عندما يقع وزير المالية في فخ الازدواجية

نشر بجريدة الصحافة ليوم 30 أكتوبر 2015

طمأنة التونسيين لن تجدي نفعا بإحباط شركائهم!

 بقلم: جنات بن عبد الله

 

كشف الحديث الذي ادلى به وزير المالية الى وكالة الانباء الاجنبية «رويتر» عن اعترافات خطيرة تتعلق بالوضع المالي والاقتصادي في البلاد. وقد جاءت هذه الاعترافات مباشرة بعد تقديم مشروعي ميزانية الدولة وقانون المالية لسنة 2016 الى مجلس نواب الشعب.
هذه الاعترافات جاءت في صيغة رسالة احباط بعث بها وزير المالية الى المجتمع الدولي ومجموعة الثماني يستجديهم فيها بتقديم الدعم المالي لتونس في هذه المرحلة الانتقالية التي زادتها العمليات الارهابية والاحتجاجات والاضرابات تأزما.
اعترافات وزير المالية بخصوص احتياجات ميزانية الدولة من التمويل وعجز حكومة الائتلاف عن تغطيتها من مواردنا الذاتية كشفت ولاول مرة على لسان عضو في حكومة الائتلاف عن فشل هذه الحكومة في تطويق الازمة المالية وفي اخراج الاقتصاد الوطني من حالة الانكماش.
في المقابل وفي الندوة الصحفية التي عقدها بالقصبة بحضور ممثلي وسائل الاعلام الوطنية والاجنبية لتقديم مشروع قانون المالية لسنة 2016 بعث وزير المالية برسائل طمأنة الى الشعب التونسي حيث اكد على قدرة الحكومة على السيطرة على عجز ميزانية الدولة لينزل من ٪7 الى ٪3.9 من الناتج المحلي الاجمالي في سنة 2016 موضحا انه في صورة موافقة مجلس نواب الشعب على المشروع في صيغته المقترحة من الحكومة، فان أغلب المؤشرات الاقتصادية والمالية ستشهد تحسنا في السنة المقبلة وستخرج البلاد من أزمتها.
ما يلفت الانتباه في هذا السياق ظهور وزير المالية بوجهين متناقضين للتسويق لمشروع قانون المالية لسنة 2016… وجه للاستهلاك الداخلي… طمأن من خلاله المواطن التونسي على مستقبله القريب… ووجه ثان توجه به الى المجتمع الدولي ومجموعة الثماني ينبههم بتقهقر الوضع المالي… إذن أين الحقيقة؟
فهل ما قام به وزير المالية يدخل في باب الدهاء السياسي ام النفاق السياسي؟ والى اي مدى تبطن هذه الازدواجية الاستعداد للتخلي عن السيادة الوطنية مقابل البقاء في السلطة؟
اسئلة نفضل ان تجيب عليها الايام القليلة المقبلة… ولكن في انتظار ذلك لا بد من الاشارة الى ان ما بلغه الوضع المالي والاقتصادي والاجتماعي من تدهور قد نبه اليه البنك المركزي التونسي في بياناته الشهرية الصادرة منذ سنة 2012 الى جانب عدد كبير من الخبراء الاقتصاديين والماليين الذين اطلقوا آلاف صيحات الفزع بخصوص تواصل تدهور عجز الميزان التجاري، وتفاقم التجارة الموازية وشح السيولة البنكية واندثار منظومة الانتاج، وتفاقم الفساد المالي والاداري… داعين آلاف المرات الى مراجعة مجلة الاستثمارات والقضاء على الفساد واقرار منوال تنمية يقطع تماما مع المنوال الحالي واقرار اصلاحات في المجال الجبائي والبنكي والديواني والاداري…
ومنذ سنة 2012 ومع كل حكومة جديدة يعود البنك المركزي وثلة من الخبراء الاقتصاديين الى التنبيه من جديد الى خطورة الوضع وامكانيات الخروج من الازمة في المقابل تصر هذه الحكومات على تجاهل هذه الاصوات والايفاء بتعهداتها لمن كانوا وراء وصولها الى السلطة…
اليوم القى وزير المالية المنديل في محاولة يائسة للتنصل من المسؤولية… والخروج من السلطة وبقية اعضاء الحكومة بوسام يعترف لهم بمجهوداتهم الجبارة في تدمير اقتصاد البلاد والالقاء به في مستنقع اليأس والاحباط.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *