معركة تحرير سرت: داعش يفقد تدريجيا قاعدته الخلفية

نجحت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني الليبية في محاصرة تنظيم الدولة الإسلامية بمعقله في سرت، بعد شهر على انطلاق معركة تحرير المدينة. وأمام التقدم السريع للقوات الحكومية قام تنظيم الدولة بتنفيذ ثلاث هجمات انتحارية، استهدفت تجمعات لقوات حكومة الوفاق، جنوب شرقي مدينة سرت، وغربها.

شن تنظيم الدولة الإسلامية الأحد ثلاث هجمات انتحارية بسيارات مفخخة استهدفت تجمعات لقوات حكومة الوفاق الوطني الليبية في محاولة لوقف تقدمها في سرت بعد شهر على بداية العملية العسكرية الهادفة إلى استعادة المدينة من أيدي المتشددين. وقتل في هذه الهجمات عنصر واحد من القوات الحكومية، وأصيب أربعة آخرون بجروح متفاوتة الخطورة، قبل أن يشن سلاح الجو التابع للقوات الحكومية غارات على مواقع للتنظيم المتطرف في وسط سرت (450 كلم شرق طرابلس).

وقال رضا عيسى من المركز الإعلامي الخاص بعملية البنيان المرصوص في تصريحات صحافية، “وقعت ثلاثة تفجيرات بسيارات مفخخة يقودها انتحاريون من تنظيم الدولة الإسلامية استهدفت قواتنا في سرت”. وأوضح أن الانتحاري الأول فجر سيارته على بعد أمتار من تجمع للقوات الحكومية قرب مستديرة أبوهادي في جنوب شرق سرت بينما استهدف الانتحاري الثاني تجمعا للقوات غرب المدينة، والانتحاري الثالث مستشفى ميدانيا في المنطقة ذاتها. وفي وقت لاحق، أعلن المركز الإعلامي على صفحته في موقع فيسبوك أن العمليات الانتحارية الثلاث أدت إلى مقتل عنصر من القوات الحكومية وإصابة أربعة آخرين نقلوا إلى مستشفى مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس).

كما أعلن المركز أن سلاح الجو التابع للقوات الحكومية شن في أعقاب الهجمات الانتحارية غارات استهدفت “مواقع لتمركزات وآليات لداعش وسط سرت”. وظهرت في صورة نشرها المركز آليتان عسكريتان تابعتان للقوات الحكومية وقد دمرتا بالكامل جراء أحد التفجيرات الانتحارية، بينما ظهرت في صورة أخرى ثماني آليات عسكرية وقد تعرضت لأضرار كبيرة جراء التفجير ذاته الذي استهدف تجمعا للقوات عند المدخل الغربي لمدينة سرت.

وبعد شهر من بدء العملية العسكرية الهادفة إلى استعادة سرت، أصبح تنظيم الدولة الإسلامية محاصرا في منطقة تمتد بين وسط المدينة الساحلية وشمالها، بحسب ما أكدته القوات الحكومية التي أحكمت سيطرتها على المرافق الرئيسية بعدما نجحت في استعادة ميناء المدينة، الجمعة. ويأتي دخول قوات حكومة الوفاق إلى الميناء استكمالا للتقدم الذي أحرزته هذه القوات خلال الأيام الماضية وتمكنت خلاله من السيطرة على القاعدة الجوية الرئيسية في سرت ومعسكرات فيها. وقتل في عملية البنيان المرصوص منذ انطلاقها قبل نحو شهر 140 من عناصر قوات حكومة الوفاق الوطني وأصيب حوالي 500 عنصر بجروح، وفقا لمصادر طبية في مدينة مصراتة، مركز قيادة العملية العسكرية.

وتستخدم القوات الحكومية في معاركها مع التنظيم المتطرف الدبابات والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ، بينما تخوض مجموعات منها مواجهات مباشرة مع عناصر التنظيم بين المنازل. وتتشكل القوات التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية في سرت من جماعات مسلحة تنتمي إلى مدن عدة في غرب ليبيا، أبرزها مصراتة التي تضم المجموعات الأكثر تسليحا في البلاد إذ تملك طائرات حربية من نوع “ميغ” ومروحيات قتالية.

ونشأت هذه الجماعات المسلحة في العام 2011 خلال الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام معمر القذافي. لكن هذه الجماعات احتفظت بأسلحتها وأصبحت اللاعب العسكري الأبرز في ليبيا والأكثر تأثيرا في أمنها. كما تخوض قوات حرس المنشآت النفطية الموالية لحكومة الوفاق معارك مع التنظيم المتطرف شرق سرت. ونجحت في استعادة قرى وبلدات من التنظيم في الأيام الماضية. وأثار التقدم السريع لقوات حكومة الوفاق في سرت ترحيبا دوليا. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان لها إن القوات التابعة لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج “تخوض معركة أساسية” ضد الجهاديين.

وتتطلع الدول الأوروبية الداعمة لحكومة الوفاق الوطني إلى القضاء على تهديد داعش الذي استغل الفوضى الأمنية في ليبيا للتوسع في هذا البلد الغني بالنفط ولا يبعد سوى بضع مئات من الكيلومترات عن السواحل الأوروبية. وفي ظل تراجعه في سوريا والعراق، ستشكل خسارة سرت نكسة كبيرة للتنظيم المتطرف بعدما كانت هذه المدينة على مدى العام الماضي قاعدة خلفية له يجند فيها المقاتلين الأجانب ويدربهم على شن هجمات في دول أخرى. كما تأمل الدول الأوروبية أن يدفع القضاء على تنظيم الدولة السلطات في طرابلس إلى التركيز على مكافحة الهجرة غير الشرعية من الأراضي الليبية نحو أوروبا.

 

المصدر : العرب اللندنيَة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *