مهدي مبروك: ”الإخفاق الاقتصادي يهدد تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس”

قال مدير المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات ‘مهدي مبروك’، إن ”الإخفاق والعبء الاقتصادي المحمول على الحكومات، يبقى العنصر الابرز الذي يهدد تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس اكثر من العوامل السياسية أو العوامل الخارجية، التي لم يكن لها نفس التأثير في الثورة التونسية مقارنة بغيرها من الثورات”.

و أضاف مبروك، اليوم الجمعة 21 سبتمبر 2018، خلال أعمال المؤتمر السنوي السابع لقضايا الديمقراطية والتحول الديمقراطي، للمركز العربي للابحاث ودراسة السياسات، التي انطلقت اليوم الجمعة بمدينة الحمامات وتتواصل على مدى يومين، بمشاركة مجموعة من الاكاديميين والباحثين من عديد البلدان العربية، التي تمحورت حول ”مسألة العامل الخارجي واشكاليات الانتقال الديمقراطي في البلدان العربية بعد سنة 2011”، بأن التجربة التونسية عادت الى “دائرة التأثر بالعامل الخارجي”، خاصة بعد الصعود اللافت للاسلام السياسي وبروز “فوبيا” حقيقية من الارهاب، مشيرا الى ضرورة التعامل مع هذه العلاقة بكثير من الحذر، باعتبار الرهانات الجيواستراتيجية المطروحة، خاصة وان التأثير وارد سواء بالضغط او المفاوضات او الابتزاز او التوافقات، وفق تقديره.

و أوضح أن العامل الخارجي يحضر بكثافة في ثورات الربيع العربي، على غرار التدخل المباشر لمنظمة حلف شمال الأطلسي “الناتو” في ليبيا، بالاضافة الى التدخلات الخارجية في سوريا واليمن، بما يؤكد صعوبة تحديد نجاح الانتقال الديمقراطي او فشله بالإستناد الى العوامل الداخلية فحسب، خاصة في ظل التاثير الهام للقوى الاقليمية والدولية التي تحدد بشكل او بآخر مسارات الانتقال الديمقراطي، معتبرا أيضا، ان التعمق في اشكالية التأثير الخارجي مسألة ضرورية، خاصة وانه “مسموح به” في العلاقات الدولية، حيث لا يتم النظر اليه بمنطق اخلاقي مرتبط بالتدخل في الشأن التونسي بل من منظور العلاقات الدولية التي لها قوانينها واحكامها، والتي يجب على اصحاب القرار في تونس فهمها وتفكيكها، حتى يتمكنوا من مواجهة الرهانات المطروحة على التجربة التونسية، والقدرة على التفاوض والتسويات مع المحافظة على السيادة الوطنية.

و بين أن تأثر التجربة التونسية بالعامل الخارجي، مرتبط بما يعرف بـ “عولمة السياسة” وترابط الاحداث اقليميا ودوليا، على غرار مسألة الهجرة و الأمن، باعتبار ان الأوضاع في ليبيا له انعكاس مباشر على الأوضاع في تونس.

كما قال مبروك، إن الحديث عن استثناء تونسي في تحديد العلاقة بين العامل الخارجي والثورة التونسية، له اكثر من مبرر بما جعل التجربة التونسية “ملهمة لكن ليست تجربة للتصدير”، على حد قوله، معتبرا أن ما انجز في تونس منذ الثورة من تداول سلمي على السلطة وإصدار دستور جديد وتنظيم إنتخابات شفافة، فضلا عن إرساء الهياكل الدستورية تدريجيا، يؤكد صلابة المجتمع التونسي وقدرته على ايجاد التسويات حتى وان كانت عسيرة.

وبخصوص العامل الخارجي وعلاقته بالثورة التونسية وبالانتقال الديمقراطي في تونس، لاحظ مبروك، ان ”الدعم السياسي للثورة التونسية تأخر قليلا في بدايات الثورة على غرار موقف فرنسا والاتحاد الاوروبي، ليتطور لاحقا في فترة الانتقال الديمقراطي، ملاحظا أن دعم الملف الاقتصادي او ملف الهجرة لم يكن بنفس الحماس الذي شهده الدعم السياسي، ولم يساعد التجربة التونسية بل سهل تراكم اعبائها الاقتصادية”، وفق قوله.

وسيتطرق المؤتمر إلى اثر العامل الخارجي في عملية الانتقال الديمقراطي بالبلدان العربية، خاصة وان كل الابحاث والادبيات أولت أهمية اكبر لدور العوامل الداخلية وتأثيرها في الانتقال الديمقراطي، وتناست دور العوامل الخارجية رغم اهميتها في تحديد مسارات عديد الثورات في امريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية، وفق تعبير مهدي مبروك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *