معدلات النمو بين رحمة المطر وقسوة الجفاف بقلم عبد النبي أبوالعرب

خرج الوزير بوسعيد مؤخرا ليعلن أن معدل النمو سيكون أقل من 2 في المائة خلال سنة 2016، عازيا ذلك إلى تراجع القيمة المضافة للقطاع الفلاحي.

قبل ذلك، كان البنك الدولي قد حدد نسبة النمو لسنة 2016 في معدل 1.7 بالمائة. أما المركز المغربي للظرفية فقد حدده في 1.2 بالمائة، والمندوبية السامية للتخطيط (HCP) في معدل 1.3 بالمائة، وبنك المغرب حدده في نسبة 1 بالمائة !

كل هؤلاء بنوا اعتباراتهم بالأساس على محدودية محصول الحبوب المنتظر في أقل من 40 مليون قنطار، في حين أن تكهنات الحكومة كانت مبنية على 70 مليون قنطار.

إنها نفس القاعدة : إذا جاد الله بالمطر جادت الأرض بالحبوب، وتحركت عجلة الاقتصاد لتحقق معدلات نمو قد تصل إلى 5 بالمائة، إذا كانت باقي القطاعات الإنتاجية وكان الطلب الخارجي على صادراتنا في صحة جيدة.

هذه هي قصة سنة 2015 التي حقق فيها المغرب محصولا زراعيا استثنائيا وصل إلى 115 مليون قنطار ! فكان أن ساهم هذا المحصول في تحقيق نسبة نمو متقدمة، تجاوزت 5 بالمائة !

تكهنات محصول الحبوب لسنة 2016 تراجعت من 70 مليون قنطار إلى 33.5 مليون قنطار من الحبوب، ما سينخفض بالقيمة المضافة للقطاع الفلاحي ب7,3 في المائة مقارنة بسنة 2015. الحصيلة تراجع نسبة النمو المنتظرة لتقترب أكثر من معدل تكهنات المؤسسات الاقتصادية التي سبق الحديث عنها، وهو 1.3 بالمائة !

لننتبه، لقد كان من الممكن أن تكون الكارثة أكبر وأعظم. لقد كان الجفاف يعني ببساطة نموا سالبا بالنسبة للمغرب. ما يفيد أن المغرب حد من كونه اقتصادا مطريا ! وقد تم تحقيق ذلك على مستويين.

الأول هو أننا بدأنا نعيش بعض آثار مجهودات المغرب الأخضر. فالأرقام تؤكد أنه بغض النظر عن الحبوب، سيسجل المحصول الفلاحي لسنة 2016 أداء جيدا، لاسيما إنتاجات زراعة الأشجار المثمرة (زائد 15 في المائة)، والزراعات الصناعية (زائد 5 في المائة) والزراعات النباتية (زائد 5 في المائة). أما الثاني، فهو يرتبط بباقي القطاعات الاقتصادية التي تجر اليوم معدلات النمو إلى الأعلى، ونخص بالذكر قطاعات السيارات والطائرات والفوسفاط.

إلا أنه من الضروري التأكيد على أن وزن هذه القطاعات لازال محدودا، ولم تتمكن من التأثير الهيكلي على باقي الاقتصاد الوطني. فمحركات الاقتصاد في بلادنا لم تتخلص بعد من وقود الأمطار !

ما الحل إذن ؟ الحل الأول هو في الحد من آثار الجفاف على القطاع الفلاحي، بالتحكم في مخازن المياه ببناء المزيد من السدود، خاصة التلية والصغيرة، بهدف توسيع المساحات السقوية. مع ضرورة تفعيل كل أبعاد المغرب الأخضر، خاصة آليات الري الصناعية لترشيد استعمال المياه، والرفع من مستوى المكننة بالقطاع للرفع من الإنتاجية. أما الحل الثاني، فهو في المزيد من تنويع الروافد القطاعية للاقتصاد الوطني، حيث باستثناء قطاعي السيارات والطائرات، لا تعيش باقي القطاعات دينامية حقيقية في الاستثمار والنمو، حيث جل المجهودات الاستثمارية هي اليوم موجهة للبنيات التحتية والتجهيزات البنيوية، كالموانئ والطرق والمحطات اللوجيسيكية. لا بد من تنويع القطاعات الإنتاجية والرفع من قدراتها التصديرية !

إن ربح معركة معدلات ليست بالرهان السهل، وهو موضوع سنعود إليه في مقالات مقبلة.

*أستاذ جامعي، دكتوراه في علوم التدبير والتسويق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *