أعلنت باريس وقيادات الاتحاد الاوربي ومسؤولون أمميون عن “مبادرة انسانية عاجلة لانقاذ ما لايقل عن 130 الف مدني محاصر في مدينة حلب السورية ” يحرمون من العلاج والغذاء بعد أن شمل القصف المستشفيات وسيارات الاسعاف والبعثات الطبية والغذائية الاممية …
وطالبت باريس والعواصم الاوربية أمس القيادة الروسية بوضع حد ” للحصار” المفروض على ” البعثات الانسانية ” وبالسماح بنقل المرضى والجرحى والمصابين لمحاولة انقاذ حياتهم .
يسجل هذا التطور في مرحلة أكدت فيها مصادر عديدة تحقيق ” تقارب روسي ايراني مع تركيا وواشنطن ” من أجل ايجاد ” تسوية سياسية للأزمة التي تزداد تعقيدا في سوريا منذ 6 أعوام “.
وقد تسببت هذه “الازمة” الى حد الآن في مقتل مئات الاف من العسكريين والامنيين والمدنيين الموالين لنظام بشار الاسد وحلفائه و المعارضين له .
وبالرغم من الاعلان عن أكثر من ” هدنة ” بين قوات النظام والقوات الروسية والايرانية ” من جهة و” المجموعات المسلحة ” الموالية للعواصم الغربية والخليجية وأنقرة من جهة أخرى ، فإن المواجهات المسلحة سرعان ما تنفجر ، وسط اتهامات متبادلة ب” خرق الاتفاق” ؟؟
ولن يختلف اثنان في كون حصيلة ” الثورة السورية ” التي بدأت سلمية ثم وقعت في ” فخ التسليح” تسببت الى حد الآن في كوارث انسانية وسياسية وأمنية للشقيقة سوريا ولغالبية دول المنطقة …
كما لن يختلف اثنان في كون احدى نتائج ” الربيع العربي ” في سوريا تشريد نحو 15 مليون سوري داخل بلدهم وخارجه بعد أن تعرضت أغلب المدن والتجمعات السكنية والعلمية والاقتصادية الى القصف من قوات قوات النظام وحلفائه أو من قبل ” ميلليشيات مسلحة ” متعددة الألوان والولاءات اقليميا ودوليا .
ويدفع عشرات ملايين العرب اليوم في سوريا والعراق واليمن وليبيا وبقية الوطن العربي ثمن ” حرب عالمية ثالثة بالوكالة ” تخوضها الدول العظمى واسرائيل وايران وتركيا في المنطقة ..بهدف اعادة ” بناء النظام الاقليمي الجديد ” واعادة رسم ” خارطة الدول العربية والاسلامية ” التي وقعت صياغتها قبل قرن على ضوء نتائج الحرب العالمية الاولى .
ولا شك أن جهود وكالات اغاثة اللاجئين والمنكوبين بالحروب والحصار ينبغي أن تلقى ترحيبا من قبل كل أنصار حقوق الانسان والقيم الكونية في العالم ..وتحديدا في المجتمعات العربية والاسلامية التي تربطها علاقات مميزة ثقافيا وسياسيا واقتصاديا ، ماضيا وحاضرا ومستقبلا ،مع شعوب سوريا والعراق واليمن وليبيا وفلسطين ولبنان والصومال …الخ
لكن لابد من الاشارة إلى حقيقتين كبريين :
· الاولى هي أن أوضاع ملايين النازحين واللاجئين العرب من فلسطين الى اليمن ومن سوريا والعراق الى ليبيا لم تعد تقبل التسويف ولن تجدي معها بعض ” بيانات المساندة “. بل المطلوب خطوات عملية فورية لانقاذ حياة المدنيين والجرحى والمرضى والاطفال والجياع والمشردين ..
· ثانيا : ان الاوضاع الانسانية الكارثية للمدنيين السوريين ـ داخل بلدهم وخارجه ـ لا ينبغي أن تبرر ” سياسة المكيالين ” المعتمدة في الامم المتحدة وعواصم الدول الغنية عند تعاملها مع الملفات الحقوقية والسياسية في المنطقة بسبب ” تناقض الاجندات ” بينها وحرص كل ” حكومة ” على توظيف دماء الشعوب المنكوبة بالحروب من أجل تحقيق ” مصالحها القومية ” وخدمة ” امنها القومي”.
على كل صناع القرار في اوربا والعالم إذن أن يدركو أن ” القنابل الموقوتة ” التي فجرتها الحرب السورية وبقية حروب ” الربيع العربي ” يمكن أن تنفجر في وجه الجميع ..لأن العالم أصبح قرية صغيرة يمكن أن تنتشر فيه بسرعة فيروسات العنف والفوضى .
كمال بن يونس