في ندوة اقتصاديّة : خبراء يطلقون صيحة فزع .. تونس تغرق في “المديونية”

مغرب نيوز

 

وجّه عدد من المتدخّلين في ندوة نظّمها مركز CMM اليوم تحت عنوان  ” الأزمة الاقتصادية في تونس … أيّة مسؤوليّة للحكومة ؟ “، إنتقادات لاذعة للحكومة بسبب سياستها التي وصفوها بالفاشلة في إدارة الأزمة الاقتصاديّة خاصة فيما يتعلق بمسألة ”المديونيّة الخارجيّة” و علاقتها بعرقلة عجلة المحركات الاقتصاديّة الوطنيّة و أيضا معضلة فشل مشاريع الإصلاح المؤسّساتي في تونس.

و حمّل ثلّة من خبراء الاقتصاد البارزين الحكومة المسؤوليّة عما تشهده البلاد من تراجع غير مسبوق لكافة مؤشرات الاقتصاد الوطني لا سيما في ما يتعلّق بإنزلاق الدينار و تضاعف نسبة التضخّم و إنهيار القدرة الشرائيّة.

”نسبة المديونيّة فاقت المستوى المسموح به”

قال الخبير المالي معزّ الجودي إنّ الوضع اللإقتصادي صعب للغاية. و تطرّق إلى ملفّ المديونيّة حيث أبرز أنّ معدّلاتها كانت قبل 2011 في حدود الـ40% من ناتج المحلّي الخام حيث اعتبر أنّ الدولة كانت متحكّمة في هذه النسب و قادرة على تسديدها في الوقت كما أنّ جملة القروض كانت موجّهة نحو الاستثمار و تمويل المشاريع. أمّا اليوم فقد وصلت إلى 77% من ناتج المحلّي الخام و هو يُعدّ رقما مخيفا لا سيما و أنّ هذه التمويلات مخصّصت للمصاريف العموميّة من نفقات الدولة إلى الأجور لا لإنجاز مشاريع جديدة أو تحسين بنية تحتيّة. و عليه بات مؤكّدا حسب تشخيص الوضع الاقتصادي للجودي أنّ تطوّر نسب المديونيّة رهيب و ذو نسق سريع في حين أنّ توظيفها اعتباطي و غير رشيد.

أمّا المعضلة الأخرى، فهي متعلّقة بعبء خدمات الدين، حيث تُقارب النسب في قانون ماليّة 2019، 9 مليار دينار من مجموع ميزانيّة لا تفوت الـ40 مليار دينار علما وأنّ هذه الخدمات تُدفع في مجملها من العملة الصعبة في وقت يعلم الجميع أنّ الاحتياطي الوطني من العملة الصعبة في تراجع مفزع.

و أبرز الخبير الجبائي لسعد الذوادي أنّ المديونية مرتبطة بالعديد من العناصر و من أهمّها تفريط الدولة، بصفة متعمّدة، في مواردها و بيّن أنّ التقارير الصادرة على الجهات المانحة و المقرضة، على غرار منظّمة التعاون والتنمية الاقتصاديّة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي تثبت هذه الحقائق المزعجة.

و هو ما يلاحظ من خلال حجم التهربّ الجبائي وأيضا من خلال الثغرات التشريعيّة التي تمّ الإبقاء عليها والتي لا تزال تحمي مبيّضي الأموال ومقترفي الجرائم الجبائيّة وفي صدارة هذه القوانين، سقوط الحقّ بمرور الزمن في آجال وقتية وجيزة بالمقارنة مع الدول التي تحارب فعلا الفساد.

و أكّد المتحدّث أنّ الفساد ينخر المنظومة الجبائيّة واستشهد في هذا السياق بتقارير دائرة المحاسبات وبالعديد من المحاضر التي وقع غضّ النظر عليها والتي تتعلّق بشتى أنواع الجرائم الماليّة التي، حسب تقديره، يرعاها ”الماسكون بالسلطة”.

مغالطات و سوء تأويل للأرقام

أمّا النائب محمد الفاضل بن عمران، فقد بيّن أنّ المسؤوليّة مشتركة في خصوص تحمّل أسباب استفحال المديونيّة وأرجع هذا أساسا لعدم مقدرة الطبقة الحاكمة على تسيير دواليب الدولة منذ سنة 2012. وصرّح أنّ نسبة الدين الخارجي توازي اليوم الـ94% ويتوقّع صندوق النقد الدولي أنّ يصل هذا الرقم إلى 104% كما أفاد أنّ نسبة المديونيّة العموميّة ستصل إلى حدود الـ83% في أواخر 2019 وهي تعدّ أرقاما مروعة بما أنّ نسب الدين تتفاقم كلّما تهاوى الدينار التونسي.

و انتقد النائب ببرلمان الشعب ما جاء على لسان رئيس الحكومة مؤخّرا فيما يتعلق بالعجز في الميزانية الذي بلغ حسب الشاهد 3.9% واعتبر هذا المؤشّر مغالطة وسوء تأويل للأرقام و توظيفا لإنجازات واهية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *