ابتهال عبد اللطيف لمغرب نيوز: مشاركة المرأة في نحت مسار العدالة الإنتقالية جعل تونس مثالا يحتذى به

نسعى إلى إعادة الإعتبار للنساء الضحايا و ضمان عدم تكرار الإنتهاكات

سنكون الحصن الذي يحمي النساء ضحايا الإستبداد

 

مغرب نيوز-منية العيادي

 

تركت مشاركة النساء ضحايا الإستبداد و خاصة سجينات الرأي في فترة النظام السابق في تأثيث جلسات الإستماع العلنية لهيئة الحقيقة و الكرامة الأثر البالغ في قلوب التونسيين خاصة مع سردهنّ لأساليب التعذيب الوحشية التي تعرضن لها  و بقيت ملامحهن مطبوعة في أذهان كل من شاهد الجلسات .

هذه الشهادات هي عيّنة من بين آلاف النساء التي تبنّت لجنة المرأة بهيئة الحقيقة و الكرامة قضاياهنّ و قد تواصلنا مع رئيسة اللجنة ابتهال عبد اللطيف و هي في نفس الوقت نائبة رئيس لجنة التحكيم و المصالحة و ناشطة فاعلة في المجتمع المدني  شغلت منصب رئيسة جمعية نساء تونسيات قبل الدخول إلى الهيئة كما قامت بالعديد من البحوث حول سجينات الرأي في تونس و إنتهاكات حقوق الإنسان متحصلة على شهادة الماجستير و كانت رسالتها تتمحور حول “العمل السياسي النسائي في تونس” إضافة إلى أنها بصدد الإعداد لرسالة الدكتوراه.

و كان لنا معها الحوار التالي

 

 لماذا وقع تخصيص لجنة للمرأة بهيئة الحقيقة و الكرامة ؟

تم إنشاء لجنة المرأة صلب الهيئة كآلية أساسية لمراعاة خصوصية النساء و هي تعمل بشكل أفقي مع الخمس لجان الأخرى التابعة للهيئة حيث منح النظام الداخلي للهيئة الصلاحيات التامة للجنة المرأة للتواجد في كل اللجان المتخصصة لضمان معالجة فاعلة و منصفة لملفات الإنتهاكات التي تعرضت لها نظرا لكون الآثار الإجتماعية للإنتهاكات التي طالت النساء تكون أعمق و أشد و أقسى و لذلك فإن اللجنة سعت إلى  التواصل مع الضحايا و مساعدتهن و إقناعهن بالإنخراط في مسار العدالة الإنتقالية و تقديم ملفاتهن  و الحفاظ على سرية المعلومات و المعطيات الشخصية.

و تسعى الهيئة في مرحلة أولى و على المدى القريب إلى إعادة الإعتبار للضحايا و إلى جبر الضرر و تقديم الرعاية النفسية و الإجتماعية لهنّ و تهدف على المدى البعيد إلى ضمان عدم تكرار هذه الإنتهاكات و إتخاذ إجراءات و آليات تضمن ذلك فقد كان لي الشهر الماضي لقاء باسم رئيسة لجنة المرأة مع لجنة الحقوق و الحريات بمجلس نواب الشعب لتقديم رؤية في قانون إنهاء العنف ضدّ النساء و قدمنا مقترحات و مشاريع قانون لضمان عدم تكرار العنف السياسي و الجنسي ضدّ النساء و مراعاة كرامة المرأة التونسية.

كيف يتم التواصل مع النساء الضحايا و دراسة ملفاتهن ؟

 هناك آلاف النساء من الناشطات الحقوقيات و السياسيات تعرّضن إلى عديد الانتهاكات، الممنهجة في عهد الإستبداد من ضرب و سجن و تعذيب و انتهاكات جنسية قدّمن ملفاتهن إلى الهيئة و لجنة المرأة بالهيئة تعمل على إسترجاع كافة حقوقهن من خلال إعدادنا لإستراتيجية تبنّتها الهيئة تراعي خصوصية كافة النساء بدءا من لحظة إيداع الملفات بإحداث مكاتب إستقبال مخصصة للنساء ضمن مكتب الضبط و أيضا نسعى إلى ضمان سرية الملفات و المعلومات باعتماد نظام التشفير عند دراسة ملفات النساء الضحايا و الشهود خلال جميع مراحل التقصي و تسجيل الإفادة .   و من ضمن برامجنا أيضا توفير الإحاطة النفسية بالنساء و مرافقتهن في كافة المراحل بالتنسيق مع وحدة صحية و نفسية بالهيئة بهدف توفير التأطير النفسي للضحايا كما قمنا بتخصيص وحدات إستماع متنقلة لفائدة الوضعيات الخاصّة مثل المرضى و كبار السّن . 

كان هناك عزوف من النساء في البداية ؟

في البداية كان هنالك عزوف أو قلة إقبال من النساء خاصة مع وجود معوقات إجتماعية و ثقافية و عدم جرأة من البعض للحديث عن الإنتهاكات بإعتبار أن المرأة الضحية هي أكثر تعرّضا إلى الوصم الإجتماعي من الرجل  لذلك قمنا بحملات تحسيسية كبرى قبل 15 جوان 2016 و تنقلنا في كل الجهات و وقع التواصل مع عديد النساء للإقتراب منهن أكثر و إقناعهن بتقديم الملفات و استطاعت اللجنة كسب تحدي كسر جدار الصمت و الحواجز الإجتماعية و النفسية التي تحول دون انخراط الضحايا في مسار العدالة الإنتقالية و إيداع ملفاتهن و المشاركة في جلسات الإستماع العلنية  .

هل تعرضت بعض النساء اللاتي ظهرن في الجلسات العلنية إلى حملات تشويه ؟

للأسف الشديد هناك حملات سلبية تحاول تشويه بعض الضحايا من النساء و المسّ من كرامتهن لجرأتهن وسط مجتمع متحفظ ، في تقديم شهادات، تتحدثن فيها عن انتهاكات أغلبها جنسية و رغم الإنتقدات فإن ذلك لم يثنِ النساء عن عزمهنّ ففي استبيان أعدّته لجنة المرأة و شارك فيه عدد من الضحايا النساء من عدة ولايات عبرت 66% من النساء عن استعدادهن لتقديم شهادتهن دون أي حماية لهويتهن أو تغطية وجوههنّ.  

و الهيئة أيضا حريصة على حماية الضحايا فنحن لا نريد للنساء أن يقعن في نفس الصدمة و يتعرضن إلى الهرسلة مرة أخرى فحمايتهن و الحفاظ على كرامتهن مسؤوليتنا الأوّليّة .

تم تنظيم إستشارة وطنية حول برنامج جبر الضرر ما هو دور لجنة المرأة في هذه الإستشارة ؟

الإستشارة الوطنية حول البرنامج الشامل لجبر الضرر لضحايا إنتهاكات حقوق الإنسان أشرفت عليها لجنة مشتركة في هيئة الحقيقة و الكرامة تتركب من ممثلين من لجنة المرأة و لجنة جبر الضرر و لجنة حفظ الذاكرة و لجنة البحث و التقصّي و هي تضمّ الضحايا و المجتمع المدني من منظمات و جمعيات حقوقية و تنموية و كافة المواطنين و إخترنا القيام بهذه الإستشارة لأن الهيئة ستقدم قريبا رؤيتنا الشاملة في برنامج جبر الضرر و لكي لا تكون رؤيتها مسقطة على المجتمع قررنا رصد تصورات و انتظارات الضحايا و تشريك مختلف المتدخلين و الفاعلين لطرح تصوراتهم و تشريك جميع مكونات المجتمع المدني في بلورة البرنامج كما تهدف الاستشارة إلى التوعية بمختلف أشكال جبر الضرر و ردّ الاعتبار التي تقوم لا على التعويض المادي فقط بل و المعنوي أيضا إضافة إلى استرداد الحقوق و إعادة التأهيل و الإدماج.

و تتمثل هذه الإستشارة الوطنية في ورشات حوار مع المجتمع المدني،داخل الأقاليم و ورشة حوار مع ممثلي أجهزة الدولة، و قد تناولت المواضيع التالية ; جبر الضرر الفردي، جبر الضرر الجماعي، جبر ضرر المناطق المهمشة، خصوصية النساء في جبر الضرر و موضوع صندوق الكرامة . و قريبا سيتم عقد مؤتمر وطني في تونس للإعلان عن توصيات هذه الإستشارة .

و خلال تنقلنا إلى الجهات في إطار هذه الإستشارة  أبهرت بآراء و مقترحات المشاركين و المشاركات فهناك من طالبت بيوم وطني للنساء ضحايا التعذيب و منهن من طالبت بمساعدتها في العودة إلى مقاعد الدراسة .

هل تلقيتم بعض الإنتقادات خلال الإستشارة ؟

تم توجيه بعض الإنتقادات للهيئة في بداية الإستشارة هنالك من يعيب علينا البطء في الإجراءات و التقصير في التعامل مع الملفات و لو أنّ هناك بعض التأخير فذلك بسبب التدقيق في معالجة الملفات و حتى تكون النتيجة أجدى و أفضل بالأكيد .

و نعتبر أنّ الإستشارة كانت فرصة للتعمّق في عدد من المسائل و إيجاد حلول لبعض الإشكاليات خاصّة و أننا لاحظنا وجود حلات صعبة تتطلب التدخل العاجل لذلك يعتبر صندوق الكرامة إحدى الآليات الكفيلة بإيجاد حلول لكل ضحايا الإنتهاكات الجسيمة و الممنهجة على معنى القانون الأساسي للعدالة الإنتقالية.

اللجنة قامت بإبرام عديد الشراكات مع منظمات دولية ماهي أبرزها ؟

أبرمت لجنة المرأة بهيئة الحقيقة و الكرامة عدّة إتفاقيات مع منظمات دولية منها إمضاء بروتوكول تعاون بين هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين و تمكين المرأة و إمضاء إتفاقيتي تعاون الأولى مع المركز الدولي للعدالة الإنتقالية في مجال مقاربة النوع الإجتماعي و الثانية مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي كما تم إبرام مذكرة تفاهم مع مركز الدراسات التطبيقية لحقوق الإنسان بجامعة يورك للمملكة المتحدة.

قمتم بتمثيل تونس مؤخرا في مؤتمر لجنة وضعية المرأة بالأمم المتحدة ؟

نعم مثلت تونس في منتصف شهر مارس المنقضي في مؤتمر لجنة وضعية المرأة بمقر الأمم المتحدة بنيويورك و قمت بتقديم مداخلة حول “المرأة التونسية في مسار العدالة الانتقالية ” بصفتي رئيسة لجنة المرأة بهيئة الحقيقة و الكرامة بحضور السفير التونسي بالأمم المتحدة خالد الخياري و سفير لوكسنبورغ و رئيس المركز الدولي للعدالة الانتقالية ICTJ دايفد تولبرت و سلوى القنطري مديرة فرع ICTJ بتونس ، و حضي المؤتمر بنجاح كبير و باهتمام شديد من الحضور كما قمت بعرض مقاطع من شهادات الضحايا النساء بالجلسات العلنية و توزيع مطويات باللغة الأنجليزية تعرّف بلجنة المرأة بهيئة الحقيقة و الكرامة و تتضمن شهادات عدد من النساء الضحايا قدمتها خلال جلسات الإستماع العلنية .

كما كانت لي مشاركات في عديد الندوات و الفعاليات العربية و الدولية أذكر منها المشاركة في المائدة المستديرة حول “المرأة و الأمن و السلام في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا ” التي إحتضنها الأردن شهر أكتوبر المنقضي.

كما قدمت محاضرة في أديس أبابا في أفريل 2016 تحت عنوان ” لجنة المرأة بهيئة الحقيقة و الكرامة”  بمناسبة تنظيم الإتحاد الإفريقي و مؤسسة كوفي عنان و المركز الدولي للعدالة الإنتقالية مؤتمرا دوليا حول “لجان الحقيقة و مسار السلام في إفريقيا” .

و من خلال مشاركاتكم كيف ترون نظرة المجتمع الدولي إلى مسألة العدالة الإنتقالية في تونس ؟

كان هنالك إشادة كبيرة بما حققته تونس في مجال العدالة الإنتقالية و التي أصبحت مثالا يحتذى به دوليا كما مثلت شجاعة المرأة التونسية من خلال شهادات النساء ضحايا الإنتهاكات في جلسات الإستماع العلنية محطّ فخر كبير فالعدالة الإنتقالية في تونس بتشريك المرأة و إعتبارها جزءا منها قطعت أشواطا كبرى تطبيقيا و عمليا و قد إعتبر التقرير النهائي لمؤتمر أديس أبابا الدولي أن مسار العدالة الإنتقالية في تونس و مشاركة المرأة في نحته يجعل من تونس مميّزة و رائدة في هذا المجال بل و تستطيع أن تكون نموذجا لبقية الدول بعد أن أبهرتهم شهادات النساء الضحايا و جرأتهن في سرد حيثيات الإنتهاكات التي تعرضن لها بكل حرية . 

 

L’image contient peut-être : 6 personnesL’image contient peut-être : 1 personne, intérieur

 

L’image contient peut-être : 2 personnes, personnes assises et intérieurL’image contient peut-être : 2 personnes, personnes assises, table et intérieur

L’image contient peut-être : 1 personne, intérieurL’image contient peut-être : une personne ou plus et intérieur

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *