نحاول في هذا المقال أن نرصد أهم الأحداث التي طبعت النصف الأول من  2017 في ليبيا و تأثيراتها من مختلف النواحي على الجوار و المنطة ككل

تمهيد

شهدت سنة 2017 مزيدا من الاضطراب في العملية  السياسية المتعثرة أصلا  وقد مثل رفض حفتر لقاء السراج في مصر انتكاسة حقيقية للحل السياسي  والمراهنين عليه. كما شهدت المدة الاخيرة ضمور وضعف تأثير المؤسسات المنبثقة عن اتفاق الصخيرات وعجز مصرف ليبيا المركزي عن تسييل الأموال.  فيم لم يفرز الحوار السياسي عن تغييرات عملية ذات انعكاسات على الواقع واستمرت معانات المجالس المحلية ومعها المواطن البسيط من جهة عدم توفر الخدمات الأساسية. ورغم أن المشهد فوضوي وان الصراع حاد والتصادم العسكري ينبئان باستمرار حالة الإنسداد السياسي إلا أنه تم تسجيل مبادرات وجهود عدد من المؤسسات الأهلية  لمحاولة الدفع باتجاه مصالحة أهلية شاملة.

1.    الواقع السياسي

تم تسجيل اتساع الشقة بين الأطراف المتصارعة حيث لم ينجح مجلس النواب في تشكيل لجنة ممثلة عنه في الحوار كما سجل تحفظ على عدد من الاتفاقات التي امضاها الرئاسي (إفاقيات ذات طابع دولي) فيما غاب المجلس الأعلى للدولة في الفترة الأخيرة عن المشهد متأثرا بصراعاته مع حكومة الغويل  والإنعكاسات السياسية و الميدانية لذلك.

لذا فإنه من المتوقع استمرار حالة الانسداد السياسي بين مختلف الأطراف رغم تواصل مباحثات متعددة الاطراف مع مصر محاولة حلحلة الوضع وفيما يحاول المجلس الأعلى للدولة عقد اجتماعات داخل ليبيا (السراج ,كوبلر) وخارجها (تونس,سفير امريكا بليبيا,القاهرة) فإن رقعة رفض النواب لمخرجات الصخيرات تشهد إتساعا متسارعا.

ورغم المجهودات المبذولة للتهدئة عقب الاضطرابات على خلفية احداث بوسليم  فإن المجلس الرئاسي لم ينجح في تذليل الصعوبات وتفادي  مظاهر التصادم السياسي و العسكري بسبب اتساع  نفوذ الحكومات و تداخل مناطق نفوذها (الانقاذ و الوفاق خاصة)

كل ما سبق لم ينف مناقشة مؤسسات مدنية معنية بالمصالحة (حراك نعم للمصالحة) وتشديده على أهمية المضي في خطط عملية لذلك لكن المتوقع ان المصالحة لن تأتي بالجديد في المدى المنظور خاصة في ظل عدم الجدية في حل بعض الخلافات وتأييد بعض الهيئات الرسمية لأطراف خارجية وعلاقة بها.

2.    الواقع الأمني

لوحظ استمرار حالة الهشاشة الأمنية في طرابلس خاصة وعامة المدن الليبية  وأبرزها مواجهات في بوسليم وجنزور  وعدد من المناطق طرابلس (تداعيات مهمة تنبؤ بتحولات هامة) فيم تتواصل معارك محتدمة في بنغازي  أفرزت واقعا أمنيا وإنسانيا على غاية من السوء.

كما أن ما يحدث في الجنوب من تحركات مريبة وقصف متكرر من قوات الكرامة نجم عنه  وعليه فإنه من غير المتوقع تغير الأوضاع. ويجدر في هذا الباب التذكير بحالة الإنقسام  العسكري و انعكاساتها على دول الجوار (مصر,تونس والجزائر) أمنيا

رسم رقم 2: الانقسام العسكري في ليبيا

حيث نلاحظ خاصة على الحدود الجزائرية تواجدا لقوات الطوارق مع تماس طفيف للتبو بما يجعل من الجبهة ساخنة وما يعطى مبررا لحالة الإستنفار الدائمة التي ترفعها الجزائر على حدودها الشرقية الجنوبية. أما على الحدود التونسية فيقتسم النفوذ مكونات عدة أبرزها :

-المكون الامازيغي بمختلف تشكيلاته (نالوت,جادو ,يفرن و غيرها) و التي تجتمع في مسمى الجبل الغربي

– مكونات محلية منتمية إلى تشكيلات مجلس شورى الثوار

– فيم تسيطر قوات الكرامة (الجيش التابع لحفتر) على منفذ مساعد البري مع مصر والمنطقة الممتدة بينه وبين البيضاء وصولا إلى السدرة غربا

 

البشير الجويني باحث في العلاقات الدولية و ديبلومسي سابق