لا ذرائع قانونية وسياسية في العدوان السعودي المرتقب على سوريا بقلم ضيف حمزة ضيف

كشف المغرد الشهير ” مجتهد” في تغريدة له حول التدخل السعودي المحتمل في سوريا ، جاء فيها : ” التدخل السعودي في سوريا قرار أمريكي أعلنه سيناتور أمريكي قبل شهرين وأشار إليه عاموس جلعاد مسؤول في وزارة دفاع إسرائيل ” ، و طعّم “مجتهدٌ” ما قال بفيديو يوضح ذلك .
على افتراض دقة ما قال ، و غالباً ما يتكلم ” مجتهد” بما يملك من معلومات ، يلخصها في تغريدة لا تزيد عن 150 حرفاً ، و كل من يقرأ له و يتابعه ، يدرك جيداً أن هذا الشخص الغامض ، يكتب بناءً على معلومات ووقائع ، وليس مجرد تحليل شخصي قد يخطئ و يصيب على جاري التخمين البشري.
التدخل السعودي إن حصل ، هو عدوان بموجب القانون الدولي ، مثله مثل التدخل في اليمن ، الذي سبق أن وصفناه كذلك في مقال تلا التدخل فوراً ، ومازلنا على ذلك الرأي بناءً على نصوص القانون الدولي وليس مردّ ذلك شيء مبيّت ضد السعوديّة ..
فلنؤجل خلافاتنا قليلاً ؛ في الحالة السوريّة ثمة حكومة ونظام لا يزال معترفاً به دولياً ، شئنا أم أبينا ، يشارك في مفاوضات جنيف على مراحلها ، باعتباره نظاماً حاكماً وبصفته القانونية الكاملة ، وإلّا لمَ توجه إليه الدعوة للحضور ؟ أليس بوصفه النظام الذي يشرعنه الغرب نفسه ، ويعمل على التعامل معه على هذا الأساس ، فلنكن موضوعيين وننظر إلى الشخصيّة القانونيّة التي يمثلها بمعزل عن ممارساته ، التي لا تروق للبعض و تعجب البعض الآخر للمفارقة ، و حضوره المفاوضات كان على أساس الشخصية القانونيّة تلك ، سواءً اختلفنا مع أدائه السياسي والأمني أو اختلفنا ، وقد سبق لنا أن كتبنا ضده كثيراً في هذه الزاوية .
هنا وعلى نحو ما ذكرنا آنفاً ، يكون التدخل مشروعاً في حالة قبول الحكومة المعترف بها دولياً والممأسسة على الشرط القانوني ، وطلب منها المشاركة في أي مفاوضات بشأن مصيرها يعد تحقيقاً لذلك الشرط وليس نفياً له ، ثم تالياً وهذا هو الشرط الشارط في المسألة برمتها ، سيطرتها على الأرض ، والتعامل معها على غرار وجود شعب يقرّ لها بذلك ، وجيش دولتيّ يعمل على حمايتها ، بالإضافة إلى تحقّق وجود إقليم برّي وجوي وبحري يكوّن الإطار العام لهذه الحكومة ، ويقوّي دستوريّتها .. على نقيض الحالة اليمنيّة التي تفتقد إلى الوجود المادي داخل الإقليم ، ناهيك عن صعوبة التدليل على شعبيّتها ، وولاء جيشها لها ، إن لم نقل أنه مع الجهة المقابلة لها .
وحين يحدث تدخلاً خارجياً ، يصبح عدواناً ، إذا لم يكن بطلب حكومي رسمي ، على شرط توافر ما سبق في هذه الحكومة ، أهمها التواجد داخل الإقليم الوطني ..
كنّا ضد التدخل الروسي في سوريا ولا نزال ، لاعتبارات ضميريّة/أخلاقيّة فحسب ، دون أن نستطيع اثبات “لاقانونيّته” بشكل كافٍ للأسباب الفنيّة أعلاه من جهة، ومن جهة أخرى لافتقاد السند الذي يثبت أن روسيا في حالة عدوان موصوف بموجب القانون الدولي ، وبالتالي الاعتراض على التدخل الروسي سياسي صرف ، لما فيه من إرهاق القيمة السياسيّة للنظام الحاكم في سوريا ، وهزّ تماسكه الداخلي ، في الإطار الدستوري العام و ليس الممارساتي الخاص ، هذا رأي شخصي على كل حال ؛ لا ننكر أنه من الصعب حقاً اثباته بطرق الإقناع السياسي لمن يؤيده في الداخل السوري ، علاوةً على ثقل عبء الإثبات على المدعي بعدم قانونيّته .
التدخل السعودي في حالة وقوعه ، لن ينجح في الاستناد إلى أي حالة قانونيّة ، رغم ما قيل أنه بضوء أميركي ، بالإضافة إلى افتقاره إلى الأهليّة الحربيّة ، لأن السعوديّة لم تظفر بأي “نصر” مزعوم في اليمين ، وبات أفقها السياسي مقفلاً على الانتقام الشخصي ، وذلك ما يصيب دبلوماسيتها في الصميم ، ويلطخ سمعتها عند حلفائها ..
الغرب والولايات المتحدة تحديداً ، لم ينظر إلى إسرائيل باعتبارها قوة فارقة في الشرق الأوسط إلا بعد انتصارها علينا في حرب 67 بـ “الخردة الفرنسيّة” ، وأصبح النظر إلى أي قوة بوصفها قوة ثقة مشروطاً بإحراز انتصار ملموس في الفلسفة الغربيّة ، ولو وسّعنا النطاق أكثر ، مع حفظ الفوارق وانتفاء التناظر إلا في ما خصّ ” فلسفة الانتصار” حصراً ، لا يمكن أن تنظر الولايات المتحدة إلى السعودية بحسبانها قوةً تستأهل الثقة ، وحربها ” عدوانها” على اليمن صدّه اليمنيون بالمواجهة حيناً و بالصمود أحياناً .
العدوان السعودي المرتقب على سوريا ، سوف يقلّص فرص الحلول السياسيّة ، وينطوي على اهانة مضمرة للمعارضة السوريّة ، وسيدفع إلى مزيد من التعقيد والدخول في حمام دم بلا حدود أو تروس ، لا نريده مطلقاً ، خاصةً أن روسيا مستعدة للدفاع عن النظام السوري مهما كلفها الأمر ، وبالتالي فرص نجاحه ضعيفة جداً ، لاسيما أن السعوديّة ستفتح على نفسها ثلاث جبهات متفرّقة ؛ جبهة اليمن و هي جرح مفتوح إلى الآن ، جبهة النظام السوري وحلفائه كافة ، وجبهة الدولة الإسلاميّة والمجموعات المسلحة الرديفة وغير الرديفة التي سوف تتحالف حتماً بموجب “فقه الضرورة” ، وكل جبهة أقوى من الآخرى ، وهو الانتصار المعجزة الذي لن يتحقق على الإطلاق عليها ، لن يكون إلا في ألعاب “البلاي ستيشن” وللمحترفين فقط .
كاتب جزائري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *