ليبيا …تأجيل مرتقب للانتخابات

مغرب نيوز- عزيزة بن عمر

مخرجات باريس جدا واضحة وصريحة، انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل نهاية هذا العام الذي تتأكل أيامه الباقية بسرعة، على ان يسبق الانتخابات توحيد مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها الحكومة والجيش والمصرف، وان يتفق الليببيون على قاعدة دستورية للانتخابات. انفض لقاء باريس بتعهد اركان الصراع على مخرجاته وبشهادة عشرين دولة، لكن ما ان انفض الاجتماع حتى برزت العراقيل واحدة تلوى الاخرى، واهم هذه العراقيل الانقسام حول مشروع الدستور بين الخصمين الرئيسيين، وتمرير قانون الاستفتاء على هذا المشروع.

الأمم المتحدة :” فرضية تأجيل الانتخابات الليبية واردة جدا “

و في ظل استمرار انسداد الطرق التوافقية بين الأطراف الرئيسية في ليبيا قبل أقل من 4 أشهر على هذا الموعد الانتخابي وغياب أيّ ترتيبات أمنية وفنيّة وقانونية لهذا الحدث، لمّحت بعثة الأمم المتحدة إلى فرضية تأجيل عمليات الاقتراع إلى العام المقبل.

وفي آخر تصريح له، على صفحة البعثة بموقع “تويتر”، فاجأ المبعوث الأممي غسان سلامة الليبيين، بتحوّل مواقفه، بعد تراجعه عن تعهداته وحديثه عن إمكانية تأجيل الإنتخابات، حيث قال إن “البعثة تسعى بجديّة للوصول إلى الانتخابات، إن تمكنت، في آخر العام، فهذا أمر جيد، وإن استغرق الإعداد لها أسابيع أخرى، فلن يكون الأمر مأساويا”.

ويأتي هذا الإقرار بعجز البعثة عن تطبيق خطتها، في وقت تستعد فيه إيطاليا لتنظيم مؤتمر حول ليبيا شهر نوفمبر القادم، ستسعى من خلالها إلى إقناع المجتمع الدولي، بضرورة تأجيل الانتخابات في هذا البلد الممزّق والفوضوي، إلى حين استقرار الأوضاع، وتوفير الأطر القانونية والظروف الأمنية التي تسمح بإجرائها.

عراقيل مشروع الدستور الجديد :

مشروع الدستور الان بين خصمين، أحدهما مؤيد لهذا الدستور ويتهم بانه وراء صياغته، وفريق اخر يرفضه لاعتقاده بان الاسلاميين قد فصلو ثوبه على مقاسهم. وللفريقيين ثقل قادر على تأزيم الوضع، لكن لم يتقدم أي منهما بمخرج يمكن ان يستأتس به في العبور بالدولة الى بر الأمان. ضف على ذلك صعوبات أخرى تكمن فيمن سيتولى الاشراف على عملية الاستفتاء والانتخابات المزمع عقدها، فكل فريق من الفرقاء يتمسك بوهم الشرعية. في الشرق لازال البرلمان والجيش يتعاملا مع الحكومة المؤقته برئاسة السيد عبد الله الثني باعتبارها حكومة شرعية، وقد يسعيا جهدهما الى عرقلة أي جهود تستبعد حكومة الثني من الاشراف على عملية الاستفتاء والانتخابات المزمعة. وفي الغرب تنال حكومة السراج المدعومة من مجلس الدولة وقوات البنيان المرصوص ومجلس الامن بالشريعة، وهي مفوضة في حالة تمرير قانون الاستفتاء على عملية الاشراف عليه، وستعمل القوة المؤيدة لها في الدفاع عن شرعيتها المكتسبة من اتفاق الصخيرات وضمان حقها في الاشراف على الاستفتاء و الانتخابات.

الإشكالية الكبرى في الحقيقة لا تكمن في الانتخابات البرلمانية، فيكاد يتفق الجميع على ضرورة انتاج جسم شرعي جديد يحل محل الاجسام الحالية التي انتهت شرعيتها جميعا. لكن يضل المشكل الكبير في الانتخابات الرئاسية، فمشروع الدستور اذا تم تمريره بشكله الحالي سيقصي طيف من الليبين، تماما كما حدث عند تمرير قانون العزل السياسي. وسيدخل البلد في معترك حاملي الجنسيات الأجنبية التي يستثنيها مشروع الدستور في مادته رقم (99). واذا امكن قبول هذه المادة بالنسبة لإعضاء البرلمان، فانه من الصعب تمريرها على قيادة الجيش والكتل النيبابية الموالية له، والتي ترى في حفتر مرشح لها، وتعتقد ان هذه المادة تستهدفه شخصيا. كما لا يمكن قبول تعديل هذه المادة من كتلة الإسلاميين والتي صرح رئيسها في مجلس الدولة الى انه سيصوت بنعم رغم انه لم يقراء المسودة، مما يفسر اطمئنانه الى انها فعلا تستهدف خصمه قائد الجيش المشير خليفة حفتر.

النزاعات المسلحة :

رأى الناشط و المحلل السياسي كمال الشريف، إن إجراء الانتخابات نهاية العام الحالي “يكاد يكون أمراً مستحيلاً”، وأن البعثة الأممية باتت مقتنعة بهذا الواقع رغم الجهود التي بذلتها لإقناع كل الأطراف بجدوى خطتّها، مؤكداً أن الأوضاع الحالية والتطورات على الساحة السياسية “تذهب كلها في اتجاه تأجيلها إلى العام القادم”.

وأوضح الشريف في تصريح صحفي أن “الحالة الليبية والأجواء الداخلية غير ملائمة لتنظيم الانتخابات بشكل سليم”، في ظل غياب الشروط القانونية بعد فشل البرلمان في المصادقة على مشروع الاستفتاء على الدستور، وعدم وجود ترتيبات أمنية وعسكرية مع استمرار انتشار السلاح والميليشيات، وكذلك غياب أي ضمانات لاحترام نتائجها، بعد تجارب سابقة فاشلة أدت إلى الأزمة الحالية.

ولم يقدّم البرلمان الليبي، أيّ تقدم في مشروع الاستفتاء على الدستور الدائم للبلاد، حيث فشل في تمريره، بسبب غياب النصاب اللازم للموافقة على القانون، بعدد 120 عضواً، خلال جلستين متتاليتين، شهدت إحداهما وقوع اشتباكات مسلحة بين المؤيدين لتمريره والمعارضين لذلك، أسفرت عن إصابة أحد النواب بطلق ناري.

وإذا أقرّ البرلمان قانون الاستفتاء في جلسته القادمة المقررة بعد عيد الأضحى، فإن تأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية سيصبح هو الطرح الأقرب، حيث سيستغرق تنفيذ عملية الاستفتاء وإصدار قانون الانتخابات وقتاً كبيراً، قد يمتد إلى العام المقبل.

وفي هذا السياق، تنّص المادة 12 من الإعلان الدستوري المؤقت، على أن مشروع الدستور، يطرح للاستفتاء عليه بنعم أو لا خلال 30 يوماً من تاريخ اعتماده، فإذا وافق الشعب الليبي على المشروع بأغلبية ثلثي المقترعين، يتمّ اعتماده دستوراً للبلاد، أما إذا لم يتمّ التوافق عليه، تقوم الهيئة بإعادة صياغته وطرحه مرة أخرى للاستفتاء خلال مدة لا تتجاوز 30 يوماً من تاريخ إعلان نتائج الاستفتاء الأوّل، ثم يصدر مجلس النواب قانون الإنتخابات العامة وفقاً للدستور خلال 30 يوماً من تاريخ إصدار الدستور، على أن تجرى الانتخابات العامة خلال 120 من تاريخ صدور القانون المنظم لذلك.

الحل في إحياء دستور 1963 لاجراء الانتخابات في موعدها :

يضل الحل الأمثل … السهل الممتنع …. في احياء دستور 63، فدستور 63 لم يلغى وانما فقط جمد، وبالتالي لن تكون هناك إشكاليات كبيرة في احيائه، وهذا الدستور يرضي جل الليبين ولن يختلفوا عليه الا فيما يضن ان الزمن قد تجاوزه، وهو امر يسهل التعامل معه. لكن اهم ما في احياء دستور المملكة انه يحل مشكلة الرئيس، فالامير الوريث الشرعي لعرش المملكة موجود وله طموح ان يلعب دور في إعادة الدولة، وهو شخصية مرغوبة ومفضلة عند الشرق الليبي، ولن يعترض الغرب الليببي عليه كما فعل سلفهم مع مؤسس المملكة ادريس السنوسي. أي انه شخصية مقبول، لا جدال حوله، ووجوده وتحمله لمسؤلية المرحلة يعفي الخوض في مسألة الخلاف حول المنصب الرئاسي ويلغي الحاجة اليها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *