لزهر العكرمي : «الموساد» يتعامل مع أفراد من داخل تونس

التغطية الإعلامية الإسرائيلية هدفها الإذلال والإهانة – هناك سفارات تسعى للتغلغل الاجتماعي والسياسي وعلى الدولة «الانتباه»
منذ اغتيال الشهيد محمّد الزواري نهاية الأسبوع الماضي والاشتباه في كون جهاز المخابرات الإسرائيلي «الموساد» وتحديدا وحدة عملياته الخارجية الـ»كيدون» هي من قامت بتنفيذ العملية وهو ما أشار له بشكل واضح بيان كتائب عز الدين القسّام الجناح العسكري لحركة حماس،أثير جدل حول مدى تغلغل أجهزة المخابرات الأجنبية في تونس وحقيقة الأدوار التي تلعبها هذه الأجهزة محليا وإقليميا.

وفي هذا السياق كان لنا هذا الحوار الخاطف مع لزهر العكرمي، السياسي وكاتب الدولة السابق بوزارة الداخلية المسؤول عن الإصلاحات في حكومة الباجي قائد السبسي سنة 2011، حول موقفه من التواجد المخابراتي الأجنبي في تونس، وحقيقة الدور الذي يلعبه الموساد داخل البلاد وغيرها من الملفات التي لها علاقة بهذا الموضوع.

في مستهل حديثنا مع لزهر العكرمي كان سؤالنا حول مدى تغلغل أجهزة المخابرات بعد الثورة في البلاد، وكانت إجابة محدّثنا هي أنه « في العموم لا ينبغي أن نهوّل الأمر ففي مراحل الانتقال الديمقراطي عندما ينهار نظام وينشا نظام جديد تكثر الأنشطة المدنية كأنشطة الجمعيات والمنظمات المحلية والدولية، وعادة في هذه المراحل المقترنة بالتحوّل الديمقراطي تنهار قبضة الدولة ويتراخى الأمن وتغرق الدولة في مشاكل اقتصادية واجتماعية، كما تتسم هذه المرحلة بالانفلات الأمني التي يصبح معها الوضع وضعا رخوا يسمح بتسرّب أجهزة أجنبية تحت «يافطات» مختلفة، كما ينشط الاستقطاب تحت هذه “اليافطات» بالإضافة إلى كون الأطراف الداخلية تصبح لها علاقات وتحالفات خارجية متناقضة تسهّل عملية اختراق الشأن الداخلي. ولكن تعافي الدولة ومؤسساتها وأجهزتها وفق بناء ديمقراطي يحدّ من هذه الظاهرة التي لا يعتبر أحد مسؤولا عنها بشكل مباشر”.

وعند الحديث عن تواجد مؤثّر على الأراضي التونسية لأجهزة مخابرات دولية، فان ذلك يقترن في جزء منه بطبيعة الصراع الإقليمي في منطقة شمال إفريقيا وخاصّة بتطوّرات وتداعيات الأزمة الليبية، وعن ذلك يقول لزهر العكرمي «نحن نعيش على وقع ازمة من «نار» تتصارع خلالها المصالح والاجندات والولاءات وهذه الساحة الليبية تتم مراقبتها انطلاقا من تونس، ومن خلال أنشطة السفارات التي تخدم في النهاية مصلحة الدول التي تمثّلها.”

وبسؤالنا لمحدّثنا عن أنشطة هذه السفارات الأجنبية في تونس، حيث رأينا تدخّلا لافتا من سفراء دول كبرى في السنوات الماضية في الشأن الداخلي التونسي من خلال الزيارات المتكرّرة التي كان يقوم بها هؤلاء السفراء إلى مقرات أحزاب أو مشاركتهم في أنشطة عامة اجتماعية واقتصادية، قال أن «وضع التمثيل الديبلوماسي الأجنبي في تونس يقرأ على مستويين، سفارات تبحث عن المعلومة لإفادة دولها حول الوضع في تونس، وسفارات تحاول التغلغل داخل الوسط الاجتماعي والسياسي، وقد غذّت الطبقة السياسية التي لا تملك الخبرة، تتهافت على السفارات الأجنبية بل تتباهى بذلك وتحاول الاستقواء بهذه الأطراف الخارجية من أجل استحقاقات داخلية، وذلك فيه جانب من الشرعية اذا لم يتجاوز الحدود المعقولة والمعروفة وكذلك جانب من العمالة من خلال مدّ السفارات بمفردات الوضع الداخلي.”

ويضيف العكرمي «هنا يجب على الدولة وعلى من في الحكم الانتباه الى هذه المسألة وتسعى مع المجتمع المدني والاحزاب لوضع ضوابط صارمة تحدّ من هذا التغلغل وهذا التداخل لأن هناك اليوم الكثيرمن الدول الأجنبية التي تعمل في تونس بكل أريحية لجمع المعلومات من خلال يافطات مختلفة وبمصوّغات متعدّدة كالعمل الاجتماعي أو التكوين والتدريب».

وبخصوص كل ما يقال عن الحضور القوّي للموساد كجهاز مخابرات يتحرّك بسهولة في تونس، قال لزهر العكرمي «أن الموساد جهاز مخابرات يتمتّع بمرونة كبيرة في كل ما يستعين به من دول أوروبية من خلال توفير الوثائق الشخصية كالجنسية وجوازات السفر بما يعني أن تواجده لا يمكن أن يكون بالضرورة بطريقة مباشرة بل أحيانا بالوكالة» وبسؤالنا حول مدى اختراق هذا الجهاز للداخل التونسي، قال لزهر العكرمي «لا أعتقد أن ذلك موجود بشكل مباشر ربما يمكن أن يكون قام بتجنيد بعض الأفراد ولكن ليس حاضرا من خلال جمعيات أو منظمات.»

وحول موقف لزهر العكرمي من قضية الصحفي الإسرائيلي الذي استطاع أن يتواجد على الأراضي التونسية دون علم السلطات، قال العكرمي «أن التغطية التلفزيونية الإسرائيلية وبعثها بعد يومين من الاغتيال، كان من باب التبجّح الذي هدفه الاهانة والإذلال»، وفي إجابة عن موقفه من الارتباك في الموقف الرسمي التونسي برّر العكرمي هذا الارتباك أو التقصير في غياب المعلومات، مشيرا إلى كون إسرائيل لن تعترف بالجريمة وأنه على القضاء التونسي إعداد ملف بأدلة دامغة ومتناسبة مع القانون الدولي حتى يمكن للدولة التونسية التحرّك على مستوى الأمم المتحدة باعتبار أنه لا يمكن تقديم قضية لمحكمة الجنايات الدولية لأن إسرائيل لا تعترف بهذه المحكمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *