رغم تزكيتها من قبل 9 أحزاب و3 نقابات : حكومة دون “حزام سياسي “؟ .. بقلم كمال بن يونس

· جل النقابات والاحزاب لم تصدر بعد موقفا مساندا أو معارضا لمشروع قانون المالية

تتجه الانظار مجددا الى قصر مجلس النواب بباردو من قبل المتفائلين بمحاصرة “الازمة ” بين الحكومة الجديدة واتحاد الشغل من جهة والاطراف السياسية والاقتصادية المعارضة لمشروع قانون المالية الجديد من جهة ثانية .

وقد تعرض رئيس الحكومة يوسف الشاهد في حديث صحفي نشرته له أمس صحيفة تونسية لظاهرة غياب ” السند السياسي” من قبل الأحزاب والنقابات التي صوتت له قبل أسابيع ووقعت قبل ذلك بشهر ” وثيقة قرطاج “.

فهل يتعلق الأمر ب” تراجع النقابات والاحزاب” عن تقديم الدعم السياسي المطلوب لرئيس حكومة زكته بمجرد بروز انتقادات لمشروع قانون المالية الجديد ؟

أم أن السيد يوسف الشاهد ومستشاريه أساءوا فهم ” الحزام السياسي ” الذي وفرته وثيقة قرطاج فقدموا مبادرتهم عن ” مشروع قانون المالية ” مع ” تجاهل ” الاطراف الاجتماعية والحزبية التي يعود لها الفضل في وصولها إلى القصبة ؟

وهل يمكن للبرلمان والحكومة والفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين تجنيب البلاد أزمة ” مجهولة العواقب” سببها مؤشرات قطيعة بين بعض القيادات النقابية والحزبية مع حكومة الشاهد التي يتهمونها ب” تجاوز الحزام السياسي” ؟

بعض الخبراء والمتابعين لتطور أداء الحكومات في تونس منذ 2011 توقعوا أن تحظى حكومة يوسف الشاهد بأكبر قدر من ” السند السياسي”..لأن ممثلين عن 9 أحزاب و3 نقابات مهنية يشاركون فيها ..

لكن انتقادات المكتب التنفيذي والهيئة الادارية لحكومة الشاهد ثم صمت قيادات الأحزاب المشاركة في الفريق الحكومي من بين المعطيات التي توحي بأن ” الهوة اتسعت ” بين قصر الحكومة في القصبة والموقعين على ثيقة قرطاج ..

تطمينات ..واتهامات

وبالرغم من ” التطمينات ” التي قدمها رئيس مجلس النواب محمد الناصر بعد استقباله امين عام اتحاد الشغل حسين العباسي أول أمس فإن نقاط استفهام تفرض نفسها على جميع المراقبين ..

صحيح أن محمد الناصر وزير شؤون اجتماعية سابق وصديق قديم للنقابيين وتصريحاته الاجتماعية السياسية يمكن أن تطمئن رجال الاعمال والمتتعبين للشأن العام الوطني .

وصحيح أن العباسي أدلى بدوره بالمناسبة بتصريح حاول طمأنة أنصاره وخصومه حول استعداد النقابات لمتابعة الحوار مع كل الاطراف الاجتماعية بدءا من الحكومة .

لكن تصريحات الرجلين لا يمكن أن تمحو بسرعة من الاذهان ” حدة لهجة بيان المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل ..الذي تضمن ” تصعيدا غير مسبوق ” ودعوة ” للتعبئة الشاملة للقواعد النقابية “؟؟

تجاهل ” للحزام السياسي “؟

في نفس السياق يصبح من المشروع التساؤل بوضوح : هل يمكن لتصريحات الناصر والعباسي وحدها أن تلغي أثر بيان رسمي للمكتب التنفيذي الذي اعتبره البعض ” اعلان قطيعة نهائية سياسيا واجتماعيا مع الحكومة ” بعد أسابيع قليلة عن تشكيلها ؟

ومن المسؤول عن حرمان الحكومة من ” السند السياسي” : القيادة النقابية والاحزاب التي لا تزال ” تتعامل بحذر” مع المستجدات أم حكومة الشاهد نفسها المتهمة ب ” تجاوز توافقات وثيقة قرطاج ” وبرفض ” الحوار المسبق حول مشروع قانون المالية ” عوض اعتماد سياسة ” الهروب الى الامام ” ونقل ساحة ” المعركة ” من القصبة وقرطاج الى باردو ؟

ردود الفعل سوف تتباين ..

والتقييمات سوف تناقض ..

لكن النتيجة واحدة : لم يصدر بعد عن أغلب قيادات الأحزاب المشاركة في الحكم دعم لمقررات الشاهد وفريقه .. الأمر الذي دفعه الى الاقرار بنقص ” الدعم السياسي ” له ولحكومته ..بعد أسابيع قليلة عن اتفاق قرطاج ..؟؟

لماذا لم يصدر أي موقف مثلا عن الوزير زياد العذاري ا في حكومة الشاهد وامين عام حزب النهضة ولا عن الوزير رياض المؤخر القيادي في حزب افاق أو عن الوزيرين النقابيين عبيد البريكي ومحمد الطرابلسي؟

الاعتبارات الانتخابية والحزبية

ويذكر الموقع الصعب الذي يمر بها يوسف الشاهد وفريقه الحكومي بمواقف عاشها سلفه الحبيب الصيد بالرغم من مشاركة 4 أحزاب فيها ..وبالرغم من احداثه آلية ” تنسيقية الأحزاب المشاركة في الحكم “..

وكانت حصيلة مثل تلك التناقضات أم مرت البلاد بأزمات أمنية وسياسية اجتماعية خطير جدا ـ بينها حوادث قرقنة والقصرين وفوسانة .. ـ وجدت فيها الحكومة معزولة عن شركائها ” الرباعي الحاكم”..

المسكوت عنه ؟

لكن الأزمة الحالية قد تكون أخطر مما يتوقعه كثير من ” اللاعبين ” السياسيين والنقابيين حاليا ..

وقد يكون المسكوت عنه فيها أكثر من المعلن ..

وفي الوقت الذي تعبأ فيه طاقات عديدة لانجاح المؤتمر الدولي للاستثمار المقرر لموفى الشهر القادم ، تؤكد محادثات الكواليس أن ” الحزام السياسي” الذي حول حكومة الشاهد كان ولا يزال ” هشا ” بسبب انشغال اطراف سياسية وحزبية ونقابية عديدة في البلاد بصراعات تهم المشهد السياسي ” على المدى القصير” و” المدى البعيد “..أي مرحلة ما بعد قائد السبسي ..

في هذا السياق يمكن فهم بلاغات الأحزاب السياسية التي رفضت الى حد الآن الاعلان عن مساندة واضحة للشاهد ومشروع قانون المالية الذي عرضته حكومته على البرلمان ..

وقد اكتفت تلك الأحزاب بالاعلان عن مبدإ ” تشكيل لجنة ” لدراسة مشروع الحكومة ..(؟) وليس عن مساندة لها بالرغم من انتماء غالبية الوزراء وكتاب الدولة للاحزاب الموقعة على اتفاق قرطاج ..بحضور الرئيس الباجي قائد السبسي ..

قد تتواصل غلطات السياسيين وتتنوع حساباتهم واجنداتهم .. لكن ما قد يغفلون عنه جميعا هو أن ” انفجارات الغضب ” في صفوف المهمشين وجيش العاطلين ” وأبناء الطبقة الوسطى قد تعصف بالاخضر واليابس ..وبالحكومة وحزامها السياسي ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *