عنف، مخدرات وتدخين : من يحمي تلاميذنا ومؤسّساتنا من «الضياع» ؟

مجموعة من المنحرفين يقدمون على اقتحام إعدادية بالعقبة ويحاولون سلب من فيها منذ أيام.. هي حادثة ليست الأخيرة في مسلسل الاعتداءات على المؤسسات التربوية، المهددة أيضا من عصابات تحاول استدراج تلاميذها في مثلث العنف والإدمان والانحراف. 

«الشروق» أعادت فتح ملف حماية المؤسسات التربوية من الاعتداءات والتهديدات التي تمس إطارها التربوي والتلاميذ في آن واحد.
أكدت مصادر من وزارة التربية ارتفاع وتفاقم العديد من الظواهر السلبية في المؤسسات التربوية مثل العنف والانتحار والزطلة والتدخين والمخدرات.
وقد انطلقت وزارة التربية في العمل على وضع استراتيجية تهتم بالإحاطة بالتلاميذ والجوانب النفسية والاجتماعية قصد التصدي لعدد من الاخلالات. كما تعمل الوزارة على حماية المؤسسات التربوية والتلاميذ من الاعتداءات والسلوكيات المحفوفة بالمخاطر.
سلوك ومخاطر
حسب دراسة لإدارة الطب المدرسي والجامعي فإن طلبة الثانوي والإعدادي الذين يستهلكون المخدرات في كامل أنحاء الجمهورية يقدر عددهم بـ 4 بالمائة من جملة التلاميذ، ويستهلك 5.8 بالمائة الزطلة. كما بين المسح في جميع الكليات والجامعات التونسية والذي شمل الطلبة بين 20 و24 سنة أن 5 بالمائة من طلبة الكليات مدمنون على المخدرات. كما يستهلك حوالي 6 % تقريباً من المتمدرسين المشروبات الكحولية.
وتقدر نسبة استهلاك التلاميذ للسجائر بـ 22 بالمائة. كما برزت ظاهرة أخرى في صفوف التلاميذ وهي استهلاك الأدوية الطبية المخصصة لمرضى الأعصاب ويتم تعاطي هذه المواد المخدرة غير مؤشرة من طرف الاطباء، بهدف الحصول على النشوة. وقد بلغت نسبة الاستهلاك 2.1 بالمائة للتلاميذ الذين اعمارهم تتراوح بين 15 و17 سنة. وتحيط بالتلاميذ في سن المراهقة مجموعة من التهديدات الأخرى مثل «الكلفرة» والاستدراج نحو الانحرافات والإرهاب والتطرف إضافة إلى ممارسات الجنس في ظل غياب التوعية ودور العائلة والمرشد التربوي.
وإضافة إلى هذه السلوكيات المحفوفة بالمخاطر والتي عادة ما يتم استدراج التلاميذ فيها من خلال الأقران أو من خلال قضائهم لأوقات الفراغ في الشوارع والمقاهي مما يجعلهم «لقمة» سائغة للمنحرفين والمروجين، تتغير سلوكيات التلاميذ في فترة المراهقة وهو ما يجعلهم يمارسون العنف وقد سجلت المعاهد والإعداديات حوالي 10 آلاف إحالة على مجالس التأديب في ثلاثي واحد السنة الماضية.
تزايد الاعتداءات
أكد الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الثانوي نجيب السلامي ارتفاع حالات العنف بأنواعه في المؤسسات التربوية من ذلك الحادثة التي جدت بالعقبة، كما حصلت حادثة عنف مادي في مؤسسة تربوية بدوار هيشر وفي القصرين حيث تم استعمال سلاح أبيض، واقتحام قسم والاعتداء على تلميذ. وأضاف أن هناك جانبا قانونيا يتمثل في ضرورة الإسراع بإصدار القانون الذي يجرم الاعتداءات على المؤسسات التربوية، إضافة إلى توفير الحماية اللازمة للمؤسسات التي تعاني من غياب التأمين البسيط مثل وضع الأسوار وتوفير الموارد البشرية للغرض إضافة إلى توفير دوريات أمنية تحمي المؤسسات التربوية والقيام بقضايا استعجالية في الحوادث. كما طالب من جهة أخرى بتكثيف الدوريات الأمنية والأمن بالزي المدني قرب المؤسسات التربوية للحماية من عصابات تسويق السجائر والزطلة.
واعتبر أن انتشار الزطلة والكحول في المحيط المدرسي شكل آخر من العنف المهدد للمؤسسات التربوية. واعتبر أن الحل في التوعية وتطوير العلاقة بين التلاميذ في المؤسسات التربوية ومع الولي. والتدريب على احترام المربي لا شيطنته، إضافة إلى دعم تواجد التأطير النفسي والاجتماعي.
سلوكيات وتربية
اعتبر رئيس الجمعيّة التّونسيّة لجودة التّعليم سليم قاسم أن المؤسّسة التّربويّة مجتمع مصغّر، وعليه فإنّها معرّضة لذات الظّواهر التي يمكن أن تطرأ على بيئتها الاجتماعيّة الموسّعة. غير أنّ خصوصيّة هذه المؤسّسة ومنزلتها في نفس المواطن التّونسيّ تجعلانه يحمّلها أحيانا أكثر ممّا تحتمل، ويرفض أن يرى فيها سلوكيّات من الممكن أن يتقبّلها أو يتعايش معها ضمن فضاءات أخرى وأطر مغايرة. لذلك فلا يمكن أن نتحدّث اليوم عن ارتفاع منسوب العنف في المدرسة وعن بروز ظواهر سلبيّة فيها كالإدمان والتّطرّف بمعزل عمّا يعيشه مجتمعنا منذ سنوات من توتّر سببه الرّئيسيّ ضبابيّة المستقبل وتفاقم الضّغوطات اليوميّة التي صار يعيشها المواطن لأكثر من سبب، فهذا الواقع الجديد كان لا بدّ أن يلقي بظلاله على المؤسّسة التّربويّة وأن يترك أثره داخل ساحاتها وفصولها.
وأضاف أن الرسالة التّربويّة للمدرسة تفرض عليها ألاّ تكون في موقع الخاضع لتأثيرات الواقع فحسب بل أن تنهض في الآن نفسه بمهمّة الفعل فيه والمساهمة في تغييره من خلال تغيير السّلوكيّات والعقليّات . كما أشار إلى عزل المئات من مديري المؤسّسات التّربويّة الأكفّاء وانتداب لعشرات الآلاف من الشّبان والكهول الذين عهدت لهم مهمّة تدريس الشّباب التّلمذي وتأطيرهم دون أيّ إعداد سابق ولا تكوين لاحق.
وتعمل الجمعيّة التّونسيّة لجودة التّعليم على تعميم الوحدات التّدريبيّة الخاصّة بإدارة و”بعلم نفس المراهق” على كافّة المدرّسين والإداريّين وجعلها إجباريّة مع متابعة تنفيذها وقياس أثرها . كما دعت إلى تكثيف برامج التّدريب الموجّهة إلى الأولياء مع ضرورة تظافر كل الجهود.

تلاميذ وانحرافات
– 4 بالمائة من جملة التلاميذ، يستهلكون 5.8 بالمائةمن الزطلة
– حسب آخر الإحصائيات تم تسجيل 9727 حالة عنف مادي ولفظي في الثلاثي الأول من سنة 2015 – 2016.
– شهدت سنة 2014 حوالي 8500 حادثة عنف مادي ومعنوي خلال الثلاثي الأول منها 5014 حادثة عنف في المرحلة الإعدادية، بحسب دراسة أعدتها الإدارة الفرعية للحياة المدرسية في مرحلة التعليم الثانوي.
– رفعت وزارة التربية 1100 دعوى بسبب الاعتداءات على المؤسسات التعليمية والمربين.

 

ابتسام جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *