عميد سابق في الحرس الوطني التونسي : تهريب 5 مساجين متهمين بالإرهاب سابقة خطيرة

قال: أخشى من سيناريو «داعش» في سجون سوريا والعراق

تونس: كمال بن بونس

تزايد الاهتمام في تونس على الصعيدين الرسمي والشعبي بقضية «فرار» 5 من أخطر المساجين المتهمين بالتورط في قضايا إرهابية واغتيالات سياسية خلال العشرية الماضية، بينهم مَن حوكم بالمؤبد أكثر من مرة.

وحسم الرئيس التونسي الجدل حول هذه القضية، في ظرف نحو 24 ساعة، بتصريحات رسمية بثتها الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية بعد استقباله وزيري الداخلية والعدل على انفراد، وإعلانه أن «الأمر لا يتعلق بفرار بل بعملية تهريب وقع الإعداد لها منذ مدة»، مع التعهد بمحاسبة كل المسؤولين عنها بحزم.

وتعقيباً على هذه الحادثة غير المسبوقة في قضايا المساجين في قضايا إرهابية بتونس، أورد العميد السابق في الحرس الوطني والخبير في قضايا الإرهاب، علي الزرمديني، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «فرار المساجين الإرهابيين والداعشيين غير مستبعد، بل هو جزء من عقيدتهم الإرهابية» التي تؤمن بأنه لا ينبغي الإبقاء على أي من عناصرهم بين أيدي القوات والأطراف المعادية لهم، وإن أدَّى الأمر إلى دفع أموال طائلة لتهريبهم أو تصفيتهم.

عناصر من «الحرس الوطني» في مهمة ضد الإرهابيين (موقع وزارة الداخلية التونسية)
واستدل علي الزرمديني في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بحالات تهريب مساجين إرهابيين في سوريا والعراق، بينهم سجناء من «داعش» و«القاعدة» من سجن الحسكة ومن مخيم أبو الهول. وتردد أن عمليات التهريب كانت مقابل أموال طائلة، وتم الإعداد الطويل لها بدقة قبل تنفيذ كل مراحلها؛ من الإخراج من المعتقل إلى مرحلتي الإخفاء في أماكن سرية، ثم التهريب إلى بلدان بعيدة.

وتوقع العميد الزرمديني أن يكون وقع الإعداد منذ سنوات لعملية التهريب هذه من سجن كبير وعصري، مثل سجن المرناقية غربَ العاصمة تونس، الذي يضم آلاف الموقوفين والمساجين من مجرمي الحق العام والسياسيين والمتهمين في قضايا التآمر على أمن الدولة وقضايا إرهابية وجنائية مختلفة.

ورجَّح الزرمديني أن يكون الإعداد لتهريب هؤلاء المساجين الخطرين المتهمين بالإرهاب تحقَّق، بعد تنسيق وتحركات وتحضيرات شاركت فيها شخصيات ومجموعات «داعشية» من بين المساجين في سجون تونس وخارجها، ومن بين الأطراف التي «صنعت المجموعات الإرهابية وتمولها وتدعمها وتوظفها… واختارت التوقيت الحالي وانشغال السياسيين والرأي العام بالمستجدات الوطنية والدولية، وبينها الحرب في فلسطين المحتلة، لتنجز مهمتها».

قوات النخبة التونسية من حراس السجون في حالة تأهب قصوي (أرشيف وسائل الإعلام التونسية)
وأورد المسؤول الكبير السابق في الإدارة العامة للحرس الوطني التونسية أنه لا يستبعد، من خلال خبرته في القضايا الإرهابية، أن يكون بعض «الداعشيين» نجحوا في «توظيف» أمنيين، من بينهم حُرّاس في السجن، بسبب ثغرات أمنية، وفشل بعض الأجهزة المختصة في المخابرات في رصد تفاصيل تحركات بعض المساجين الإرهابيين والمجموعات التي تدعمهم داخل البلاد وخارجها.

وماذا عن مصير المساجين الخمسة بعد فرارهم؟ يقول العميد الزرمديني في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنه يرجح أن يدخلوا مؤقتاً في «مرحلة السرية»، أي أن يختفوا في أماكن يصعب الوصول إليها، وهو ما يؤكد «وجود حاضنة للإرهاب في البلاد (مهما كانت صغيرة)».

ولم يستبعد الزرمديني أن يكون الفارون الخمسة غادروا البلاد، أو أن يبدأوا التحضير لذلك عبر «شبكات الدعم»، التي قد تكون أعدَّت مسبقاً، تفاصيل تهريبهم إلى «بؤر التوتر» أو إلى «بلدان بعيدة»، مثلما نجحت في تهريبهم من السجن.

في كل الحالات، توقع العميد السابق في الحرس الوطني أن تكون لهذه القضية مضاعفات سياسية وأمنية خطيرة. ودعا إلى الاستفادة منها «لمعالجة الثغرات الأمنية والإدارية التي تسببت فيها»، والتي قال عنها إنها «ثغرات برزت منذ بدء مسار إضعاف مؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية والعسكرية، منذ منعرج يناير (كانون الثاني) 2011 الذي وصفه البعض بالثورة الشعبية، وعدَّه آخرون مخططاً استعمارياً لتوريط البلاد في مسلسل من الفلتان الأمني والسياسي والإعلامي». ونبه الزرمديني إلى أن من بين الأخطار «توريط تونس مجدداً في سيناريوهات الدواعش بسوريا والعراق وليبيا وفي الدول التي انهارت فيها المنظومة الأمنية للدولة الوطنية».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *