من المستفيد من التلويح بالاضراب العام ؟ .. بقلم كمال بن يونس

وصلت علاقات الحكومة ومنظمات رجال الأعمال بقيادة الاتحاد العام التونسي للشغل شوطا جديدا من التصعيد ودفع الأوضاع نحو ” القطيعة والصدام ” .

فقد وقع الأمين العام للمنظمة النقابية أمس رسميا على برقيات التنبيه بالإضراب العام يوم 8 ديسمبر القادم.

ووجهت البرقيات مباشرة إلى رئاسة الحكومة في خطوة هي الأولى من نوعها منذ 2013 عندما تسبب شن إضرابين عامين في إسقاط حكومة ” الترويكا”.

ولعل الأخطر من هذا هو أنه من المقرر أيضا توجيه تنبيه بإضراب عام ثان سيهم المليونين ونصف من بين العاملين في القطاع الخاص وآلاف الشركات.

ولا شك أن فرصة إلغاء الإضراب العام الأول والثاني لا تزال واردة .

ولا شك أن كل الأطراف الاجتماعية والسياسية ستسعى إلى تجنب الزج بالبلاد في أزمات جديدة لأسباب عديدة من بينها أن كلفة إضراب عام واحد تحوم حول مليار دنيار أي أكثر من قيمة الزيادات العامة للأجور التي تسعى الحكومة إلى تأجيلها أو إلغائها .

إن القيادة النقابية وأطراف سياسية واقتصادية وطنية من مدارس عديدة تؤكد على تمسكها بخيار الحوار والتوافق وإنقاذ البلاد من مخاطر دفعها نحو الفوضى الداخلية والاقتتال والعنف على غرار” السيناريو الليبي “.

وفي هذه المرحلة التي كثرت فيها التجاذبات السياسية والحزبية ، بسبب الخلافات حول هيكلة ميزانية الدولة وقانون المالية ، تنوعت التهديدات الداخلية والخارجية التي تواجه البلاد.

والتحدي الكبير اليوم هو هل ستقبل كل الأطراف السياسية والاجتماعية تكريس قاعدة تبادل التنازلات خدمة للمصلحة العليا للبلاد وحماية لأمنها القومي أم يحصل العكس فتتعفن الأوضاع أكثر ؟

كل السيناريوهات واردة في ظرف تعاقبت فيه مؤشرات حرص أطراف مهنية وفئوية عديدة على تعطيل مشروع قانون المالية وتوجيهه خدمة لمصالحها .

في نفس الوقت تبدو الحكومة في مأزق سياسي لأنها تعهدت للشعب ولصندوق النقد الدولي بالضغط على الأجور ووقف الانتدابات. في المقابل فإن قيادات نقابات العمال ورجال الأعمال تتهمها بكونها صاغت مشروعي الميزانية وقانون المالية دون تشاور مسبق معها.

في الأثناء تتطور الأوضاع سلبا في المحيط الاقليمي لتونس وخاصة في الشقيقة ليبيا رغم جهود تسوية الحرب المدمرة فيها سياسيا .

وتوشك الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في تونس أن تتعفن أكثر إذا لم تنفرج الأوضاع في ليبيا بدرجة تسمح بتفعيل الحركة السياحية والتجارية في الاتجاهين .

كما توشك أوضاع المهمشين والشباب ان تزداد بؤسا وغموضا بما قد يؤدي إلى انفجار ” ثورات” جديدة لا يعلم أحد نتائجها المباشرة وغير المباشرة .

في هذا السياق العام تصبح أولوية الأولويات التفكير في المصلحة الوطنية أولا ووقف الصراعات الهامشية والاحتكام الجماعي مجددا لمائدة الحوار .

كمال بن يونس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *