وربما هناك من سيدخل على خط “التثوير الانتقامي” ضد السلطات السعودية، خاصة أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قالت على لسان علمائها قبل مسؤوليها، أن المملكة ستدفع الثمن باهظاً، وإعدام النمر ما هو إلا بداية نهايتها، فهل تدرك “مملكة التمور” أنها أضافت تحدياً جديداً إلى قائمة التحديات الخطيرة التي تواجهها؟ كان آخرها وهم كأهل مكة أدرى بشعابهم، لكن آخر القائمة نذكر إن نفعت الذكرى كان “بعبعاً” اقتصادياً قد لا يحتمله “المرهفون” أقصد “المرفهون”!
كاتب وصحافي فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *