رفيق عبد السلام لـ«الصباح»: هذا ما سوف يتغير في النهضة بعد المؤتمر

 حاوره كمال بن يونس

ما الذي سيتغير في المشهد السياسي الوطني بعد المؤتمر العاشر لحركة النهضة الذي سوف يفتتح بعد أيام في رادس ثم يستأنف أشغاله في الحمامات؟

هل ستتطور حركة النهضة فعلا إلى «حزب وطني عصري» أم سيكون المؤتمر مجرد «محطة» جديدة تعيد إنتاج نفس المؤسسات التي «تخلط بين السياسي المشترك والمقدس الديني»؟

وهل سيدعم المؤتمر «مبادرة المصالحة الوطنية الشاملة» التي تعدد المنادون بها في رئاسة الجمهورية وداخل أحزب الائتلاف الرباعي الحاكم وخاصة داخل حزبي النداء والنهضة؟

هذه الإشكاليات وغيرها كانت محور هذا الحديث الصحفي الذي أجرته «الصباح» مع الوزير السابق للخارجية والقيادي في حركة النهضة رفيق عبد السلام:

أستاذ رفيق عبد السلام السؤال البسيط والمهم في نفس الوقت الذي يخامر المراقبين عشية انعقاد المؤتمر الوطني لأي حزب سياسي: ما الجديد ؟

أي ما الذي سيتغير بعد المؤتمر؟ وما هي إضافاته في أعقاب 5 أعوام من استئناف حركتكم لتحركاتها السياسية بعد عقود من المنع؟

++ المؤتمرات محطة مهمة في تاريخ الأحزاب السياسية.. والمؤتمر في حركتنا أعلى سلطة في مؤسساتها لذلك شارك في التحضر له آلاف المنخرطين . بل لقد شملت حواراتنا حول مشاريع لوائحه المضمونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية أصدقاء ومواطنين من خارج الحركة ومن بينها ملفات المصالحة الاقتصادية والمصالحة السياسية الشاملة وخيار التوافق بين الأقلية والأغلبية ضمانا لإنجاح المسار الانتقالي الجديد.

وأعتقد أن من بين أبرز ما سوف يبت فيه المؤتمر المصادقة على الوثيقة المضمونية وعلى لوائح تسعى إلى أن تتطور حركة النهضة إلى حزب وطني مدني جامع تتطابق توجهاته كليا مع دستور تونس الجديد الذيساهمنا في صياغته مع بقية التيارات والقوى الحية ونال ثقة الغالبية الساحقة من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي والأطراف السياسية بما يشبه الإجماع.

وفي هذا السياق سيتنزل مثلا إقرار مرتقب من المؤتمر لـ»التخصص» أي للفصل بين الدور السياسي للأحزاب ـ ومن بينها حزب النهضة « ـ ودور المجتمع المدني، بما في ذلك الجمعيات الخيرية والدعوية والثقافية ـ ودور الدولة التي ينبغي دعم قوتها وفرص تكريس أولوياتها وبينها ضمان العدل وتحقيق المطالب المشروعة التي قامت من اجلها ثورة الشباب والكرامة.

 مدرسة الإخوان المسلمين

من بين أكثر الأسئلة إلحاحا بالنسبة للنخب والمراقبين تلك التي تهم توضيح العلاقة بمدرسة الإخوان المسلمين الفكرية والسياسية.. خاصة في ظل الأوضاع الأمنية والعسكرية المشحونة التي تشهدها المنطقة منذ اندلاع «الربيع» العربي ثم منذ منعرج 3 جويلة 2013 في مصر؟

++ نحن في النهضة نعتبر أننا حركة وطنية تونسية تحديثية ذات مرجعيات تونسية وعربية إسلامية ساهمت في صياغة الدستور التونسي وكانت الحزب الأول في المجلس الوطني الذي صاغ ذلك الدستور وأكد على مدنية الدولة وعلى احترام حقوق الإنسان مثلما أكد على مرجعيات يكاد يوجد حولها إجماع في تونس منذ 1959 من بينها ما جاء في الفصل الأول من الدستور عن النظام التونسي الجمهوري وعن كون تونس دولة حرة مستقلة الإسلام دينها والعربية لغتها.

ونحن نعتز بخصوصياتنا ونحترم خصوصيات بقية التجارب والشعوب .وإذ نعلن تميزنا عن مدارس إسلامية عديدة ـ من بينها تجربة الإخوان المسلمين في مصر أو خارجها ـ فإننا نسجل أن الاختلاف والتميز لا يعنيان رفض الحوار أو عدم الاستفادة من كل التجارب في منطقتنا وخارجها.

وأذكر هنا أن الزعيم بورقيبة وقادة الحركة الوطنية التونسية والمغاربية سبق لهم أن تفاعلوا مع تجارب إصلاحية ووطنية في مصر وفلسطين وسوريا والمشرق العربي والإسلامي . كما سبق للوطنيين منذ مطلع القرن الماضي أن استضافوا رموز التيار الإصلاحي في المشرق مثل العلامة محمد عبده الذي زار تونس مرتين بطلب من أعلام جامع الزيتونة ورواد الحركة الوطنية.

إذن فنحن لدينا خصوصياتنا التونسية والمغاربية ونحرص على مزيد ترشيد مسارنا السياسي ونحترم تجارب بقية الدول والحركات الإصلاحية وخصوصياتها.

 الفصل بين الديني والسياسي

هناك حديث في المنطقة اليوم عن الفصل بين السياسي الدنيوي والمقدس الديني.. في المقابل يتحدث البعض ـ وبينهم الأستاذ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة ـ عن « التخصص « وعن توجه للفصل بين السياسي والدعوي؟ فما الجديد في هذا المجال ؟

 ++ كل من يراقب تطور حركة النهضة يدرك أنها تطورت من «جماعة» إلى «حركة» وأنها تسير نحو مزيد تكريس تطورها نحو «حزب سياسي مدني تونسي عصري جامع لكل التونسيات والتونسيين مهما كانت اختلافاتهم».

التوجهات السياسية الجديدة بمناسبة مؤتمرنا العاشر ـ والمؤتمر سيكون سيد نفسه ـ سيحكمها منطق التكامل والترابط بين ثلاث حلقات رئيسية تتمثل في حرصنا على بناء « دولة قوية وعادلة ومجتمع مدني حر ومنظم وأحزاب قادرة على أن تضطلع بدورها الوطني كاملا«.

وهنا نطرح قضية «التخصص» وعدم الخلط بين المتفرغين للعمل الجمعياتي والدعوي والذين يتفرغون للعمل السياسي والحزبي… كما نطرح الاختلافات في التفاعل مع مقترحات المصالحة الوطنية الشاملة.

إن حركة النهضة تهدف من خلال الدعوة إلى مثل هذا» التخصص والتجديد» إلى أن تكون فعلا بمثابة الفضاء المفتوح لكل التونسيين الذين يحلمون ويعملون على بناء «تونس جديدة» تقوم على الحرية والتقدم الاقتصادي والتنمية الشاملة.

إن التمييز اليوم بين التخصصات والفصل بين الدعوي والثقافي عموما وبين السياسي ضرورة تاريخية وحاجة سياسية وطنية فضلا عن كونها تكريسا لمبادئ دستور الثورة.

ليبيا والجزائر والمغرب

أستاذ رفيق بصفتك رئيس دائرة العلاقات الخارجية في حركة النهضة ووزير خارجية تونس سابقا تزور بانتظام الجزائر والمغرب والعواصم الأوروبية وتتابع مباشرة المستجدات في ليبيا من تونس وفي عواصم عربية وعالمية جديدة كيف تستقرئ مستقبل المنطقة؟ هل باتت فعلا مهددة بمزيد من الأزمات والحروب على غرار المشرق العربي؟

 ++علاقاتنا بكل الأطراف الليبية وبالشقيقتين الجزائر والمغرب جيدة ونعمل على مزيد تطويرها.

ونحن نساند بقوة منذ سنوات جهود التسوية السياسية للازمة الليبية ونشجع كل العائلات والأطراف الليبية حاليا على دعم مجلس الرئاسة الليبي بقيادة فايز السراج وعلى التعجيل بتشكيل حكومة التوافق الوطني . ليبيا والجزائر هما عمقنا الاستراتيجي المباشر وليس من مصلحة أي طرف أن تنتشر عدوى الحروب والفتن التي انتشرت في المشرق العربي والإسلامي إلى منطقتنا المغاربية المحكومة استراتيجيا بقوانين لعبة لها خصوصياتها.

 وثائق بنما؟

أخيرا.. ما جديد ما روج عن إدانة شخصيات قيادية في النهضة من قبل «وثائق بنما» بينهم الأستاذ رفيق عبد السلام؟

++الدعايات والحملات الدعائية الكاذبة لن تصنع أبدا حقائق ولن تنال من مسيرة السياسيين والشخصيات العمومية الذين يكونون دوما ضحية محاولات التشويه والافتراءات، وبالنسبة لما نسب إلي فهو غلط ومغالطة.

 وشخصيا لم أكن أبدا مديرا أومسؤولا في أي شركة من المؤسسات التي أورد بعضهم أنها من بين المؤسسات التي قامت بتبييض أموال في دولة بنما . والمضحك هو أن الفترة التي وقع التطرق لها تعود إلى ما قبل 20 عاما تقريبا عندما كنت طالبا.

 ووقع عبثا ذكر علاقتي بشخصية تونسية في جمعية غير ربحية أواسط التسعينات من القرن الماضي. قيل أنها انخرطت بعدها بحوالي 15 عاما في عالم الأعمال . (؟ ) وأؤكد أنه لا علاقة لي شخصيا بشركة تلك الشخصية سواء كانت استثماراتها في دولة بنما أو خارجها قانونية أو غير قانونية .كما لا تربطني بالشخصية التونسية المذكورة أي علاقة مصالح ولا عمل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *