مع تواصل تغييب الجانب الاقتصادي في البرامج الانتخابية.. أي حظ للاقتصاد في صلاحيات رئيس الجمهورية المقبل؟

خلت تقريبا جل البرامج الانتخابية للمترشحين لسباق الانتخابات الرئاسية من الجانب الاقتصادي بتعلة انه ليس من صلاحيات رئيس الجمهورية التي تتحدد فقط في التركيز على الدور التقليدي لهذا المنصب في ظل الدستور الجديد في كل ما له علاقة بالأمن وبالعلاقات الخارجية، في حين أن رئيس الجمهورية القادم ستكون له صلاحيات واسعة وأهمها تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية.
 

وأفاد محسن حسن وزير التجارة السابق في تصريحه لـ«الصباح» حول هذه المسالة بان جل المترشحين مخطئين في تقييمهم لدور رئيس الجمهورية، معتبرا أن الرجة الايجابية التي يمكن أن يحدثها الرئيس هي التي تخص الجانب الاقتصادي.
القطع مع الدور التقليدي للرئيس
وأضاف حسن أن رئيس الجمهورية هو الشخصية الجامعة والشاملة التي بإمكانها أن تلعب دورا مهما في توحيد كل السياسيين حول توجه اقتصادي موحد ويكون محل توافق من قبل جميع الأطياف السياسية على غرار وثيقة قرطاج 1 و2 والتي كانت عبارة عن مبادرة صادرة عن رئيس الجمهورية الراحل الباجي قائد السبسي في شكل حزمة من الحلول والاقتراحات الاقتصادية.
وتابع محدثنا في ذات السياق رئيس الجمهورية الجديد سيجد نفسه مضطرا لإعداد وثيقة قرطاج جديدة،  لان المشهد السياسي في الفترة المقبلة سيكون عبارة عن فسيفساء وخليط من كل الطيف السياسي، وهو ما سيدفع الرئيس الجديد إلى تجميع كل الفرقاء حول برنامج اقتصادي واجتماعي موحد ليكون التوافق هو الحل خاصة أن البرلمان لن يهيمن عليه هذه المرة حزب واحد دون غيره وسيكون خليطا من الأحزاب حسب التوقعات المنتظرة بعد نتائج الانتخابات التشريعية.
وأمام تهميش الجانب الاقتصادي في برامج الأحزاب المترشحة للرئاسية، شدد الوزير السابق على أهمية دور رئيس الجمهورية خاصة في ما يتعلق بالدبلوماسية الاقتصادية والحال أن الاقتصاد التونسي يعد من اكبر الاقتصاديات في المنطقة الأكثر انفتاحا على الخارج، معتبرا أن رئيس الجمهورية مطالب في الفترة القادمة بتفعيل الدبلوماسية الاقتصادية في العديد من المجالات أهمها دفع التصدير وجلب الاستثمارات وتشجيع التونسيين المقيمين بالخارج لتحويل أموالهم باتجاه تونس، فضلا عن دفع السياحة باعتبار أن هذه الجوانب من صلاحيات الرئيس خلاف لما يتم تداوله حول الدور التقليدي.
الاقتصاد مجازفة للمترشحين
من جهة أخرى، يرى عدد من المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي أن تغييب جل المترشحين للجانب الاقتصادي في برامجهم الانتخابية مرده حساسية هذا المجال، وكل وعد يخصه في هذه الفترة سيكون كما السيف على رقابهم في قادم الأيام، معتبرين أن عدم توظيف المترشحين لعلاقاتهم في الاقتصاد وتثبيت منصب الرئيس على انه شرفي، هو خطأ كبير لابد من تصحيحه في الانتخابات الحالية. وهذا ما تعتمده العديد من البلدان المجاورة على غرار المثال التركي.
وتبعا للمؤشرات والإحصائيات المتعلقة باقتصاد البلاد، نتبين أن الوضع الاقتصادي يتطلب ضرورة إطلاق جملة من الاقتراحات والحلول  في ما يتعلق بتوسع عجز الميزان التجاري والميزانية العامة وانزلاق الدينار والتجارة الموازية وارتفاع نسبة التضخم…
وعلى خلفية خلو برامج المترشحين من الجانب الاقتصادي، أطلق عدد من الخبراء الاقتصاديين منذ يومين والبالغ عددهم 70 مختصا مبادرة تحت اسم «الاقتصاد من اجل تونس» للبحث عن أهم الاقتراحات والأفكار أمام عدد من ممثلي الأحزاب السياسية تزامنا مع الاستعدادات للانتخابات الرئاسية والتشريعية، وتتضمن هذه المبادرة 32 مقترحا شملت تقريبا كل المجالات الاقتصادية باعتبار أهمية الاقتصاد في نجاح البرامج السياسية في المرحلة القادمة.
وكان وزير المالية السابق حكيم بن حمودة قد ارجع سبب إطلاق هذه المبادرة إلى تواصل تأزم الوضع الاقتصادي في البلاد وتجاهل الاقتصاديين في الحوار العام وخلو البرامج السياسية من الخطط الاقتصادية، مشددا على أهمية تشريك كل مكونات الطيف السياسي في البلاد في هذا الوقت بالذات لإيجاد حلول للمشكلات التي تواجه اقتصادنا والتي على رأسها المديونية وانزلاق الدينار وتراجع نسبة النمو الاقتصادي، فضلا عن ارتفاع نسبة التضخم…
وحول الاقتراحات والأفكار المطروحة في هذه المبادرة الأولى من نوعها والتي تنتظر من يتبناه من الأحزاب السياسية من اجل إنقاذ اقتصاد تونس تتمثل بالأساس في 32 مقترحا تتمحور حول 6 تحديات كبرى للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية والشروع في انتقال اقتصادي حقيقي من قبيل الاستقرار الذي يتطلبه الاقتصاد التونسي وعودة النمو والاستثمار وزيادة جدوى الأسواق..

الصباح الاسبوعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *