في الذكرى 62 للتحرير : الجزائر لاعب دولي قوي .. بقلم علي عبد اللطيف اللافي

تحتفل الجزائر في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري بمرور 62 سنة على اندلاع الثورة الجزائرية، ففي مثل ذلك اليوم من العام 1954 أعدت طليعة من الوطنيين الجزائريين لثورة شاملة اندلعت ليلة الأول من نوفمبر بقيادة جبهة التحرير الوطني، والتف حولها كل الشعب الجزائري بمختلف فئاته و أطيافه وأحزابه وقُراه، وخاض المجاهدون من أبنائه البررة معارك ضارية طيلة سبع سنوات ونصف سجلوا فيها أروع صور البطولات والفداء وقدموا فيها التضحيات الكبار والجسام وهي تضحيات أدارت رقاب كل العالم وبقيت ملحمة تستلهمها الشعوب وحركات التحرر بعد أن استطاعت الثورة أن تكسب تأييداً وتعاطفاً مع القضية الجزائرية من الشعوب والدول الشقيقة والصديقة.

و على التراب الجزائري، سقطت فكرة «الجزائر مقاطعة فرنسية» إلى الأبد وتبلورت هوية الجزائر العربية الإسلامية، وبدأت عمليا معارك بناء الجزائر الجديدة بعد أن كما تبخرت خرافة إلحاق الجزائر بالقوة التي لا تُقهر ولا تُضاهى في ذلك الوقت، والتف الشعب الجزائري حول قضية التحرير والاستقلال واعتبر النضال المسلح هو الطريق الوحيد للخلاص من المستعمر وهو ما سطره الشعب الجزائري الذي قدم على مختلف المراحل مليون ونصف شهيد وملاحم أسطورية في الوطنية والنضال والتضحية والصمود والبذل والعطاء من أجل الجزائر مستقلة ومن أجل بلورة الفكرة المغاربية، حيث تجسدت روح التآلف والأخوة في إسناد ليبي وتونسي منقطع النظير بشريا وماديا ومعنويا…

وعلى الصعيد الخارجي، أبرز حضور الوفد الجزائري لمؤتمر باندونغ بأندونيسيا في العام 1955 القضية الجزائرية وفتح الطريق أمامها لتدخل محافل الأمم المتحدة، كما تجلى التضامن العربي الإسلامي الواسع مع الثورة الجزائرية التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الأنباء العالمية التي تنقل بطولات الثوار الجزائريين. ولعبت البعثة الجزائرية الخارجية دوراً لا يقل أهمية عن البطولات على أرض المعارك حيث تحركت في كل الاتجاهات وبكل الوسائل المتاحة حيث قادت حرب كسب التأييد للقضية والرد على الحملة الدبلوماسية الفرنسية وشرح ظروف الثورة وأهدافها لقادة العالم وشعوبه، وما دفعه من ثمن للحرية وما قدمه من التضحيات الجسام بكل سخاء لانتزاع حقه المشروع في الاستقلال.

لقد ترتب على ثورة التحرير الجزائرية التي توجت بالاستقلال في 5 جويلية – يوليو/ تموز 1962 عدة نتائج مهمة لعل أبرزها:

– استعادة الشعب الجزائري لدورة في صوغ حوادث بلده ومحيطه الإقليمي، فبعد أن كان يعيش على هامش تلك الحوادث خلال فترة الحكم الاستعماري أصبح صانعا لها ومؤثرا فيها بقدر ما يتأثر بها.

– استكمال بناء مؤسسات الدولية الحديثة وإثبات دور المرأة في بناء المجتمع. فقد ساهمت المرأة الجزائرية في ثورة التحرير وكانت المجاهدة جميلة بوحيرد مثالا لبطولات المرأة. وهي اليوم في الجزائر المستقلة تتقلد مناصب رفيعة في مختلف المواقع.

ودأبت الدولة الجزائرية على تكريم شُهداء الثورة والاعتزاز بالمجاهدين، من خلال إحداث وزارة خاصة بهم وبما يليق بما قدموه للجزائر في سبيل استعادة سيادتها.

– ثبات الدبلوماسية الجزائرية، التي تكونت أثناء النضال المسلح للدفاع عن قضية الجزائر العادلة، على مواقفها في نصرة القضايا العادلة في العالم والوقوف إلى جانب الشعوب المناضلة من أجل الحرية وتقرير المصير واحترام الشرعية الدولية وإقامة علاقات أساسها الاحترام المتبادل.

وتقف الجزائر اليوم في مصاف الدول الحديثة فاعلة في حوادث عصرها ومُؤثرة في قضاياه ولعل مواقف الجزائر في الملف الليبي خلال السنوات الأخيرة ومواقفها الحاسمة في إرباك منطق الانقلاب على الثورة الليبية ومنع التدخل العسكري ونقل سيناريوهات أخرى كارثية مما حدا ببقية بكل الفرقاء الليبيين إلى اختيار الجزائر لعقد الحوارات بين الفرقاء وخاصة جلسات الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني في أكثر من مناسبة وخاصة خلال سنة 2015….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *