دعوات للخروج في “أكبر مسيرة في التاريخ” مع ارتفاع سقف المطالب.. كيف ستكون الاحتجاجات الشعبية في ذكرى استقلال الجزائر ؟

منية العيادي 

 

تعالت الأصوات في الجزائر منذ أيام للخروج في “أكبر مسيرة في التاريخ” اليوم الجمعة المصادف للذكرى الـ57 لاستقلال البلاد. و حثت شخصيات سياسية و حقوقية للخروج بكثافة و الحفاظ على سلمية “الثورة” فيما غصت مواقع التواصل الاجتماعي بالدعوات إلى جعل المظاهرة الـ20 من الحراك الشعبي “جمعة التحرير”.

 

جمعة مصيرية

يأمل الجزائريون أن يكون اليوم الجمعة التي تُصادف الذكرى 57 لحصول الجزائر على استقلالها ، يوم استقلال حقيقي من رموز النظام الذي يحكم البلاد منذ عقود. و دعا روّاد مواقع التواصل الاجتماعي الجميع إلى الخروج وبكثافة لصنع استقلال جديد وتحرير المجتمع الجزائري من رموز الفساد في إشارة إلى النظام الحالي. فبالرغم من أنّ الحراك الشعبي ساهم في رحيل الرئيس بوتفليقة و إيداع العديد من رموز الفساد السجن، إلاّ أن المتظاهرين مصرون على أن نتائج الحراك لم تتحقق بعد، طالما أن بعض رموز النظام تستمر في الحكم.

و رغم مبادرة الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، لتجاوز الأزمة التي تشهدها الجزائر من خلال الدعوة إلى إطلاق حوار عاجل بقيادة شخصيات بمواصفات محددة تتمثل في “عدم وجود انتماء حزبي أو طموح انتخابي شخصي، وتتمتعُ بسلطة معنوية مؤكدة، وتحظى بشرعية تاريخية أو سياسية أو مهنية” ، إلاّ أن الشارع الجزائري مصرّ على مواصلة الاحتجاجات السلمية بسبب عدم ثقته في السلطات، إذ لا يزال المتظاهرون يدعون إلى رحيل رموز نظام الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة وعلى رأسهم عبد القادر بن صالح وحكومة نور الدين بدوي. أما الأحزاب السياسية فقد فضلت التريث والتزام الصمت وكسب الوقت للتفكير بهذه المبادرة.

و في الوقت الذي رأى فيه البعض أن المبادرة تؤسس لوضع حلّ معقول للأزمة، رأى البعض الآخر أنها فضفاضة نوعا ما وفارغة من محتواها، فالرئيس المؤقت لم يتطرق إلى الحديث عن هيئة انتقالية بسلطة معنوية تقود الحوار دون مشاركة مؤسسات الدولة والسلطة الحالية وتكون مقترحاتها تنفيذية، كما لم يتناول ذكر الشخصيات المستقلة، التي ستشارك في الحوار. ومن جهة أخرى أهمل بن صالح التوقيت والأجندة الزمنية للحوار وتاريخ إجراء الاستحقاق الرئاسي.

و هذه الجمعة الأخيرة قبل تاريخ 9 جويلية، المحدد لنهاية فترة الرئاسة الموقتة، التي بدأت بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2 أفريل، تحت ضغط الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة التي أصبحت تطالب برحيل كل رموز السلطة السابقة ونظام سياسي جديد.

و في ظل استحالة تنظيم الانتخابات في الرابع من جويلية كما أعلن عنها الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح، لعدم وجود مرشحين، سيبقى الأخير في منصبه بعد انتهاء الفترة المحددة بتسعين يوما، حتى تسليم السلطة للرئيس المنتخب، علما أن موعد هذه الانتخابات لم يحدد يعد.

و تأتي نداءات التظاهر في وقت شددت السلطة من لهجتها ضد المحتجين خلال الأسابيع الأخيرة. وتم اتهام أكثر من ثلاثين منهم بـ”المساس بوحدة الوطن” و تم حبسهم في انتظار محاكمتهم لأنهم رفعوا الراية الأمازيغية خلال المظاهرات، خلافا لأوامر رئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح الرجل القوي في الدولة الذي دعا إلى رفع العلم الجزائري فقط.

 

رفع سقف المطالب

 

تأتي تظاهرات اليوم عقب أسبوع شهد تنفيذ مطلب رئيس للحراك باستقالة معاذ بوشارب رئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الثانية في البرلمان)، الذي يراه الحراك أحد رموز نظام بوتفليقة، و كذلك إعلان الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح عن مبادرته السياسية.
و من المقرر أن تعقد المعارضة الجزائرية غداً السبت أول مؤتمر لها بمشاركة 10 أحزاب و5 نقابات، بالإضافة إلى 80 جمعية من المجتمع المدني، بحسب عبدالعزيز رحابي، المنسق العام للمؤتمر.
و يشارك في المؤتمر شخصيات ورموز تاريخية من بينهم المناضلة جميلة بوحيرد إحدى رموز ثورة التحرير، والرئيس الأسبق اليمين زروال، و الدبلوماسي و الوزير السابق أحمد طالب الإبراهيمي.

و كان مقرراً أن تجرى الانتخابات الرئاسية في 4 جويلية الجاري، إلا أن عدم تقدم أي مرشح لها أدى بالمجلس الدستوري (أعلى هيئة قضائية في البلاد) إلى تأجيلها إلى أجل غير مسمى، و تمديد فترة ولاية الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح، التي كان مقرراً أن تنتهي في 9 جويلية الجاري، لحين إجرائها.

و يطالب الشعب الجزائري بتطهير البلاد من الفساد و المفسدين و محاسبة جميع رموز نظام بوتفليقة رغم محاسبة عدد من كبار المسؤولين على قضايا فساد و وضعهم قيد الحبس المؤقت.

و منذ استقالة بوتفليقة، تم ملاحقة عدد من رموز نظامه قضائياً أبرزهم شقيقه السعيد بوتفليقة والجنرال محمد مدين الشهير باسم الجنرال توفيق والجنرال عثمان طرطاق المعروف باسم البشير بتهمة التآمر على سلطة الدولة و الجيش، إضافة إلى ملاحقة أحمد أويحيى، و عبد المالك سلال رئيسي الوزراء السابقين، و عدد من الوزراء والولاة وكبار المسؤولين السابقين والحاليين بتهمة الفساد المالي بالاشتراك مع عدد من رجال الأعمال بتهم الفساد المالي، وأودع عدد منهم قيد الحبس المؤقت في سجن “الحراش” بالجزائر العاصمة، فيما وضع آخرون قيد الرقابة القضائية.

فيما نادى الحراك الشعبي بالدعوة إلى “مرحلة انتقالية”  رافعا شعارات ضد قيادة الجيش الجزائري أو “التسريع في إجراء الانتخابات الرئاسية” و التحذير من الفراغ الدستوري على أمن الجزائر

و دعت الشخصيات الوطنية في ندائها الى الشعب الجزائري، للمشاركة في المسيرة العشرين للحراك الشعبي كافة فئات الشعب الجزائري للخروج جماعيا و بكثافة وبقوة يداعين “لجعل 5 جويلية 2019 تجسيدا لتحرير الانسان بعد تحرير الأرض” .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *