كاتب بريطاني: الديكتاتورية في مصر تتهالك .. والنظام الحاكم اقترب من الانهيار

 سلط الكاتب البريطاني، جاك شينكر، مؤلف كتاب «تاريخ الثورة الراديكيلي لم ينتهِ بعد في مصر» الضوء على “تهالك الديكتاتورية في مصر واقتراب انهيار النظام الحاكم رغم دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب للرئيس عبد الفتاح السيسي».
 
العاصمة الإدارية
ووصف شينكر، في مقاله أمس بصحيفة «نيويورك تايمز»، مستقبل مصر بـ«الكاذب»، مشيرا إلى العاصمة الإدارية الجديدة، قائلا: “مستقبل مصر الكاذب أصبح علامة مكتوبة في اﻷقواس على طريق الصحراء الشرقية، إنه مشروع كبير ملفوف في بضع قطع من القماش المشمع في وسط صحراء هائلة، المشهد جزء من الخيال العلمي للواقع المرير”.
 
“هدفنا بناء مصر الجديدة”.. قالها عبد الفتاح السيسي، الجنرال العسكري الذي تحول إلى “ديكتاتور”- على حد وصف الكاتب البريطاني- في الأمم المتحدة بعد وصوله للسلطة في 2014.
ويصف الكاتب البريطاني المدينة الجديدة بـ”مجموعة مبانٍ متهالكة يمكن أن تنهار جراء عاصفة”، ويقول الكاتب: “حتى الآن ليس هناك الكثير الظاهر في المدينة الجديدة، ولكن الخطوط العريضة لمجمع المطاعم، وأساسات المركز تجاري، والفندق المملوك للجيش قائمة، ويعمل على إنشاء هذه الوحدات مجموعة مختلفة من الشركات”، مضيفًا: “ومن بعض الزوايا، أساسات المشروع صلبة وتظهر قوتها وتناسقها مع ما حولها، ومع ذلك يبدو وكأنها مجموعة أشياء متهالكة، يمكن أن تنهار جراء أي عاصفة غير متوقعة من الرياح”.
 
فوضى واستبداد
بعد 6 سنوات من ثورة يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك، ووضعت – أكبر دول العالم العربي سكانا-  في حالة من الاضطراب، حيث المؤسسات المصرية أقل قوة مما قد تبدو للوهلة الأولى، وفقًا للمقال، الذي أضاف كاتبه: “صحيح أن مظاهر استبداد المدرسة القديمة ظاهرة حاليا أكثر من أي وقت مضى – من 60 ألف سجين سياسي يعتقد أنهم وراء القضبان، مرورا بموجة من حالات الاختفاء القسري، والحملة التي تشنها الحكومة على الكتاب و الصحفيين ورسامي الكاريكاتير، والمدافعين عن حقوق الإنسان، وليس انتهاءً بقانون التظاهر، وقانون مكافحة الإرهاب وغيرها الكثير”.
وأضاف: “بالتأكيد بالنسبة لحلفائه الغربيين، بمن فيهم الرئيس ترامب – الذي وصف نظيره المصري بأنه رجل رائع في مكالمة هاتفية عقب فوزه، والتي تعد ضمن أولى المكالمات الذي أجراها ترامب للرؤساء الأجانب”.
وأوضح جاك شينكر أن السيسي يظهر على أنه الرجل القوي في الشرق الأوسط “نتيجة لما تقابله المنطقة من فوضى واستبداد”، واستدرك: “لكن الواقع مختلف، ثورة يناير 2011 لم تكن انحراف يمكن حاليا دفنه تحت أطنان من الأسمنت، بل أول مظهر من مظاهر لحظة تاريخية استثنائية في مصر، و نقطة صراع حول ما إذا كانت السياسة سوف تبقى حكرا على النخب، أو ما إذا كانت يمكن أن تحدث موجة ثورية جديدة، وهذا الصراع له جذور عميقة، وأصبح الآن ظاهرا بقوة، وسوف يستمر في أشكال مختلفة ولسنوات عديدة قادمة”.
 وأردف: “مشروع السيسي يبدو مستقر، إلا أنه غير ذلك، ويترنح من أزمة إلى أخرى، وكل المشاكل الجديدة تكشف بنية السلطة السياسية، والتي يرافقه مستويات جديدة من العنف الرسمي كجزء من محاولة غير مجدية للتغلب على اﻷوضاع الصعبة”.
 
مستنقع المؤامرات
 
ويتابع شنيكر رصده للشارع المصري السياسي لافتا لسياسة النظام الاستبدادية، ويوضح: “النظام يزرع القومية الشوفينية بهدف زيادة شرعيته، ولكن في نفس الوقت يعتمد على الدعم المالي من الحلفاء الإقليميين، إلا أن واحدا من هؤلاء الحلفاء، السعودية، تطالب بتسوية نزاع على الأرض من خلال نقل جزر في البحر الأحمر لسيادتها، وأذعنت للحكومة – مما دفع الآلاف من المصريين إلى النزول للشوارع في حالة غضب”.
ويضيف أن النظام “يصر على التضييق على الحريات بسبب الحرب ضد المتطرفين، ولكن لا تزال هناك ثغرات أمنية، والحاجة الدائمة إلى شيطنة بعض أكثر الشخصيات العامة شعبية، وأحدثها أسطورة كرة القدم محمد أبو تريكة – الذي وضع في نهاية المطاف على قائمة الإرهاب”.
ويرى أن نظام السيسي “يحاول أن يثبت للمجتمع الدولي أن مصر مفتوحة لرجال الأعمال، ولكن بعد ذلك يتخبط في مستنقع من نظريات المؤامرة، وخير شاهد ما حدث لجوليو ريجيني الطالب الإيطالي الذي وجد في حفرة وجثته عليها علامات تعذيب واضحة.”
 
أيتام الثورة المصرية
 الناشط الشاب “طارق حسين” قال لي أواخر العام الماضي: “المستقبل يبدو غامضا جدا .. ولكننا لن نتخلى عن الكفاح من أجل الحرية”.
وقال اخيه محمود حسين «معتقل التيشرت»: “عندما أطلق سراحي أُمرت بالتزام الصمت، لكن أنا هنا، ويصف الكاتب ما مر به خلال لقائه مع الناشط الشاب قائلا: “خلال حوارنا توقف حسين عن حديثه بشكل مفاجىء، وبالنظر خلفه اكتشفنا أن هناك مجموعة من أمناء الشرطة يراقبوا حديثنا، وادركت حينها أن القاهرة الجديدة ومظهرها الحضاري غير متفق تماما مع فوضى القاهرة التي خلقت الأخوين حسين، طارق ومحمود”.
واختتم مقاله بالقول: “لا أحد يعرف ما التقلبات والمنعطفات والاضطرابات القادمة في مصر ، ولكن من الواضح أن الركود ليس خيارا على المدى الطويل، لهؤلاء الأطفال، كانت الثورة الأم الجديدة، الأمر الذي جاء بهم إلى عالم الكبار، ويتحولوا إلى أيتام الثورة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *