عرفت تونس خلال الثلاثية الأخيرة ، جملة من المستجدات و التطورات على المستوى الاجتماعي و السياسي و الاقتصادي و شهدت الحكومة موجة من الاحتجاجات خلفتها الازمات العاصفة بجيب المواطن التونسي الذي يعاني من الفقر و البطالة و تدهور المقدرة الشرائية و ارتفاع متواصل في الاسعار .
هذا ما دفع بالحكومة للبحث عن حلول عاجلة لإيقاف نزيف الإنفلات االاقتصادي و فعل ما يجب فعله من اجل تدارك هذه الوضعية ، و دخلت الحكومة هذه السنة في استراتيجيات اصلاحية انطلقت من سياسة التقشف و تجميد الاجور و تخفيض الدعم وصولا الى غلق الانتدابات العمومية و حصر اعداد الموظفين استجابة للشروط التي املاها صندوق النقد الدولي لتجزأة أقساط القروض المقدمة لتونس .
و يبدو أن هذه الخطط بدأت تؤتي أكلها بعد أن اعلن الرئيس المدير العام للمعهد الوطني للاحصاء، الهادي السعيدي، أمس الثلاثاء 15 أوت 2017، أن تونس حققت نسبة نمو في حدود 1,9 بالمائة خلال النصف الاول من سنة 2017 مقابل 1 بالمائة خلال ذات الفترة من سنة 2016.
وأفاد، خلال ندوة صحفية عقدها بقصر الحكومة بالقصبة، ان نسبة النمو بلغت خلال الثلاثي الثاني من هذه السنة 1,8 بالمائة مشيرا الى ان مرد النمو المسجل أساسا نمو القطاع الفلاحي بنسبة 3,8 بالمائة والخدمات المسوّقة بنسبة 4,2 بالمائة والخدمات غير المسوقة بنسبة 0,2 بالمائة.
إنتعاش إقتصادي
يعتمد الاقتصاد التونسي على قطاعات مركزية أهمها السياحة (تمثل المصدر الأول للعملة الصعبة)، و شهد هذا القطاع مؤخرا انتعاشا كبيرا حيث زارها أكثر من 2 مليون و500 ألف سائح، من 1جانفي إلى 30 جانفي2017، أي بنسبة نمو 29.3 بالمئة، مقارنة بسنة 2016.
وإلى جانب تحسن تدفق السياح الوافدين من السوق الأوربية، فعدد القادمين من الجزائر هذه السنة غير مسبوق، خاصة أن ذروة الموسم السياحي لم تنطلق بعد، حيث زار تونس أكثر من 766 ألف سائح جزائري، أي ارتفع بـ61.2 بالمئة عن السنة الماضية.
إنهيار الدينار
رغم المؤشرات التي تنبئ بقروب الإنفراج إلاّ انه هنالك من المؤشرات الاخرى ما يكفي لإثارة المخاوف في ظل الإنهيار غير المسبوق للدينار، إذ تواصل انهياره بحدّة في سوق العملة، مقارنة بالدولار والأورو ، حيث نزل إلى أدنى مستوياته، ليصل الى 2.82 أمام اليورو و2.43 أمام الدولار الأمريكي.
ووفقا لتقارير خبراء الاقتصاد، من المتوقع أن يفقد الدينار التونسي ما لا يقل عن 0.9 بالمائة من قيمته نهاية شهر أوت الحالي.
ارتفاع مستويات التضخم
تشير آخر الدراسات التي أصدرها المعهد الوطني للإحصاء إلى أن نسبة التضخم بلغت خلال الشهر الماضي مستوى 5.6 بالمئة بعد أن كانت مستقرة في حدود 4.8 بالمئة خلال شهر أفريل الماضي، فيما ارتفع مؤشر الأسعار بنسبة 0.9 بالمئة وذلك نتيجة الزيادات الأخيرة المسجلة.
وبحسب الخبراء بالسوق التونسية، فإن معدلات الغلاء زادت خلال شهر رمضان الماضي على مستوى أسعار المواد والملابس الجاهزة بنسبة 9.3 بالمئة، وذلك نتيجة حركة الشراء الواسعة وارتفاع معدل الاستهلاك، فيما ارتفعت إلى مستوى 13.3 خلال شهر جويلية الماضي.
ويرجع الخبراء حالة الضعف والركود إلى هذا التسارع الكبير في مستوى الغلاء بالنسبة إلى الملابس والأحذية خلال فترة قصيرة، إلى جانب تأخر انطلاق موعد التخفيضات بثلاثة أسابيع مقارنة بالسنة الماضية وهو ما جعل من أثر التخفيضات محدودا وغير ملموس.
ويمثل تصاعد مستويات الغلاء بحسب المتابعين في تونس أحد انعكاسات ارتفاع نسبة التضخم والتي سجلت ارتفاعا كبيرا مقارنة بالمعدلات المسجلة خلال الأشهر الفارطة، إلى جانب تصاعد مؤشر الأسعار.