قائد السبسي يصرّح في لقاء بعدد من الاعلاميين: أساند النظام الرئاسي…وهذا هو الخطأ الذي أعيبه على الصيد

اعتبر رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ، خلال لقائه اليوم الجمعة بمجموعة من الصحفيين ورؤساء تحرير في مؤسسات اعلامية اذاعية ومكتوبة ومرئية دام زهاء الساعتين، أنّ البلاد خطت خطوة على درب الانتقال الديمقراطي ولكن ما تحقق ليس كافيا، مشدّدا على أنّ مبادرة حكومة الوحدة الوطنية التي أطلقها مازالت غير مفهومة من قبل لفيف من الرأي العام ومكونات المشهد السياسي.

رئيس الجمهورية أفاد بأنّ سلسلة اللقاءات التي نظمها مع اعلاميين في الأيام الاخيرة تهدف إلى توضيح المبادرة والانفتاح على الصحفيين قصد الردّ على التساؤلات والانتقادات في كنف الحريّة التامّة واحترام دور الاعلام كسلطة فاعلة.

وقد أكّد قائد السبسي على أنّ نجاح الديمقراطية يتطلب تكريس مفهوم دولة القانون، معربا عن قلقه من الوضع الذي آلت اليه الدولة التونسية بعد الثورة التي وصفها بـ”ّالعاجزة”، قائلا إنّ معالجة هذه المعضلة تتطلب حيزا من الوقت ومراحل معينة.

وفي حديثه عن الازمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمرّ بها البلاد، استشهد رئيس الجمهورية بالمثل الشعبي”خِيرنا تحت ساقينا واحنا مادين اِيدينا”،مضيفا أنّ المشهد السياسي في الوقت الراهن متشعب حيث تنطبق على الطبقة السياسية الآية القرآنية” تحسبهم جميعا وقلوبهم شتّى”،مشيرا إلى أنّه من هذا المنطلق جاءت مبادرة حكومة الوحدة الوطنية.

رئيس الجمهورية وعلى الرغم من تهربه من الاجابة عن سؤال كررّه عديد الصحفيين الحاضرين حول موقفه من الأزمة التي تعيش على وقعها حركة نداء تونس وخاصة الانتقادات الموجهة إلى ابنه حافظ قائد السبسي والدور السياسي الذي يقوم به والذي هو مثار جدل واسع،جدّد الحديث عن كونه يسعى جاهدا لأن يطبق شعاره الذي رفعه في الحملة الانتخابية القائم على مقولة الوطن قبل الأحزاب،نافيا أنّ يكون قد خرق الدستور من خلال المبادرة التي تقدّم بها.

وقال قائد السبسي إنّ الدستور وضع له قيودا هو يحترمها،مؤكدا أنّه يسعى لان يكون رئيسا لكلّ التونسيين.

وتابع بالقول إنّ البلاد حاليا في مفترق طرق وأنّ المخاطر المحدقة بالدولة وبتجربة الانتقال الديمقراطي يجب ألاّ تجعله مكتوف اليدين بالاكتفاء فقط بمتابعة التطورات التي تحصل .

وأوضح رئيس الجمهورية أنّه تجنب التصريح بفكرة المبادرة لقادة الاحزاب ولرئيس الحكومة الحبيب الصيد رغبة منه في ألاّ تفشل، معتبرا أنّ اتفاق قرطاج الذي وقعت عليه 9 أحزاب و 3 منظمات وطنية قدّم بديلا جديدا هو محلّ توافق واسع، معربا عن خشيته من أن يكون هذا الوفاق الحاصل مؤقتا.

كما جدّد التأكيد على أنّ مصير حكومة الصيد هو من أنظار مجلس نواب الشعب، مشدّدا على أنّ علاقته برئيس الحكومة الحالي جيّدة وهو لم يكن بعيدا عن قرار تعيينه بعيد الانتخابات الفارطة، مفسرا هذا الاختيار بأنّه وليد تلك الظرفية التي اُتهم فيها بمحاولة التغوّل والعودة لنظام الحزب الواحد.

واعتبر رئيس الجمهورية أنّ تصريح الصيد بأنّه لن يستقيل كان خطأ بالنظر إلى كونه لم يطلب منه الاستقالة وأنّ مبادرته لا تشير لا من قريب ولا من بعيد إلى ذلك، وهو ما ساهم حسب تقديره في الخروج بالموضوع عن اطاره.

وقال إنّه في حال سحب البرلمان الثقة من حكومة الصيد فإنّ مسألة اختيار رئيس الحكومة القادم قد تصبح من أنظاره، متمنيا أن تسير الامور في جلسية يوم الغد 30 جويلية 2016 بصفة حضارية،كما جاء على لسانه.

رئيس الجمهورية لم يخف انتقاداته لأداء مجلس نواب الشعب،معتبرا أنّ ذلك هو قدر التجربة الديمقراطية الناشئة والاهم هو عدم العودة إلى الاستبداد الذي قد تنزلق نحوه البلاد في حال الافراط في استدامة هذا الوضع.

وبخصوص مسألة عودة شخصيات سياسية عملت في ظلّ نظام الرئيس السابق بن علي وامكانية ترشيح البعض منها سواء لمناصب وزارية أو لرئاسة الحكومة القادمة،قال قائد السبسي انه ضدّ اقصاء أيّ شخص يتمتع بحقوقه في المواطنة طالما لا يوجد هناك مانع قانوني أو حكم قضائي،متابعا بالقول ” كلّ واحد يلزم يرجعلو شاهد العقل”.

ودعا قائد السبسي جميع التونسيين الى الالتفاف حول مشروع جديد،محذرا من المخاطر التي تتهدّد البلاد في ظلّ الوضع الجغراسياسي الحالي على الصعيد الاقليمي خاصة وأنّ أوروبا أحد أهم شركاء تونس تمرّ بمشاكل خانقة،مجددا قوله بأنّ الاسلام ليس ضدّ الديمقراطية في إشارة إلى علاقته بالاسلاميين وبحركة النهضة على وجه الخصوص.

رئيس الجمهورية استبعد ضمنيا خلال ردّه عن أحد الاسئلة امكانية اختيار امرأة لقيادة الحكومة القادمة بالنظر لاعتبارات سياسية ومجتمعية،مؤكدا أنّه من الناحية المبدئية هو لا يمانع في حصول ذلك،مضيفا أنّه رغم ذلك فان الامل يبقى قائما ولابد من مراعاة أوضاع البلاد،داعيا إلى التوافق للوصول إلى حلّ لتحقيق المصالحة الوطنية التي يمثّل مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية احدى محطاتها.

من جهة أخرى، قال رئيس الجمهورية إنّه شخصيا يساند خيار النظام الرئاسي لا الرئاسوي كما كان زمن الاستبداد،معربا عن أمله في أن تتم الموافقة على مشروع قانون المصالحة الاقتصادية من أجل خلق مناخ يشجع على الاستثمار والحدّ من مشاكل الادارة التونسية التي باتت مهدّدة مع انتفاع الدولة بعائدات مالية تعود للخزينة العامة.

واعتبر قائد السبسي بأنّ الديمقراطية تقتضي في مثل هذه النقاط الخلافية ، على غرار مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية، الاحتكام إلى البرلمان والمؤسسات الدستورية لا إلى الشارع،قائلا إنّه في حال عدم النجاح في تمرير هذا المشروع فإنّ ذلك يعود لأسباب خارجة عن نطاقه.

كما تحدّث رئيس الجمهورية عن موضوع المدير العام للامن الوطني عبد الرحمان الحاج علي الذي أثار جدلا في الفترة الاخيرة، مفيدا بأنّ رئيس الحكومة الحبيب الصيد هو الذي عيّنه بعد استشارته على الرغم من أنّ مثل هذه التعيينات في القيادة الامنية هي من صلاحياته،وفق قوله،معتبرا أنّه بصفة شخصية لا تزعجه مسألة وضعه تحت التنصب والمراقبة،مؤكدا صحة ما راج بخصوص أنّ عديد الشخصيات بمن فيهم رؤساء حكومات هم قيد المراقبة والتنصت بناء على طريقة عمل المدير العام للامن الوطني الحالي، داعيا إلى اليقظة ومنبها من امكانية أن تصب مثل هذه الاعمال في صالح جهات أخرى فوقتها تصبح “ماهيش باهية”،على حدّ تعبيره،دون أن يوضح مسألة امكانية الابقاء على الحاج علي في منصبه خلال المرحلة المقبلة.

كما ذكّر رئيس الجمهورية بأنّه سبق أن عمل في وزارة الداخلية لسنوات عديدة، مقرّا في الان ذاته بأنّ السياسة الاتصالية لرئاسة الجمهورية في عهده تشكو قصورا.

حريّ بالاشارة إلى أنّ الباجي قائد السبسي تجنّب تقديم رأيه حول المواصفات التي يجب أن تكون متوفرة في رئيس الحكومة القادم ووزارئه في حال سحب البرلمان الثقة من حكومة الحبيب الصيد، مبديا تفاؤلا مشوبا بالتوجس.

حقيقة إن لاين 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *