صورة تونس في الخارج

مهما كانت خلافات صناع القرار السياسي والاقتصادي في تونس من المهم جدا أن يتناسوا تلك الخلافات لما يتعلق الأمر بخدمة المصالح العليا للبلاد في الخارج.

وقد توقف المراقبون والإعلاميون الايطاليون والأوربيون والأجانب باهتمام عند مشاهد لقاءات السفير التونسي الجديد في روما والناطق الرسمي السابق باسم رئاسة الجمهورية معز السناوي مع الوفد البرلماني والسياسي بزعامة راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الذي زار روما مؤخرا وعقد جلسات عمل مع رسميين ايطاليين بارزين بينهم وزير الخارجية ورئيسا غرفتي البرلمان إلى جانب اللقاءات بوفد عن الجالية التونسية في ايطاليا.

وقد سبقت مشاهد»التوافق الوطني» هذه جلسات تشاور مماثلة بين ممثلي الدولة والأطراف السياسية الوطنية نظمت في سفارات تونس في باريس وبرلين والدوحة وبيكين وواشطن ونيويورك ولندن وبروكسيل والقاهرة ومدريد وجنيف وبيرن واسلو..الخ بمشاركة قياديين من النداء والنهضة وحزب المشروع والجبهة الشعبية والنقابات العمالية وممثلي اتحاد الصناعة والتجارة ومنظمات المجتمع المدني ورؤساء حكومات ووزراء سابقين..

مثل هذه الإشارات الايجابية سبقها انفتاح بعض البعثات الديبلوماسية التونسية في الخارج على ممثلي المعارضة في عهد «الترويكا» ثم في عهد حكومة المهدي جمعة.. وكان بينهم السادة الباجي قائد السبسي وأحمد نجيب الشابي وحمه الهمامي ومحسن مرزوق ورضا بالحاج.. بما كرس الإيمان المشترك بكون البلاد تحتاج إلى كل كفاءاتها وخبراتها ـ بمختلف مواقعهم وميولاتهم ـ لتحسين صورتها وحث سلطات الدول الشقيقة والصديقة على استرجاع الثقة في تونس دولة ومجتمعا ومؤسسات، وعلى دعم نجاحاتها السياسية النسبية اقتصاديا، كي تكسب معركة «التنمية الشاملة».

وقد أثبتت التجربة عالميا أن «الديبلوماسية البرلمانية» و»الديبلوماسية الشعبية» و»الديبلوماسية الموازية» أصبحت من أهم وسائل خدمة مصالح كل الدول العظمى وصنع «لوبيات» مكرسة لتحقيق أهدافها… بدءا من تحسين صورتها دوليا وإن كانت قياداتها مورطة في حروب دمار وجرائم ضد الإنسانية..

لكن مهما كانت أهمية التحركات لتحسين صورة أي بلد خارجيا فإنها تبقى رهينة عوامل كثيرة من بينها تنقية الأجواء داخليا.

وبات واضحا اليوم أن صورة تونس اهتزت إقليميا ودوليا بسبب «هبوط مستوى المعارك السياسية» في بعض المحافل ووسائل إعلام «الإثارة» و»المجاري»..

لقد سئم غالبية التونسيين والتونسيات والمراقبين الأجانب «الحروب الكلامية» وتبادل الشتائم بين بعض»الرموز» المحسوبة على عالم السياسة والإعلام.

كما تؤكد الدراسات المختصة انتشار مزيد من مشاعر الإحباط واليأس في صفوف الشباب والمثقفين والرأي العام بسبب «تدني مستوى بعض المعارك السياسية» وتكريسها لقاعدة «سياسة الأرض المحروقة».

فمتى يعطي صناع القرار الوطني الأولوية للبناء وليس للهدم؟

ألم يحن بعد طي مرحلة صفحات النزاعات الهامشية والبلد مهدد بالإفلاس والفوضى الشاملة؟

ومتى يوظف كل طرف مختلف أوراقه لإنقاذ الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية من مزيد الانهيار ومنع غرق المركب بكل من فيه؟

كمال بن يونس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *