سوريا حرب أوباما الأخيرة .. بقلم اسيا العتروس

اقترنت ولاية الرئيس أوباما الاولى بحصوله على جائزة نوبل للسلام بعد وعوده بالانسحاب من أفغانستان والعراق والسعي لإعادة الجنود الامريكيين الى بلادهم، وكانت جولات أوباما وتصريحاته المتفائلة من مصر الى تركيا عن حوار الحضارات والأديان، قد دفعت الكثيرين للتوهم بأن الرئيس الامريكي الشاب الذي رفع شعار » نعم نستطيع yes we can « ونجح في أن يكون أول أمريكي من اصول افريقية يحطم كل التابوهات، سيحمل معه الحلول لأزمات العالم وسيكون صانع السلام الذي تتطلع اليه شعوب كثيرة كانت ولا تزال تعتقد أن مفتاح كل الازمات في العالم يقع في المكتب البيضاوي..
أوباما وقبل أسابيع على انتهاء ولايته الثانية والاخيرة يتخذ قرارا بإرسال قوات أمريكية اضافية الى افغانستان لمساعدة الجيش الافغاني على مواجهة حركة «طالبان» التي تعود الى المشهد ثم يقرر ارسال قوات أخرى الى العراق لمساعدة الجيش العراقي في معركة استعادة الموصل التي يستعد لها، وكذلك تعزيزات الى المتوسط للمساعدة في التصدي لتنظيم «داعش» في سرت الليبية..
أوباما الذي أعلن دعمه لمنافسته السابقة وزيرة الخارجية الديموقراطية هيلاري كلينتون وصاحبة لقب «السيدة الامريكية الاولى السابقة»، يصر على أن يرث القادم الجديد للبيت الابيض حروبه التي أجبر على تحملها بدوره عن سلفه بوش الابن، والتي لم ينجح طوال السنوات الماضية في تطويقها أو محاصرة رقعتها فامتدت وباتت تنذر بالتوسع لتحرق المزيد من الاوطان التي حلمت بربيع عربي يحمل معه الديموقراطية الموعودة قبل أن يتحول الى اعصار يجرف كلما يصادفه..
وكما اقترن اسم الرئيس الامريكي ويلسنون بالحرب العالمية الاولى واقترن اسم ترومان بالحرب الكورية وجونسون بحرب فيتنام وكلينتون بالصومال ثم يوغسلافيا السابقة وبوش الاب بحرب تحرير الكويت وبوش الابن بحربي افغانستان والعراق، فسيقترن اسم اوباما بالإضافة الى افغانستان والعراق، بسوريا وليبيا واليمن.. حروب متواترة لم يكن بالإمكان توقعها ولكن كان بالإمكان تطويقها ولكن شيئا من ذلك لم يحدث فامتدت نيرانها أكثر وأكثر.
أوباما الذي سبق له أن اشتكى أمام الكاميرات من ضعف السمع والبصر بسبب تقدمه في السن، والاعتراف بأن أزمة سوريا أشعلت رأسه شيبا، سيغادر البيت الابيض وقد أضاف الى رصيده من الحروب جبهة جديدة في سوريا تضاف الى الجبهات المفتوحة في العراق واليمن وليبيا، ولكن – وهذا الاهم – فإن كل هذه الملفات العالقة ستفتح أمامه المجال لتقديم المحاضرات عبر العالم وجمع الأموال الطائلة، تماما كما فعل ويفعل من سبقوه في البيت الابيض او داونينغ ستريت…
طبعا الامر لا يتعلق باجتياح بري أمريكي في سوريا على طريقة السيناريو العراقي التقليدي أو السيناريو الافغاني والانتشار البري، فتلك مسألة لم يعد بالإمكان تمريرها على الرأي العام الأمريكي، ولكن الارجح أن يتحدد الامر خلال اللقاء الذي وصف بالحاسم، في توجيه ضربات قد تستهدف مواقع للجيش السوري أو قواعد عسكرية محددة أو مخازن للذخيرة، وهي مسألة لن تكون من دون تداعيات خاصة وأن القوات الروسية منتشرة بشكل متداخل مع القوات السورية وقد يؤدي استهدافها الى تعقيد المشهد أكثر فأكثر ليجعل من السوريين وقود حرب بين الروس والامريكيين ..
مستشارون مقربون من أوباما يحاولون دفعه للتحرك بقوة في سوريا قبل أن تفقد أمريكا ما تبقى لها من نفوذ هناك في صفوف المعارضة السورية التي تدعمها الى جانب حلفائها من الاكراد.. وقد وجد هذا الموقف دعما من جانب الحليف البريطاني في مثل هذه الملفات، حيث لم يتردد وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في الكشف عن ضرورة تعزيز بريطانيا وجودها العسكري في سوريا.
مشاورات الساعات الاخيرة للرئيس الامريكي باراك أوباما ومستشاريه في مجلس الامن القومي ستشهد الاعلان عن خياراته النهائية في سوريا وما اذا ستشهد الاسابيع المتبقية للرئيس أوباما في البيت الابيض اعلانه دخول بلاده الحرب على هذا البلد ليتأكد بذلك أن خليفته في رئاسة البيت الابيض سيتعين عليه أن يرث، بالإضافة الى ملف الحرب في العراق وأفغانستان، الحرب القادمة في سوريا…
ذاكرة أوباما صاحب جائزة نوبل للسلام ربما لم تدرك حتى هذه المرحلة أن انهاء الصراعات والازمات والحروب أعقد من إعلانها وأن البناء والاعمار أصعب دوما من الهدم والتخريب…
قد نجد أنفسنا بعد الانتخابات الامريكية القادمة إزاء العناوين والتوقعات ذاتها…

آسيا العتروس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *