عضو بمجلس النواب الليبي:خسارة كلينتون أراحتنا من مؤامرتها لتقسيم الوطـن العربي!

الدكتور خليفة صالح الدغارى، عضو مجلس النواب الليبى، ورئيس كتلة السيادة الوطنية بالمجلس يتحدث لصحيفة الأهرام العربي، (عقب لقائه بالمبعوث الأممى لليبيا، مارتن كوبلر، لبحث تطورات الوضع الليبي)، حول الحوار السياسى الدائر فى ليبيا، و الأوضاع السياسية والأمنية، و الصراع بين الفرقاء الليبيين على السلطة، و تناحر الميليشيات المسلحة.

– لماذا طالت فترة عدم الاستقرار السياسى فى ليبيا منذ بداية الثورة فى فبراير 2011 حتى 2016.. هل لوجود صراع سياسى على السلطة بين الفرقاء الليبيين أم لغياب الأمن بسبب المواجهات العسكرية بين التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة من جانب، وبينهما وبين الجيش الليبى من جانب آخر؟ 

“تركيا وقطر مسئولتان عن تعقد الصراع السياسى فى ليبيا”… “طالبنا كوبلـــر بتعديــل المسـودة الرابعة لاتفــاق الصخيرات”… “الميليشيات المسلحة فى ليبيا 4 مجموعات.. إسلامية مؤدلجة ومناطقية وقبلية وبلطجية”

* برغم أن الثورة بدأت عفوية من دون قيادة، فإن الصراع السياسى طال أمده بسبب تدخل أطراف خارجية فى الأحداث بدعم بعض القوى الليبية، عدد من الدول ـ أخص منها بالذكر تركيا وقطر ولحقت بهما فيما بعد السودان ـ هذه الدول استغلت الأمر وحاولت توظيف بعض المجموعات السياسية، خصوصا الإسلامية منها وفى طليعتها الإخوان المسلمين، ثم بدأت فى دعم الجماعات الدينية المتطرفة مثل أنصار الشريعة والقاعدة، ممن قدموا من أفغانستان وغيرها من المسميات الأخرى، وأخيرا انضمت داعش إلى المشهد مما زاد الأمر تعقيدا، وكان سببا رئيسا فى زيادة عدم استقرار الوضع السياسى والأمنى فى البلاد. كما خرجت جماعات كبيرة من السجون يقدر عددها بـ 17 ألف سجين على الأقل من التنظيمات الدينية المتطرفة والمجرمين المحكومين فى قضايا جنائية، أسهمت هى الأخرى فى تدهور الوضع الأمنى وتعقيد المشهد، حيث حرقوا المحاكم، لحرصهم على عدم عودة الأمور إلى نصابها، لأن استقرار الأوضاع ليس من مصلحتهم، لأنها تعنى أنهم سيتم القبض عليهم وسيعودوا إلى السجون من جديد. وهناك أيضا مجموعة نورى بو سهمين آخر رئيس للمؤتمر الوطنى السابق التى تمترست وراءه. 

– هل كل المجموعات المسلحة لها جذور سياسية أم أن كلها مجموعات لصوص ومجموعات ممولة من الخارج؟

* يمكن تقسيم الميليشيات المسلحة إلى أربع مجموعات، المجموعة الأولى مؤدلجة وهى المجموعات الإسلامية، والثانية تكونت مناطقيا تبعا للمناطق الجغرافية، والثالثة قبلية، والرابعة البلطجيين الذين كانوا فى السجون. نحن فى المنطقة الشرقية التى أنتمى إليها “برقة” استخدمنا أساليب عدة منها: الرفض الاجتماعى أو رفع الغطاء الاجتماعى عن هذه المجموعات، وإجبارها على تسليم سلاحها وتخضع للقيادة العامة للقوات المسلحة، ولم يبق منها إلا القليل، لكن هذه المجموعات التى ما زالت موجودة بكل قوة فى المنطقة الغربية فى طرابلس ومصراته وصبراتة، وتتركز بصفة خاصة فى طرابلس، تجدها فى معظم شوارعها، تحمل السلاح ولا تخضع للشرعية ولا رغبة لديها فى استقرار البلاد، وتعتمد الابتزاز منهجا لها.

– هل لهذه المجموعات مطالب سياسية محددة يمكن أن تصنفها على أنها ضمن الفرقاء السياسيين المتصارعين على السلطة، أم أنها تستهدف فقط استمرار الفوضى لممارسة الابتزاز المالي؟

* هى فى أغلبها لم تعلن عن مطالب سياسية ولكنها مستفيدة من حالة الفوضي، إلا أن هناك من بينها مجموعات إسلامية مؤدلجة تخضع للإخوان المسلمين، وتتبع القاعدة وأنصار الشريعة لديها رغبة فى الوصول إلى السلطة من خلال القوة العسكرية.

– أى هذه المجموعات تحظى بدعم تركى ـ قطرى ـ سوداني، وهل هذه الدول الثلاث تتصرف مجتمعة على قلب رجل واحد وتدعم مجموعة بعينها؟

* الحقيقة أن الدعم يصل حتى داعش من خلال عمليات المصلحة والابتزاز والفوضي، حتى إن هذا الأمر أصبح مشتركا بين الجميع، ولك أن تتصور أن سفير المملكة المتحدة أعلن فى مجلس العموم البريطانى، أن هذه المجموعات باتت تبتز أى حكومة ليبية تأتى إلى طرابلس، وتمول من مصرف ليبيا المركزى عن طريق الابتزاز. هذه المجموعات تلجأ إلى أساليب قذرة مثلما حدث مع السيد على زيدان رئيس الوزراء الليبى الأسبق الذى اختطفته إحدى هذه المجموعات المسلحة من بيته وساومت على إطلاق سراحه، وخلال فترة اختطافه تعرض للكثير من المهانة والإذلال ثم قاموا بابتزازه لاحقا، وحدث الأمر نفسه مع السيد بوسهمين رئيس المؤتمر الوطنى السابق، وكلاهما وكذا كل الوزراء فى المؤتمر الوطنى السابق كانوا مجبرين على توقيع الصكوك فى السيارات وتحت ظلال الأشجار خارج المكاتب، لدرجة أنهم ما عادوا يذهبون إلى المكاتب، وأصبح كل شخص مهددا ومجبرا على توقيع هذه الصكوك وتسديد مبالغ مالية خارج مكتبه، وهذه الممارسات موجودة إلى الآن، لم يسلم منها حتى السيد فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطنى الذى خضع لابتزازهم، وكثير من قراراته يتم اتخاذها تحت التهديد.

– ذكرت ثلاث دول عربية وإقليمية بالاسم تدعم تلك الجماعات المسلحة.. ماذا عن الدول الغربية.. هل تلجأ لمثل هذه الممارسات فى دعم الميليشيات؟

* الثابت لدينا هذه الدول الثلاث (قطر بالدرجة الأولي، وتركيا، والسودان التى انضمت لهما أخيرا) تدعمهم، حيث يقوم السودان بتهريب السلاح والعناصر الإرهابية من منطقة المثلث الحدودى ما بين مالى وليبيا، لضعف السيطرة عليها من جانبنا بشكل جيد، وهذا ليس خافيا على أحد، بل تناولته كثير من الصحف والمجلات. كما أن عناصر متطرفة أخرى تتسلل إلينا أيضا عن طريق حدودنا المشتركة مع النيجر والجزائر من جماعة بوكو حرام المتحالفة مع داعش. والمسلحون الذين تم التضييق عليهم فى بنغازى فى وقت سابق اتجهوا الآن إلى سرت وتجمعوا فيها. وهناك أيضا مجموعات تأتى من العراق وسوريا على مرأى ومسمع من قوات “الناتو” الموجودة فى البحر المتوسط المسماة “صوفيا” والتى تعمل تحت غطاء مراقبة الهجرات غير الشرعية إلى أوروبا، حيث تغض البصر عن الإرهابيين الذين يدخلون إلى ليبيا، وهذه شكل من أشكال التآمر الغربى ليس على ليبيا وحدها ولكن على المنطقة بالكامل.

– وهذا يتزامن فى الوقت نفسه مع حظر الدول الغربية للسلاح على “الجيش الوطنى” الليبى أليس كذلك؟

* بالضبط.. فالعناصر الإرهابية تصل إلى ليبيا عن طريق مطار معيتيقة فى طرابلس الذى هو تحت سيطرة حكومة الوفاق وتحت سيطرة الميليشيات المسلحة، وكذا العناصر المقاتلة. فمثلا عبدالحكيم بلحاج الذى يتولى قيادة المجلس العسكرى فى طرابلس بعد 2011، هو رئيس حزب الوطن الإسلامي، وكان أمير الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة المنحلة، قضى وقتا فى تورا بورا، قبل أن يتم ترحيله إلى معتقل جوانتانامو، والآن أصبح من قيادات القاعدة فى ليبيا وفى شمال إفريقيا، وقام بتهريب 20 ألف صاروخ فى عام 2011 إلى سوريا على متن 4 بواخر، إضافة إلى مساعدته فى نقل المجندين إليها، وهو يكافأ على تأجيج الصراع هناك بوجوده فى طرابلس بدعم قطرى للأسف الشديد، وهو من يقوم بالتعاون مع باقى الميليشيات المسلحة بحماية المجلس الرئاسى فى طرابلس، تحت اسم حرس المنشآت التى يقودها السيد إبراهيم الجضران الذى خرج من السجن بعد 17 فبراير، وكان مودعا فى السجن فى جرائم جنائية وليس فى جرائم سياسية، هذا المجرم، وبدعم من الميليشيات المسلحة كان يسيطر على حقول النفط الليبى وموانئ تصديره قبل استردادها منه، وتسبب فى خسارة الخزانة الليبية لمليارات الدولارات.

– وصفتم لقاءكم بمارتن كوبلر، المبعوث الأممى لليبيا قبل يومين ضمن وفد برلمانى ليبى برئاسة السيد على القطرانى، بأنه كان مثمرا جدا.. ما ثمار هذا اللقاء؟

* طالبنا كوبلر من جانبنا كـ “كتلة السيادة الوطنية” التى تأسست بعد مخرجات وثيقة الحوار السياسى فى الصخيرات ـ هذه الوثيقة المعيبة ـ التى سلبت كل اختصاصات مجلس النواب، بتعديلات على الوثيقة، وتمكنا من خلال تجميع توقيعات عدد لا بأس به من أعضاء مجلس النواب من أعضاء الكتلة، وعدد آخر من المعارضين لقناعتهم بعيوب الوثيقة على اختلاف وجهات نظرهم معنا سواء لأسباب شخصية أم مناطقية، والمعترضين لعدم حصولهم على نصيبهم فى الوظائف، وأصبحنا نشكل تقريبا ثلث البرلمان المعطل،ورفضنا تمريرها فى المجلس وطالبنا بعدم اعتبارها وثيقة شرعية أو دستورية إلا بعد إجراء التعديلات والإصلاحات. وقد تقدمنا بـ 25 اقتراحا للتعديل، وأول هذه المطالب ألا تتدخل المؤسسة العسكرية الرسمية الممثلة فى الجيش فى الجدل السياسى الدائر، ومن يرد من التشكيلات المسلحة الانضواء تحت الجيش وفقا لهذه الضوابط وللتراتبية العسكرية، على أن يطبق عليها ما يطبق على الجيش من القوانين السابقة فلا مانع، نحن لا نتدخل فى هذا الأمر، وأملنا تحقيق التبادل السلمى للسلطة، لبناء ديمقراطية حقيقية، وهذا الأمر تم التوافق عليه، كما حصلنا على تطمينات من المؤسسة العسكرية بعدم التدخل فى الشأن السياسي، ولا بد من وضع آلية مشتركة سيتفق عليها فى الأيام المقبلة بين الجسمين السياسيين الرئيسين وهما المؤتمر الوطنى السابق والبرلمان الحالي، وتم تضمين كل الملاحظات، وإذا كان الطرف الآخر لديه ملاحظات سنحترمها ونأخذها بعين الاعتبار مع تقريب وجهات النظر، وسيتم وضع مسودة متوازنة تضمن بناء الدولة، وهو ما نسعى إليه، مع تحقيق تقارب يجمع أكثر ما يفرق. وقد صرح كوبلر أنه كان هناك خطأ فى السابق، وهناك رغبة فى تعديل وتصحيح المسار، وهناك مؤشرات إيجابية حتى من جانب المؤتمر الوطني، خصوصا أن موقف البلاد أصبح غاية فى الصعوبة.

– هل تعول كثيرا على كوبلر فى مسألة التوصل إلى حل للموقف السياسى الراهن، هل تثق فيه؟

* كوبلر مراوغ، وهناك ضغوط دولية ومحلية من أجل إيجاد هذا الح، خصوصا بعد نجاح الحزب الجمهورى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، وفشل السيدة هيلارى كلينتون فى سباق الرئاسة، التى كانت تتحكم فى خيوط العملية السياسية فى ليبيا وتهيمن على مساراته بالكامل

– هل تعنى أن كوبلر تحرر من الضغوط الأمريكية التى كانت كلينتون تمارسها على أطراف العملية السياسية فى ليبيا؟

* المبعوث الأممى الآن يعرف أن الموازين تغيرت سواء كانت فى أمريكا أم فى العالم، ولا تنس أننا ككتلة سيادة وطنية كنا نتواصل منذ شهرين مع حملة ترامب، وليس مع الرئيس الأمريكى المنتخب نفسه، من خلال المتحدث الإعلامى للحملة، ووصلنا معهم إلى تقارب فى هذا الأمر.

– هل هناك وعود محددة من جانب حملة ترامب فيما يتعلق بحل الأزمة الليبية؟

* ما وصلنا من حملة ترامب أن ما كانت تفعله كلينتون بخصوص ليبيا عبث سيتم تصحيحه، ونحن بعثنا تهنئة باسم مجلس النواب لتهنئة ترامب بالفوز، وأوضحنا له تستر كلينتون على الجماعات الإرهابية وداعش، بما فى ذلك حادث الاعتداء على السفارة الأمريكية فى بنغازى وقتل السفير الأمريكى بليبيا خلال هجوم دموى، فى وقت تولى كلينتون حقيبة الخارجية الأمريكية، وكذلك خطف السفير الأردنى لدى ليبيا ومبادلته بأحد المجرمين المحبوسين فى المملكة، وكذلك مقتل 600 ضابط ليبى بدم بارد فى شوارع بنغازى خلال المواجهات مع داعش، والصحفيين والنشطاء السياسيين.

– أراك تتهم هيلارى كلينتون بأن يديها ملوثة بدماء الليبيين؟ 

* هى لو لم تكن متآمرة بالفعل على الشعب الليبى ويداها ملوثة بدمائه..فصمتها على ما جرى يعنى التآمر بالصمت، فهى لم تكن إيجابية على الإطلاق وشجعت السيد فايز السراج على عدم التعامل مع الفريق خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة الشرعية.

– تعنى أنكم متفائلون بفوز ترامب؟

* برغم أن أغلب استطلاعات الرأى فى الولايات المتحدة كانت تتوقع فوز كلينتون، فإن توقعاتنا فى ليبيا كانت لصالح ترامب، وكنا نتوقع أن استمرار كلينتون فى السلطة يعنى استمرار المعاناة فى ليبيا، وقد أوضحت خلال مقابلة تليفزيونية مع قناة النيل للأخبار أن كلينتون تتآمر على العالم العربى وتتآمر على مصر لاستقطاع أجزاء من سيناء والنوبة وغيرها من التراب المصري، وهناك مؤامرة كبيرة قائمة على تونس والجزائر، وللأسف الجزائر موجودة على أجزاء من ليبيا، وأنا من جانبى أتمنى أن تكون قراءتى خاطئة. فى كل الأحوال نحن ارتحنا من مؤامرات السيدة كلينتون التى قامت بـ 112 زيارة حول العالم من أجل تقسيم الوطن العربي، ثورة 30 يونيو فى مصر قلبت الموازين وقلبت حسابات كلينتون بشأنها، ولو لا قدر الله كتب لهذه المؤامرة النجاح لضاع الوطن العربى كله، وهزيمتها خلصتنا منها ومن الجواسيس والجراثيم الذين كانوا يعملون معها.

المصدر : الأهرام العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *