رأي / تونس و الجزائر و الأمن القومي … بقلم كمال بن يونس

يتطلع الرأي العام في تونس والدول المغاربية وفي العالم أجمع للتطورات المرتقبة في الجزائر الشقيقة ، وللمتغيرات بعد المسيرات الجديدة المتوقعة اليوم .

إن الانتخابات والتطورات السياسية  في تونس والجزائر تهم كل البلدان المغاربية العربية والفضاء الاورو متوسطي ، ولابد من متابعتها عن قرب ومراعاة أبعادها الجيو استراتيجية.

وحسب المؤشرات الحالية يتقاسم صناع القرار في الجزائر اليوم تياران :

·      الأول يتمسك بمطلب التغيير السياسي الفوري والشامل ويرمز اليه قادة الشباب المتظاهر وبعض زعماء المعارضة والمسؤولين السابقين في الدولة .

·     الثاني يدعو إلى التدرج في الاصلاح لتجنب المنعرجات الامنية والسياسية الخطيرة وحالات الفلتان التي عاشتها بعض دول ” الثورات العربية” مثل ليبيا وسوريا واليمن وبدرجة اقل مصر وتونس .

كما سبق للجزائر أن مرت بأوضاع مماثلة بعد انتفاضة الشباب ومظاهراته مابين اكتوبر 1988 وانتخابات ديسمبر 1991 ثم المنعرج الأمني السياسي مطلع 2012.

 ويرمز إلى التيار” البراغماتي “الاخضر الابراهيمي وزير الخارجية سابقا الذي كلف برئاسة الندوة الوطنية للحوار و حصل على دعم علني من قيادة المؤسسة العسكرية برئاسة الجنرال أحمد قائد صالح .

والسؤال الكبير : هل ينجح هذا التيار في تأطير الانتقال الديمقراطي السلمي ؟

++ ولا شك أن من مصلحة الشعب الجزائري وتونس شعبا ودولة التزام الحياد بحكم ما عرف به الشعب الجزائري وساسته من رفض التدخل في شؤونهم .

ويجب على مؤسسات الدولة التونسية أن تعترف بجميل الأشقاء الجزائريين الذين وقفوا معها وقت الشدة طوال عقود، وساهموا خلال الأعوام القليلة الماضية في انقاذ اقتصادها وأمنها من الانهيار بصيغ عديدة من بينها تشجيع حوالي 3 ملايين سائح جزائري على زيارتها سنويا .

++ لكن الجزائر بالنسبة إلى تونس ليست مجرد دولة جارة ، شأنها شأن الشقيقة ليبيا ، وكل ما يجري فيها من تطورات يهم البلدان الثلاثة مباشرة .

وأمام التعقيدات التي تشهدها الدول الافريقية المجاورة للبلدان المغاربية ، خاصة من جهة مالي والتشاد والنيجر والسودان ، فإن السلطات السياسية والامنية والعسكرية في تونس مدعوة إلى أن تحدث “خلايا أزمة ” متعددة الاختصاصات لمتابعة المستجدات بما يخدم مصالح الشعبين التونسي والجزائري وبقية الدول الشقيقة.

++ ولا شك أن من حق قوى المجتمع المدني والديمقراطيين التونسيين والعرب التفاعل مع حراك الشارع الجزائري والتعبير عن وجهات نظر في مسارات التغيير المقترحة .

 لكن التحدي الكبير بالنسبة لتونس والشقيقة الجزائر هو ايجاد توازن بين الحق في التعبير عن وجهة نظر وواجب حماية المصالح الوطنية للبلدين ، بما في ذلك عبر عدم الخلط بين حق الشعوب في التغيير والإصلاح وواجب مراعاة خصوصيات كل بلد ومصالحه وحمايته من التدخل الأجنبي في شؤونه ومن محاولات جره إلى ما يشبه سيناريوهات اضعاف الدولة المركزية أو تدميرها في سوريا وليبيا واليمن وقبل ذلك في العراق .

لقد سبق للجزائر أن قدمت للدول العربية والعالم ما بين أكتوبر 1988 ومطلع 1992 تجربة عربية رائدة في مجال الحوار الثقافي والسياسي وحرية الاعلام والانتخابات التعددية.

والجزائر مؤهلة اليوم لأن تقدم تجربة  انتقال ديمقراطي رائدة جديدة بعد أن تعلمت قوى المجتمع المدني وقيادات الدولة دروسا من تجاربها السابقة وخاصة من مرحلة ” العشرية السوداء” التي حسمتها سياسيا استراتيجية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وفريقه المعروفة ب ” ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ” .

وفي كل الحالات على كبار المسؤولين في الدولة التفاعل مع المتغيرات في الشقيقتين الجزائر وليبيا باعتبارهما جزءا من الأمن القومي الوطني .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *