ليبيا.. اتفاق الصخيرات في مرمى نيران النفط

اشتعل الوضع على الأرض في الهلال النفطي، شمال وسط ليبيا، يوم أن شنت “سرايا الدفاع عن بنغازي” هجومها على المنطقة قبل أيام، فطالت نيران الاشتباكات اتفاق “الصخيرات” السياسي، ما قد يُنسف بجهود أية مبادرة إقليمية ودولية تُسهم في حل الأزمة الراهنة الذي يعيشها هذا البلد، وفق مراقبين. فيوم أمس الثلاثاء، صوت مجلس نواب طبرق، بإجماع الحاضرين، على إلغاء اعتماد اتفاق الصخيرات، على خلفية هجوم “سرايا الدفاع عن بنغازي” الذي استهدف منطقة الهلال النفطي، الأسبوع الماضي. 

وكان اتفاق الصخيرات الموقع نهاية عام 2015 برعاية أممية، قد نصّ على إنشاء مجلس رئاسي ليبي يتيح تشكيل حكومة وفاق وطني، غير أن هذه الحكومة لم يتم تنصيبها من ذات المجلس. وبهذا، يعني قرار الأمس، أن مجلس النواب لم يعد يعترف بالمجلس الرئاسي ولا أية جهة أو هيكل منبثق عن ذلك الاتفاق.

المحلل السياسي الليبي “فرج دردور” قال للأناضول إن مسالة إلغاء اتفاق الصخيرات “ليس بالشئ الجديد لأن مجلس النواب لم يُفعِل هذا الاتفاق أصلاً”. وأضاف “خطوة المجلس هي مجرد عملية تصعيد وإعلان حرب وسد الطريق عن الحوار”. “دردور” اعتبر أيضاً أن الأمر بمثابة “عرقلة للحور، فضلاً عن المواجهة”، و”ردة فعل على ما يبدو إزاء عدم قدرتهم على صد الهجوم الذي قامت به سرايا بنغازي”. كما رأى أن هناك “رسالة” من وراء إلغاء الاتفاق، وهي أن مجلس طبرق “لا يريد أي حوار، وماضٍ في عملية الحرب والتخريب”.

يُذكر أن برلمان طبرق، كان قد أصدر في 26 جانفي 2016، قراراً باعتماد اتفاق الصخيرات، لكنه في الوقت ذاته أعلن تحفظه على بعض مواده وبنوده، مطالبا بتعديلها. ورغم اعتماده الاتفاق في ذلك الوقت، إلا أن البرلمان لم يُضّمنه في الإعلان الدستوري (دستور مؤقت يُسير البلاد) لإضفاء الشرعية الكاملة لحكومة الوفاق الوطني الذي يترأسها فايز السراج. وفي كلمته، بعد التصويت أمس، قال رئيس مجلس نواب طبرق، عقيلة صالح، إن البرلمان قرر أيضاً “تعليق مشاركته في الحوار السياسي الذي ترعاه البعثة الأممية في ليبيا”. 

و تعليقاً على هذه الجزئية، قال المحلل السياسي “فرج دردور”، إن “المجلس لم يدخل في الحوار حتى يخرج منه، و لم يتفق عليه حتى يلغيه. الأمر كله رد فعل غاضب نتيجة فقدان شي لم يكن يتوقعه”. التصعيد في منطقة الهلال النفطي، لاقى ردود فعل إقليمية ودولية، طالبت الأطراف الليبية بالالتزام بالحوار السياسي كسبيل وحيد للأزمة القائمة. دولياً، قال الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا مارتن كوبلر، إن التصعيد العسكري في منقطة الهلال النفطي يعرض العملية السياسية للخطر ويهدد بنشوب نزاع أوسع نطاقاً.

وشدد كوبلر في بيان نشر على الموقع الإلكتروني للبعثة الأممية أن “الأولوية العاجلة هي التخفيف من حدة التوترات ومنع وقوع المزيد من الخسائر في الأرواح وضمان أن تكون البنية الأساسية الوطنية والموارد الطبيعية الليبية تحت سيطرة السلطات الشرعية”. وأضاف “يبين هذا العنف غير المقبول في منطقة الهلال النفطي مرة أخرى ضرورة انخراط جميع الأطراف جديا في العملية السياسية في إطار الاتفاق السياسي الليبي”.

و تابع البيان أن “الأمم المتحدة تقف على أهبة الاستعداد لاستضافة أية آلية شاملة تجمع أطرافا ليبية مفوضة      و تمثيلية قادرة على حل هذه القضايا التي تعيق تنفيذ الاتفاق. فتسوية سياسية تشمل الجميع يتم التوصل إليها عن طريق التفاوض هي وحدها التي يمكنها أن تؤدي إلى السلام و الأمن و الاستقرار في ليبيا”. إقليمياً، ناشد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، كافة الأطراف الليبية، “التمسك بالخيار السلمي والحوار السياسي التوافقي وآلياته لاستعادة السلم والاستقرار وإعادة الطمأنينة للشعب”. كما كشف أبو الغيط، عن اتصالات لعقد اجتماع رباعي دولي لدفع جهود السلام في ليبيا، يضم الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة .

و بالعودة لإلغاء اتفاق الصخيرات من قبل مجلس طبرق، رأى المحلل السياسي الليبي “محمود اسماعيل” أن “اتخاذ القرار في هذا التوقيت، هو نوع من اللعبة السياسية من أجل إعادة توظيفه”. وأضاف إسماعيل في حديث مع الأناضول: “لا شك أن هناك تبعات قانونية وسياسية نتيجة لإلغاء الاتفاق الصخيرات، وما سيترتب عليه هو خروج مجموعة كبيرة مثمتلة في إيقاف ما يتعلق بالمجلس الرئاسي”. وأشار اسماعيل إلى أن العالم مدعو الآن إلى إمكانية خلق بديل “ولذلك سيكون لزاماً، إما إعادة صياغة اتفاق جديد و هذا ما يسعي له البعض، و كذلك النظر فيما يتعلق بالمتحاورين ثم النظر للمعطيات و المتغيرات الواقعة على الأرض”.

أما اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا (غير حكومية)، فأعربت في بيان لها، عن استيائها الشديد ورفضها للقرار الذي قالت إنه “يُنسف بجهود الحوار والوفاق والمصالحة السياسية”. وبينت أنه “سيكون له تداعياته الخطيرة على الوحدة الوطنية والاجتماعية والجغرافية، وعلى جهود إحلال السلام و الاستقرار في البلاد”.

عن وكالة الأناضول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *