قبل أيام من المصادقة على القانون : دستوريون و إسلاميون مع المصالحة و معارضوهم مع العصيان المدني

مغرب نيوزمنية العيادي/عزيزة بن عمر

 

صعَّد اللقاء الذي جمع نهاية الأسبوع المنقضي أطرافا من العائلة الدستورية بعدد من قياديي النهضة ممن قبلوا بفكرة الالتقاء و بمبدأ المصالحة الوطنية الشاملة بين التيارين، من حدة ردود الفعل المعارضة لقانون المصالحة خاصة بعد أن تم توقيع اتفاق بين الحركتين على تكوين لجنة مشتركة لتحقيق المصالحة بينهما فيما وصف آخرون اللقاء بالتاريخي و الإيجابي.

و شاركت شخصيات دستورية بارزة في اللقاء الذي عقد بمقر منتدى العائلة الدستورية و نُظم بالاشتراك مع مركز الدراسات الاسترتتيجية و الدبلوماسية من بينها: رؤوف الخماسي، محمد الغرياني، علي الشاوش، الصادق القربي، عبدالعزيز براهم، حاتم بنسالم، عزيز بنعاشور، زهير المظفر، كمال الحاج ساسي، عادل كعنيش، مكي العلوي، أليفة فاروق، زهرة المحيرصي، يوسف الرمادي، الصافي الجلالي بينما مثلت حركة النهضة عديدُ الوجوه من أبرزها رفيق عبد السلام، نور الدين البحيري، محسن النويشي، العجمي الوريمي،ماهر مذيوب،عماد الخميري،محمد القوماني…

المصالحة حجر الأساس لبناء المستقبل بعيدا عن المزايدات السياسية

 قال محمد رؤوف الخماسي القيادي بحزب نداء تونس و رئيس منتدى العائلة الدستورية لمغرب نيوز إن هذا اللقاء “يجمع لأول مرة في تاريخ تونس الدساترة و النهضة في قاعة واحدة للحديث عن مصالحة شاملة”.

و اعتبر أن هذا اللقاء بداية المصالحة، مضيفا أن هناك وفاقا كاملا حول هذا الموضوع بين النهضة و النداء كما شدد الخماسي على أن بناء الجمهورية الثانية “لا يمكن أن يتم دون مصالحة شاملة”، مؤكدا أن هذا الأمر هو “حجر الأساس لبناء المستقبل”. و أضاف قائلا إن ذلك لا يعني نسيان الماضي “بل يبقى في الذاكرة و لكن ليس على حساب بناء مستقبل تونس”.

و أكد الخماسي ضرورة أن تكون المصالحة الوطنية شاملة و ليست اقتصادية فقط، مضيفا “لأنها في صالح كافة القطاعات و المناطق الداخلية المتضررة و المطالبة بالتنمية و التشغيل بهدف النهوض باقتصاد البلاد”.

و يرى رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية و الدبلوماسية رفيق عبدالسلام، أن المصالحة الوطنية الشاملة لها أبعاد سياسية و اقتصادية و ليست مجرد صفقة ثنائية أو صلح جبائي، و دعا إلى ضرورة التخلص من صراعات الماضي و بناء ثقة متبادلة و حياة سياسية قائمة على التوافق و على روح الشراكة الوطنية بين مختلف العائلات الفكرية و السياسية في تونس قائلا إن العائلة الدستورية فاعلة و مؤثرة  .

و اعتبر رفيق عبد السلام الأصوات الرافضة للمصالحة، مجردَ خطاب فوضوي قائلا :”نحن نتحدث عن توظيف مصالح وطنية و لا نتحدث عن مزايدات سياسية و حسابات تكتيكية، و كل ذلك في إطار احترام مبادئ الدستور و العدالة الإنتقالية” ، و أوضح أن الغرض من المحاسبة ليس “تصفية الحسابات و التشفي” بل “المصالحة و تجاوز صراعات الماضي و بناء حاضر تونس و مستقبلها” مؤكدا أن ما تحتاجه تونس اليوم هو التصالح و التوافق الوطني المشترك الذي تتطلبه المرحلة القادمة و طبيعة التحديات و المخاطر التي تواجهها.

القيادي في حركة النهضة و رئيس لجنة التشريع العام بمجلس النواب نور الدين البحيري اعتبر أن الخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد لا يتم إلا عبر مصالحة وطنية شاملة تضم كافة الأطراف السياسية و هي الخيار لفتح باب الحوار أمام الجميع مشيرا إلى أن الغاية منها ليس الإفلات من العقاب لأنها تنبني على المصارحة و المحاسبة و تحمل المسؤولية بل الغاية منها بناء مستقبل البلاد و انقاذ اقتصادها .    

من جهته قال محمد الغرياني إن هذا اللقاء  أُريد من خلاله فتح حوار علني حول المضالحة الوطنية الشاملة معتبرا أن الهدف منه بعث رسالة إلى المجتمع التونسي بأهمية الحوار و التعايش السلمي و تجذير قيم الوحدة الوطنية داعيا إلى ضرورة التأسيس لمقومات مصالحة وطنية دائمة و حقيقية بعيدة عن مظاهر التشنج أو تصفية الحسابات و الإنتقام.

 رفض …فدعوة إلى العصيان المدني … ثم تهديد

 فيما يقع التحضير لتمرير قانون المصالحة على البرلمان و مناقشته فصلا فصلا في مطلع الشهر القادم، ترى عديد الأصوات الرافضة لهذا القانون أنه سيكون مؤشرا على عودة حكم التجمعيين و تشريعا لحماية الفاسدين من رجال الأعمال و السياسيين فيما رفضت أطراف أخرى الأمر بحجة أن النهضة لم تقدم إلى اليوم البرهان على تغيير مرجعيتها الفكرية و لم تعلن انسلاخها عن تنظيم الإخوان و وصل الأمر إلى الدعوة إلى العصيان المدني و النزول إلى الشوارع في حال تمريره.

و من بين أكثر الشخصيات الرافضة بصفة قطعية لهذا القانون ، و الذي ارتبط اسمه بالدعوة إلى العصيان المدني في حال تمريره، مؤسس حزب التيار الديمقراطي و الأمين العام السابق للحزب محمد عبو، الذي قال في حديث لمغرب نيوز “إن النظام الذي يجعل من الفساد سياسة دولة، نظامٌ خارج عن الدستور” مشيرا إلى أن إصرار رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي على تمرير قانون المصالحة المراد منه حماية الفاسدين من “رجال الأعمال و العاملين في البنوك و السياسيين”  سيكون مؤشرا على انهيار الدولة و انهيار الثقة في مؤسساتها و العودة ” إلى مربع حكم الطرابلسية”.
و ذكر القيادي أن الفساد استفحل في فترة حكم “المخلوع” و بلغ ذروته بعد الثورة، و بدل محاربته تسعى عديد الأطراف الحاكمة إلى تقنينه و التشريع له عبر البرلمان. و نبه محمد عبو من أن قانون المصالحة في حال تمت المصادقة عليه، ستكون له تداعيات خطيرة و سيخلق ردة فعل قوية تفوق مطلب تغيير الحكومة، و دعا المجموعة الحاكمة إلى التعقل، محذرا بالقول: “ستكون معركتنا معهم و مهما كانت نتائجها لن تخرج المجموعة الحاكمة منتصرة، حتى و إن فكرت في أساليب القمع” .

الحزب الدستوري الحر،انتقد هذا الاتفاق و نشر في بيان أصدره تعقيبا على لقاء المصالحة،أن الإتفاق بين حركة النهضة و العائلة الدستورية ” اتفاق مسقط تم من دون تكليف و لا موافقة من قبل القواعد الدستورية العريضة”      و ذكر أن كل اتفاق موقع بين البعض من المنتمين سابقا إلى الحزب الدستوري بمختلف مراحله و بين حركة النهضة “لا يلزم إلا الأطراف التي انخرطت فيه بصفتها الشخصية”، مضيفا أن أي توقيع باسم “العائلة الدستورية يعد من قبيل انتحال الصفة”.

و نشرت رئيسة الحزب عبير موسي البيان على حسابها الخاص على فيسبوك ،واصفة اللقاء بـ”صفقة بيع الوطن للإسلام السياسي” و قالت “لا و لن نقبل بمصالحة دستورية إسلامية و بمصالحة مع حركة لم تقدم إلى اليوم الحجة و البرهان على تغيير خطها و مرجعيتها الفكرية و لم تعلن انسلاخها عن التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين و لم تتخذ قرارا واضحا و معلنا للفصل بين الدعوي و السياسي، فضلا عن ازدواجية خطابها و تضارب تصريحات قياداتها”.

و تابعت موسي “لن نقدم ماضي تونس و حاضرها و مستقبلها في طبق لخصومنا الذين استغلوا الوضع لوضع حجر الأساس لبسط هيمنة شاملة على المشهد السياسي لعقود قادمة”، في إشارة إلى حركة النهضة.

على المصالحة أن تكون من أجل الوطن و تحقيق مطالب الجهات المحرومة

 نشر الباحث بمركز الدراسات و البحوث الإجتماعية و الاقتصادية التابع لوزارة التعليم العالي سامي براهم تدوينة غلى صفحته بموقع فايسبوك دعا من خلالها إلى أن تكون هذه المصالحة “مبدئيّة لا ذرائعيّة انتهازيّة” و أن لا تكون “مجرّد طوق نجاة سياسي لكلا التيارين” من وضع الأزمة الذي يشهدانه و أن تكون مصالحة من أجل الوطن و ليس لحساب أي طرف أو ضدّه  دون تجاوز مسار العدالة الانتقالية و بنودها المنصوص عليها في الدستور و القانون و أن تفضي إلى تضامن حقيقي دائم حول مطالب الجهات المحرومة و مقاومة الفساد و إصلاح الإدارة و مكافحة أسباب الإرهاب و التطرّف العنيف.

كما دعا براهم إلى النقد الذاتي الجدي و المراجعات العميقة داخل كل تيار قبل  الحديث عن المصالحة السياسية حتى يكون للمصالحة مضمون و فكرة و رؤية لا مجرّد إجراء ذرائعي سياسويّ و أن يقع نشر هذا النقد و هذه المراجعات لتكون أساسا لتعاقد جديد يضمن السلم و الوئام الأهلي الدّائم.

و قال “على التيّار الإسلامي مثلا أن ينشر بشكل رسميّ المراجعات التي أنجزها طيلة السنوات الفارطة ضُمّن بعضها في إحدى لوائح مؤتمره العاشر التي سميت بلائحة التقييم و التي تضمنت الموقف من الدولة الوطنية و البورقيبية و نظام الحكم و منهج التغيير كما امتدّ التقييم إلى حدود الخروج من الحكومة بعد الثورة، تضمّنت لوائح أخرى مثل اللائحة الفكريّة نقضا كاملا للرّؤية الفكريّة السابقة و تبنّيا لرؤية جديدة تربط الحركة بالجذور الإصلاحيّة المشتركة للمشروع الوطني و كلّ المكتسبات الوطنيّة و الكونية… و اعتبر أن هذه النصوص تبقى دون جدوى دون نشرها و تفعيلها داخل جسم هذا التيّار.

و أشار براهم أنه في مقابل ذلك “على التيّار الدّستوري أن يعترف أنّ المنجز الوطني منذ دولة الاستقلال مرورا بالمرحلة النوفمبريّة شهد إخلالات كبرى تراكمت حتى أفضت إلى الثورة، إخلالات هيكليّة مزمنة على مستوى الديمقراطية و الحريات  و حقوق الإنسان و العدالة الاجتماعيّة أصابت المشروع الوطني بالقصور و الفشل و العجز عن تحقيق مطالب الحركة الوطنيّة و الإصلاحيّة و مطالب الحركة الدّستوريّة نفسها”.

و كانت رئاسة الجمهورية قد عرضت مشروع قانون المصالحة الإقتصادية و المالية، خلال انعقاد مجلس الوزراء بتاريخ 14 جويلية 2015، قبل عرضه على أنظار مجلس الشعب. و تعطلت المصادقة على هذا المشروع، بعد الجدل القانوني و السياسي الواسع، الذي رافقه آنذاك و رفض عدد من الأحزاب، خاصة المعارضة منها، و المنظمات و مكونات المجتمع المدني و هيئة الحقيقة و الكرامة، هذا المشروع برمته أو لبعض النقاط الواردة فيه.

 

L’image contient peut-être : 20 personnes, personnes debout et plein airL’image contient peut-être : 5 personnes

L’image contient peut-être : 3 personnesL’image contient peut-être : 1 personne

L’image contient peut-être : 2 personnes, costume

L’image contient peut-être : 4 personnes, personnes assises et costume

L’image contient peut-être : 2 personnes, personnes assises

L’image contient peut-être : 3 personnes

L’image contient peut-être : 4 personnes, personnes assises

L’image contient peut-être : 1 personne

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *