زيارة السبسي إلى الجزائر : طمأنة للجارة.. و الملف الليبي من الأولويات

مغرب نيوز-منية العيادي

 

تنوعت الأخبار و التعاليق عن فحوى و أسباب الزيارة الخاطفة التي قام بها الرئيس الباجي قايد السبسي إلى الجزائر و هي الثانية منذ توليه الحكم حيث كانت الأولى بعد شهر فقط من إعتلائه كرسي الرئاسة كما تعد الجزائر أول دولة يقوم السبسي بزيارتها بصفته رئيسا.

و رجح محللون أن أسباب الزيارة في ظاهرها الهدف منها تدارس الوضع الأمني لدول الجوار و تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مكافحة الإرهاب و معالجة الملف الليبي خاصة و أن الباجي يسعى إلى عقد قمة ثلاثية حول ليبيا ، بينما تؤكد العديد من المصادر الأخرى أن الأنباء عن وجود قاعدة عسكرية أمريكية في تونس هي التي قادت السبسي إلى الجزائر رغبة في تبديد المخاوف الجزائرية من استضافة تونس لطائرات أمريكية دون طيار لمراقبة الأراضي الليبية، بمبرر  محاربة تنظيم داعش و طمأنة الجار بعدم التعرض للأمن القومي للبلدين.

 

    **  طمأنة بوتفليقة بشأن القاعدة العسكرية الأمريكية و التعاون الأمني مع واشنطن

استدعت الإعترافات التي قدمها الرئيس الباجي قائد السبسي  و التي وصفها جزائريون ب”الصادمة” حين كشف توقيعه على قرار يقضي بالسماح لطائرات أمريكية دون طيار في استغلال الأجواء التونسية لضرب مراكز داعش في ليبيا، قلق الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي لطالما أظهر رفضًا علنيًا و صريحًا لإقامة أي قاعدة عسكرية في دول الجوار حيث تشكل مساعي الولايات المتحدة الأمريكية نحو إقامة قاعدة عسكرية في المنطقة هاجسا للجزائر التي تشكك في نوايا واشنطن رغم تبريرات الأخيرة بأن أي تحرك أمريكي لا يستهدف سوى محاربة تنظيمات إرهابية تنشط بالأراضي الليبية.

و إعتبرت المختصَة في القانون الدولي الجزائرية منار فتني أنَ القاعدة العسكرية الأمريكية على التراب التونسي بقيت لمدة طويلة جدا معتَمة بينما هاته القاعدة أنشأت منذ سنة 2012 و تسريب معلومات عن طريق جهات تونسية مطلعة هو ما أكَد الخبر و أضافت أنَ الدولة التونسية لم تعد لديها القدرة على إخفاء هذا الأمر مشيرة إلى أن الجزائر يجب أن تراعي مصالحها الأمنية بالدَرجة الأولى بإعتبار أنَ تونس لم تخبر جارتها بالقواعد العسكرية الأمريكية على حدودها و التي إعتبرتها خطرا على بلادها.

كما أكَدت فتني أنَ الإحتياطات الأمنيَة للجزائر هي المحور الأساسي للمحادثات بين الرئيسين قبل الجديث عن التعاون الأمني أو الإقتصادي خاصَة مع ما يشهده الوضع المتفجر في المنطقة و تداعيات الأحداث الأخيرة في سوريا و ما سيتبعها من عودة لآلاف المقاتلين الإرهابيين محمَلين بفكرهم الداعشي و بالتالي “فإنَ ناقوس الخطر يجب أن يدقَ بشكل رسمي و على الجزائر أن تحمي مصالحها الأمنية ” على حد قولها.

و جاءت تصريحات السبسي خلال الزيارة مؤكدة كل التخمينات بشأن تضايق الجارة الجزائر من وجود القاعدة العسكرية الأمريكية  حيث قال إنَ ” أمن تونس من أمن الجزائر.. و حرمتنا الترابية خط أحمر لا مساس به”

  

** تعزيز التعاون الثنائي في مجال مكافحة الإرهاب

 يبحث السبسي و بوتفليقة ملف التعاون الأمني بين البلدين في مكافحة الإرهاب و ملاحقة الجماعات الإرهابية داخليا و على المناطق الحدودية .

و شهد التعاون الأمني و العسكري بين تونس و الجزائر كثافة خاصَة على خلفية تنامي الأحداث الإرهابية على الحدود كما أن البلدان إتفقا منذ عام 2013 على إنشاء دوريات عسكرية مشتركة لمراقبة الحدود و وقايتها من تهديدات الإرهاب و التهريب إضافة إلى أن الجزائر كانت من أولى الدول الداعمة لتونس أمنيا و عسكريا و لوجستيا و مخابراتيا بخبرتها التي إكتسبتها في مقاومتها للإرهاب و انتصارها عليه سنوات العشرية السوداء في التسعينات جعل بإمكانها أن تكون فاعلا  أساسيا في منطقة المغرب العربي.

كما بحث الجانبان التنسيق الأمني والسياسي بين البلدين لمكافحة الإرهاب و تنامي الجريمة المنظمة بالجهات الحدودية.

 

** الأزمة الليبية و تداعياتها الأمنية على دول الجوار

من أهم الملفات التي دارت حولها أيضا أجندة الزيارة الملف الأمني بين دول الجوار و القناعة بأنَ ما يحصل في ليبيا له تداعيات مباشرة على الأمن القومي لكلا البلدين.

و إعتبرت رئيسة المركز الدولي للدراسات الأمنية و العسكريَة بدرة قعلول أن هذه الزيارة فرضها الوضع الإقليمي بين دول الجوار و كانت منتظرة من أجل مناقشة الملف الأمني في المنطقة أمام ما تشهده من تحركات و هزَات و ما يحدث في ليبيا من حالة الفوضى و اللاَدولة .

 و أضافت أن من أهم الملفات المقلقة لجميع الأطراف اليوم و التي يجب أن توضع على الطاولة و تناقش ملف عودة الإرهابيين الفارين من سوريا و العائدين إلى تونس و ليبيا خاصَة بعد تصريحات الرئيس السبسي الأخيرة بأنَ تونس ستستقبل هؤلاء و تضعهم على ذمَة التحقيق.

كما أشارت مصادر متابعة للموضوع أن تونس و االجزائر تعملان على إيجاد حل للأزمة الليبية من خلال عقد قمة ثلاثية تونسية-جزائرية-مصرية لدعم الحوار بين الفرقاء السياسيين بهدف التوصل إلى حل ينقذ ليبيا من شبح الإقتتال و الفوضى.  

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *