مشروع الميزانية واﻻنتقال اﻻقتصادي … بقلم محسن النويشي

ﻻيزال اﻻنتقال اﻻقتصادي الفريضة الغائبة في الثورة التونسيةرغم أن منطلقها ومشعل شرارتها عربة الشهيد البوعزيزي رمز اﻻستحقاق اﻻقتصادي اﻻجتماعي .ولئن نجحت النخبة التونسية في تحقيق اﻻنتقال السياسي رغم اختتﻻفاتها وتجاذباتها وإرتباطاتها فإنها لم تهتدي إلى اﻻن إلى طريق تحقيق اﻻنتقال اﻻقتصادي الذي يجب أن ينطلق من تصور واضح لمنوال تنمية جديد تساهم في إعداده كل اﻻطراف الفاعلة والمتدخلة في الشأن اﻻقتصادي وكل أصدقاء بﻻدنا الذين يهمهم نجاح ثورتها وإستقرار ديمقراطيتها وذلك من خﻻل إطﻻق مبادرة بالدعوة لحوار وطني إقتصادي إجتماعي يبني ويراكم على ما سبق ويضع اﻻسس والسياسات الكبري التي تمكن من خلق الثروة وبناء اﻻقتصاد الوطني عبر مراجعة موقع الدولة في العملية اﻻقتصادية الذي حددته سياسات تعاقبت على البﻻد من اللبرالية الى اﻻشتراكية جعلت من الدولة المالك اﻻكبر في البﻻد والمحتكر اﻻساسي للثروة مع ضعف استفادة المجموعة الوطنية منها وخاصة القوى الصاعدة من شباب وخرجين. كما ألغت السياسات السابقة دور المجتمع اﻻهلى في العملية اﻻقتصادية بظرب كل مظاهر اﻻقتصاد التضامني .
هذه القضايا وغيرها تحتاج إلى حوار وخارطة طريق اقتصادية لعل مبرراتها متوفرة بمناسبة ما يدور من جدل حول مشروع قانون المالية والميزانية وما ينتظر الساحة من ردود أفعال من مختلف اﻻطراف اﻻجتماعية التي قدتصل بالبﻻد إلى حافة الهاوية مثل سنة 2013.
إن أوضاع بﻻدنا اليوم مهيأة لخوض هذا الحوار الذي بدونه ﻻيمكن التجاوز وذلك باﻻعتماد على وثيقة قرطاج التي تشكلت على أساسها حكومة الوحدة الوطنية وبالرجوع إلى مشروع المخطط الذي أعدته حكومة السيد الحبيب الصيد ومخرجات الحوار اﻻقتصادي السابقة.
لقد بدأت تبرز بعض اﻻفكار الكبرى التي بمكن أن تمثل أرضية للحوار أهمها :*فكرة تقاسم اﻻعباء و التضحيات التي يجب أن تمثل توجها صادقا من الجميع حكومة وأعرافا وعماﻻ ومحامين وأطباء ومهندسين وكل فئات المجتمع وﻻترفع كشعارظرفي أو لمخادعة طرف دون غيره.
*اﻻصﻻح الجبائي الذي ﻻ يجب أن يتم على حساب الفئات الضعيفة دون التوجه لكبار اﻻثرياء خاصة وأن وثيقة قرطاج قد نصت على مقاومة الفساد واﻻصﻻح الجبائي .
*إصﻻح منظومة الضمان اﻻجتماعي :خاصة بعد ما أورده وزير الشؤون اﻻجتماتية من أرقام مفزعة حول حالة الصناديق التي تمثل المؤسسات العمومية أكبر مدين لها علما وأن تلك المؤسسات هي اﻻخرى في وضع ﻻتحسد عليه .
إن مؤسسات الرئاسة والحكومة ومجلس نواب الشعب ومؤسسات المجتمع المدني اﻻتحاد العام التونسي للشغل واﻻتحاد الوطني للصناعة والتجارة واﻻتحاد الوطني للفﻻحة والصيد البحري وكل الفاعلين اﻻقتصاديين واﻻجتماعيين مدعوون ﻻعﻻن حالة الطوارئ اﻻقتصادية بالدخول بالتوازي في عمليتين حواريتين على نفس اﻻرضية وبنفس المنطلقات .*اﻻولي :حول مشروع قانون المالية والميزانية بما يمكن من إعتمادها بالتوافق ودون ان تكون على حساب طرف دون غيره مع البحث على مصادر أخرى لتغطية العجز مثل اﻻكتتاب أو القرض الوطني
*الثانية :حول السياسات اﻻقتصادية الكبرى والمنوال التنموي ثم المخطط اﻻقتصادي . المطلوب حوار إقتصادي إستراتيجي يضع أسس النهوض اﻻقتصادي لتونس ومستلزماته ودور كل اﻻطراف فية بروح وطنية توافقية مسؤولة ﻻ يخرج عنها إﻻ من عزل نفسه .ويختتم قبل موفى السنة المالية القادمة لتعتمد مخرجاته في إعداد ميزانية 2018
هذا الحوار يمكن أن ينطلق تحت إشراف مشترك بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني واﻻحزاب الممثلة في البرلمان .فهل تقدر النخبة التونسية على إستكمال المشوار وإعطاء المثال بتقديم نموذج كامل في اﻻنتقال الديمقراطي والتقدم بثبات نحو تحقيق أهدف الثورة هذه المرة قبل الوصول إلى حافة الهاوية بتجنيب البﻻد التوترات اﻻجتماعية والهزات التي قد تعصف بما تحقق من مكاسب ولنا في تاريخنا البعيد والقريب شواهد؟؟
نسأل الله الحفظ لبﻻدنا والتوفيق والسداد لشعبنا ونخبه .●●●●●
■■محسن النويشي تونس في 25أكتوبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *