مواجهة الإضراب العشوائي المدمّر للقباضات المالية

مواجهة الإضراب العشوائي المدمّر للقباضات المالية!!

بقلم زياد الهاني

الإضراب حق دستوري، لكن يوجد قانون ينظمه..

هذا القانون هو مجلة الشغل، فماذا يقول؟
أولا: في كل إضراب هناك إجراءات إعلام بآجال مضبوطة يجب القيام بها، وإلا يعتبر الإضراب غير قانوني.
ثانيا: كل إضراب يجب أن تصادق عليه المركزية النقابية، وإلا فهو غير قانوني.
ثالثا: كل إضراب غير قانوني يؤدي إلى قطع العلاقة الشغلية، بمعنى أنه يتم طرد العون القائم بالإضراب فورا دون أن يكون له أي حق في التعويض. كما يؤدي إلى تتبع جزائي عقابه السجن والخطية حسبما تضمنته مجلة الشغل نفسها.
بمعنى أنه لو عدنا إلى إضراب أعوان القباضات المالية الذي يتواصل للأسبوع الثاني على التوالي، يكفي أن نعلم بأن قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل غير موافقة على هذا الإضراب لنقول وبقطع النظر عن أسبابه بأنه إضراب غير قانوني. وبالتالي فإن القائمين به عرّضوا أنفسهم لعقوبة الطرد وقطع علاقتهم الشغلية، فيما عرّض الكتّاب العامون للنقابات الأساسية المحرضة على الإضراب فضلا عن ذلك أنفسهم لعقوبة السجن!!
فكيف تم التعامل مع هذا التجاوز الخطير الذي أضر بمصالح العباد والبلاد؟
الاتحاد العام التونسي للشغل باعتباره المنظمة النقابية المعنية بهذا الإضراب غير القانوني، اتخذ يوم الاثنين قرارا حازما بايقاف 12 مسؤولا نقابيا في قطاع المالية عن النشاط النقابي. وشمل قرار الإيقاف كتّابا عامين لنقابات أساسية لأسلاك الجباية والمحاسبة العمومية والإستخلاص، تابعة للجامعة العامة للتخطيط والمالية. أي أن قيادة الاتحاد التي دعت منظوريها للعودة إلى العمل ورفض دعوات الإضراب المشبوهة، كانت لديها القدرة على تطبيق قانونها الداخلي لفرض الانضباط. وهكذا تفعل كل قيادة تحترم نفسها وهياكلها..
لكن ماذا عن الحكومة؟
ماذا فعلت الحكومة المسؤولة على تطبيق القانون وفرض احترامه في البلاد؟
ماذا فعلت الحكومة وهي المتضرر الأكبر من حرمان خزينة الدولة من الموارد الجبائة التي تحصل عليها عن طريق القباضات المالية، للدفاع عن المال العام؟
ماذا فعلت الحكومة لوقف الضرر الكبير الذي تسبب فيه الإضراب العشوائي للقباضات المالية، للشركات المعطلة ولعموم المواطنين؟
ماذا فعلت لإشعار الناس بأنها قادرة على حماية حقوقهم ومصالحهم من فوضى الإضراب العشوائي، حتى لا يدفعهم الشعور بعجزها لردات فعل عنيفة ضد المضربين وضد قباضاتهم لا قدّر الله!؟
حكومتنا الرشيدة اختارت دفن رأسها في الرمل، ولم تكن لديها الجرأة حتى على تسمية الإضراب العشوائي باسمه والقول بأنه غير قانوني، فما بالكم بتطبيق القانون على المضربين، وعلى الأقل طرد رؤوس الفتنة من بينهم وإحالتهم على القضاء..
حكومتنا الرشيدة قالت أنها ستخصم سبعة أيام من أجور المضربين، وسترون كيف أن قلبها الرحيم سيجعلها تتراجع عن هذا القرار “الشجاع” بعد حين، لتحتسب أيام الإضراب داخلة في العطلة السنوية للمضربين حتى لا تضايقهم في أجورهم!!
حكومتنا تستحي من تطبيق القانون!! أي والله، حكومتنا الأنثى الحشّامة ذات الغنج والدلال السلطوي الرقيق، تستحي من فرض تطبيق القانون على المخالفين!!
لو لم يتخذ اتحاد الشغل إجراءات رادعة ضد النقابيين المنفلتين الذين أضروا بالبلاد والعباد، لقلنا أن الحكومة التي لا تجرؤ على رفع رأسها أمام القيادة النقابية “تسايس في روحها”، لأنه لا قدرة لها المسكينة على مخاصمة الاتحاد حتى عندما يتعلق الأمر بواجبها في تطبيق القانون المؤتمنة عليه!!
أما أن تجعلها “فوبيا النقابات” عاجزة عن تطبيق القانون، حتى على الذين اعتبرهم الاتحاد مارقين واتخذ إجراءات عقابية ضدهم، فذلك ما لا يمكننا تحمله!!
والله خربتوها الجمهورية، بعجزكم وتسبيقكم لحساب المحافظة على الكراسي، على حساب واجبكم في الدفاع على مصالح الوطن..
تحيا تونس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *