عبدالرؤوف بولعابي: رجل من دار الأرقم .. بقلم د. المنصف سليطي

انتقل الي جوار ربه المناضل الفاضل والخلوق والزعيم الطلابي والنقابي والسياسي الكبير
عبدالرؤوف بولعابي وخسر الوطن والشعب بوفاته رجلاً مناضلاً نظيفاً شريفاً ويصعب تقديم كل تفاصيل عطاءاته ولكنه وهب حياته للثورة والإسلام والوطن. ولقد كان رمزا لمرحلة التأسيس للاتجاه الإسلامي في الجامعة ، وقيادي في الحركة الطلابية النقابية والسياسية ما بين سنة 1978 وسنة 1981 ، ساهم في تطوير الأنساق التنظيمية والسياسية والأدوات التثقيفية وأعطى الشأن الثقافي ما يستحقه من اهتمام ورعاية . فعمل على نشر وتأسيس -مثلا -المناشير الحائطية الحدث السياسي و الحدث الثقافي وتعليقها بشكل مكثف في جميع فروع الجامعة التونسية في نفس اليوم وتقديمها بشكل جذاب ومبسط لعموم الطلبة هذا بالإضافة إلى بعث مهرجانات ثقافية وفنية وشعرية كانت تمثل تظاهرات جديدة على ساحة النضال الطلابي ،الموغلة في ثقافة الهياكل النقابية الوقتية آنذاك، ومداخل مهمة للتعريف بحركة الإتجاه الإسلامي في الجامعة ومنها تنظيم تجمعات طلابية شبابية ضخمة دورية لمناصرة فلسطين و الاحتفال باليوم السنوي العالمي لمناهضة الاستعمار والامبريالية يوم 24 افريل من كل عام. وفي هذا السياق لعب دورا تاريخيا في ترشيد الخطاب الفكري والسياسي والنقابي للحركة الطلابية والتلمذية والنقابية والسياسية أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات ..و ربط مبكرا علاقات بزعامات المنظمات الحقوقية والحركات والأحزاب العلمانية واليسارية المعتدلة في تونس وخارجها .

Résultat de recherche d'images pour "‫د. المنصف سليطي‬‎"
وعندما أحيط بحركة الإتجاه الإسلامي وحدث مسك وثائق في ديسمبر 1979 و اكتشف وجود تنظيم ، أحيلت القيادة إلى الجامعة وبالتالي ترأس الفقيد حركة الاتجاه الإسلامي (حركة النهضة حاليا) بين ديسمبر 1980 وأفريل 1981 حيث تم عقد مؤتمر لها أتفق فيه على الخروج للعلن والمطالبة بالإعلان عن تأسيس حركة للإتجاه الإسلامي وهو ما تم بالفعل في جوان 1981..غادر البلاد إلى فرنسا كلاجئ سياسي حيث تابع الفقيد مسيرته النضالية والعلمية وعرف فيها محنا و أوضاعا متعبة وصعوبات كثيرة ..ورغم ذلك تابع دراسته العليا في جامعة السربون في قسم علم الاجتماع معصديقه ورفيق دربه محمد بن نصر وأكمل فيها كل مراحل دراسته و تحصل منها على شهادة الدكتوراه. ونشرت دار لرمتون رسالته في سنة 2006 بعنوان” السلطة في الإسلام.”
اشتغل بعد ذلك في العديد من المجالات و أدار لفترة معهدا للدراسات الإسلامية و في الأثناء واصل عمله السياسي في صلب حركة الاتجاه الإسلامي ثم حركة النهضة، قياديا من الصف الأول….وكان من أبز القيادات المهجرية الإسلامية التي تزعمت تيار المراجعات الفكرية والسياسية ومنهج الإخوان المسلمين وباعث لمجموعة من الندوات الفكرية المعمقة داخل صفوف التيار الإسلامي وهو خيار ساهم في تطوير الخطاب السياسي الإسلامي لحركة الإتجاه الإسلامي وعمل على تنضيجه و احتضانه لمفاهيم جديدة من نوع الانحياز للفئات الاجتماعية الضعيفة وقضايا العمال والعمل على الاستجابة لمطالب الشعب في الحياة الكريمة وترجمة همومه وانشغالاته اليومية في الشغل وتحسين ظروف العيش.. و أدرك مبكرا أن الإنسان هو هدف التنمية ومبتغاها فأولى هذه المسائل ما تستحقه من عناية وعمل وابداع.
زار مع عائلته تونس بعد الثورة بعد 30عاما من المنفي والمطاردة في فرنسا..
ثم تدهورت صحته وداهمه المرض الخبيث وعانى لسنوات عديد من الألم ومرارة المرض ..و صمد طويلا .. ثم ترجل مع فرسان اخرين.
يعزّ علينا فراقك ، يا رجل الحكمة والرأى والسخاء والعطاء ، يا رجل أحبه الناس وأجمعوا على حبه وتقديره في حياته وبعد مماته .. اليوم يبكيك كل الذين عرفوك وكل الذين رافقوك وكل الذين فقدوك …ويبكيك الوطن وانت ترحل عنا في صمت في زمنٍ اختفت فيه القامات والهامات و الكبار والكبرياء.
ورحم الله فقيدنا الغالي وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *