خلفيات تصريحات نتنياهو بشأن استهداف الضفة الغربية .. بقلم توفيق المديني


شكلت تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية الفاشية بنيامين نتنياهو، بشأن احتمال المواجهة مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، ناقوس الخطرللشعب الفلسطيني خوفًا من تهجيره من الضفة الغربية، في ضوء حرب الإبادة الجماعية التي يخوضها جيش الاحتلال الصهيوني منذ أكثر من شهرين في غزة، من أجل تهجير سكانها إلى صحراء سيناء و القضاء على بنية المقاومة العسكرية، وتصفية حماس.
ورغم تعدد المجازر الإسرائيلية التي مارستها ماكينة الحرب الأمريكية-الإسرائيلية،فإن المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس ، سطرت أروع مشاهد البطولة والكرامة العربية والصمود الفلسطيني في مواجهة العدو الصهيوني ، فلم تستطع “إسرائيل” بمجازرها وعتادها العسكري، أن تطفئ شعلة المقاومة الفلسطينية في جنين أو نابلس أو القدس أو قطاع غزة، بل إنَّ الإرهاب الإسرائيلي أعاد للمقاومة الفلسطينية وهجها في الداخل الفلسطيني، في صورة لم يشهد لها التاريخ الفلسطيني مثيلا .ففلسطين ستبقى جامعة الكل الفلسطيني على الرغم من ضعف إمكانياته مقارنة بالترسانة العسكرية الإٍسرائيلية.
وأمام الخوف من اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة في الضفة الغربية،قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل عدة أيام ،إنَّ إسرائيل مستعدة لمحاربة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ، مشدِّدًا على أنَّ قطاع غزة سيبقى تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية بعد الحرب.
وأضاف نتنياهو -وفق تصريحات سربتها وسائل إعلام إسرائيلية عنه أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست- أنَّ إسرائيلَ جاهزة ٌلسيناريو تقلب فيه فوهات البنادق، وتوجهها نحو قوات السلطة.وشدَّدَ على أنَّ قطاع غزة سيبقى تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية بعد الحرب، وأنَّه سيقيم إدارة مدنية في القطاع لا تشكل أي خطر على إسرائيل.وقال، إنَّه الوحيد القادر على إبقاء القطاع تحت السلطة الأمنية الإسرائيلية، وسيمنع إقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية.وجدّد تأكيده أنَّه لن يسمح للسلطة الفلسطينية بالعودة للحكم في قطاع غزة بأي حال من الأحوال.
وأثارت تصريحات نتنياهو انتقادات معلّقين ووسائل إعلام إسرائيلية اتهموه “باستغلال الحرب وضحاياها الإسرائيليين”، لتعزيز وضعه السياسي والحفاظ على ائتلافه اليميني المتطرف الحاكم.وقالوا، إنَّ حديث نتنياهو جزءٌ من حملةٍ انتخابيةٍ يقودها لخدمة مصالحه للاستمرار في الحكم بعد انتهاء الحرب، غير مكترثٍ بمصلحة الجمهور الإسرائيلي.
وربط المراقبون في “إسرائيل” تصريحات نتنياهو في لجنة الخارجية والأمن التي أدلى بها منذ عدة أيام قليلة مع تصريحات سابقة له، لم يستبعد فيها دخول الجيش الإسرائيلي في قتالٍ مع أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، لكنَّهم عدّوا كل تصريحاته منذ بداية الحرب على غزة بأنَّها جزءٌ من حملةٍ انتخابيةٍ يواصلها لخدمة مصالحه الشخصية للبقاء في الحكم.
مخطط التهجير القسري لسكان الضفة الغربية
لقد مرَّ الآن 70يوما منذ بداية حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، عقب الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة حماس على “إسرائيل” في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في أكثر الأيام دموية في تاريخ الدولة اليهودية ، إِذْأدَّتْ الحرب الإسرائيلية الوحشية ضد حركة حماس إلى نزوح معظم السكان من شمال غزة،أي ما يقرب من 1.9 مليون فلسطيني ، أو 85 بالمئة من سكان القطاع، وفقا لبيانات الأمم المتحدة ، وقتل أكثر من 18 ألف شخص جلّهم من النساء والأطفال، فضلاً عن 8000 مفقود، فيما بلغ عدد الجرحى نحو 50 ألف مصاب بجروح مختلفة، بحسب مصادر فلسطينية.وحسب تحليل أجراه برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ،فإنَّ نصف سكان غزة يعانون من الجوع، وأنَّ 9 من كل 10 أشخاص لا يستطيعون تناول الطعام كل يوم.
وتستهدف إسرائيل من خلال تدمير معظم البنية التحتية في قطاع غزة، إلى تحقيق التهجير الفلسطيني الجماعي إلى صحراء سيناء في مصر،رغم أنَّ فكرة تدفق الفلسطينيين إلى سيناء هي فكرة غير مقبولة من قبل مصر وكل الدول العربية،بسبب الخوف من عدم السماح للفلسطينيين الذين فرُّوا من غزة بالعودة. ونظرًا لتاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الممتد منذ 75 عامًا، فإنَّ مخاوفهم لا تخلو من المصداقية. ويقول العديد من سكان غزة الذين تحدثوا إلى الصحفيين إنَّهم يفضلون الموت في أرضهم بدلاً من المغادرة والعيش في المنفى إلى أجل غير مسمى، وهو المصير الذي حلَّ بأجيالٍ من الفلسطينيين في أماكن أخرى.
وبينما ينشغل الجميع بأحداث غزة والمعارك البرية، لم ينتبه الكثيرون لما يحدث في الضفة الغربية من حملاتٍ أخرى يشنها المستوطنون الصهاينة على أهالي المنطقة،وفي ضوء تصريحات رئيس الحكومة الصهيونية الفاشية نتنياهو بشأن خوض الحرب ضد الأجهزة الأمنية الفلسطينية،انتابت معظم الأوساط الفلسطينية مخاوف حقيقية بأنَّ “إسرائيل” تخطط لنكبة جديدة في الضفة الغربية.
فعندما وصلت حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة إلى السلطة في ديسمبر/كانون الأول الماضي ، المؤيدة للاستيطان بدرجة أكبر وأشدَّ عدوانيةٍ من أي حكومةٍ أخرى في الذاكرة الحديثة، ضاعف المستوطنون الإسرائيليون جهودهم لإنشاء مستوطناتٍ جديدةٍ وطرد الفلسطينيين الذين يعيشون بالقرب منها. ويعتبر حلفاء نتنياهومن القوى الدينية المتطرفة الضفة الغربية جزءًا لا يتجزأ من “إسرائيل الكبرى”، لذا فهم لا يتوانون لحظة عن تشجيع الآخرين لبناء المزيد من المستوطنات الصهيونية التي ستساعد في بلع الأراضي الفلسطينية وتحويلها إلى دولة يهودية.
لقد استغلت “إسرائيل”الحرب في غزة، وأطلقت العنان لمجموعة من المستوطنين في الضفة الغربية لتوزيع منشورات تفزع الفلسطينيين الذين لم يغادروا أراضيهم بعد، على مواقع ووسائل على التواصل الاجتماعي مثل واتساب. وغلب على هذه المنشورات طابع التهديد على غرار: “أنتم مَن بدأتم الحرب، لذا فلتستعدوا لمواجهة نكبة جديدة”. وواصل المستوطنون سعيهم لمضايقة الفلسطينيين وتذكيرهم في هذه المنشورات بتهجير أهلهم في حرب 1948، كما أخبروهم بضرورة البحث عن ملجأ في مكان آخر: “نحن نمنحكم فرصة الهروب إلى الأردن الآن على نحوٍ منظَّم، لأننا سنُبيدكم ونطردكم بالقوة من أرضنا. لذا يُستحسن أن تحزموا أمتعتكم بسرعة، ولا تنسوا أننا حذرناكم!”.
في عام 2017، وضع بتسلئيل سموتريتش، الذي كان آنذاك عضوًا في الكنيست عن حزب البيت اليهودي، ما سمّاه بـ”خطة التسوية الحاسمة”، ووصف هذه الخطة بأنَّها ليست ميثاقًا دينياً، وإنَّما وثيقة واقعية وجيوسياسية وإستراتيجية، قادرة على إنهاء الصراع بين الطرفين عن طريق الاستيطان.
ودعا سموتريتش إلى إنشاء مدن ومستوطنات إسرائيلية جديدة داخل الأراضي الفلسطينية واستقطاب مئات الآلاف من المستوطنين الإضافيين للسكن فيها، وإحدى المفارقات أنَّه يشغل حاليًا منصب وزير المالية في حكومة نتنياهوالفاشية ، ويُعَدُّ أحد أكثر أعضائها نفوذًا. تنص خطة سموتريتش على أنَّ الفلسطينيين في الضفة الغربية، البالغ عددهم 3 ملايين نسمة، ليس أمامهم سوى خيارين، إما العيش بوصفهم سكانا داخل دولة يهودية لا يتمتعون بأي حقوق سياسية ومحرومين من أي نفوذ سياسي، وإما الهجرة إلى إحدى الدول العربية لتحقيق طموحاتهم الوطنية أو لأي وجهة أخرى في العالم. تُضفي هذه الشروط على فكرة “التهجير” طابع الإجازة مدفوعة الأجر، ولكنها تظهر على حقيقتها في الجزء الذي ينص على ضرورة الغزو العسكري لأولئك الذين لا يختارون أحد الخيارين. بمعنى آخر، تُعد هذه الخطة أقرب إلى عمليات التهجير والتطهير العِرقي.
وكانت إذاعة “كان ريشيت بيت” التابعة لهيئة البث الإسرائيلية قد نقلت، صباح الثلاثاء 6ديسمبر/كانون الأول 2023، عن رئيس الحكومة الإسرائيلية الفاشية نتنياهو قوله إنّ إسرائيل تستعد لاحتمال خوض قتال ضد قوات السلطة الفلسطينية (الأجهزة الأمنية الفلسطينية) في الضفة الغربية.
وأكد نتنياهو أنَّ :”قطاع غزة سيكون تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية بعد الحرب، وستعمل في غزة إدارة مدنية وسيُعاد بناء القطاع بقيادة دول الخليج”، مضيفاً “لن نستسلم للضغوط الدولية”.
وفي تعليقها على تصريحات نتنياهو،قالت حركة “حماس” في بيانٍ لها، إنَّ ما قاله رئيس الحكومة الإسرائيلية بشأن جهوزية جيش الاحتلال لمهاجمة السلطة الفلسطينية يؤكد نيته استهداف شعبنا في غزة والضفة.وأضافت الحركة، أنَّ تصريحات نتنياهو تؤكد عدم اكتراثه بالتسوية السياسية، وسعيه لترسيخ الاحتلال، وخاصة للقدس والمسجد الأقصى.ودعت الحركة السلطة الفلسطينية وأجهزتها لتجاوز اتفاقيات أوسلو، ووقف التنسيق الأمني، والانتقال للمقاومة الشاملة.
مخطط ليبرمان :كونفدرالية مع الأردن وإدارة مصرية لغزة
في تصريحٍ يعكس رؤية اليمين الصهيوني الفاشي لواقع سكان غزة والضفة الغربية لما بعد الحرب ، قال الوزير الإسرائيلي السابق، رئيس حزب “إسرائيل بيتنا”، أفغيدور ليبرمان، مؤخرًا :إنَّ الحل الوحيد لمعضلة غزة هو منحها لمصر كي تديرها، وفي الضفة نقل المسؤولية عن مناطق (أ) للأردن كي يديرها، باعتبار هذا الحل الوحيد من أجل الاستقرار في المنطقة.
وتابع ليبرمان في تصوره لما بعد الحرب، بحسب صحيفة “يديعوت أحرنوت “،بأنَّ العودة بعقارب الساعة إلى الوراء أمرٌ ممكنٌ، وإنَّه يرى أنَّ الحل يكمنُ في إلغاء اتفاقيات أوسلو، ومنح غزة لمصر، ومناطق معينة بالضفة للأردن، لأنَّ فكرة عودة السلطة لغزة عقيمة، والقوى المتعددة الجنسيات لن تحل المشكلة مثل “اليونيفيل” في لبنان.
ولفت إلى أنَّ مصرهي الوحيدة التي تستطيع السيطرة على غزة، وأنَّ على “إسرائيل” إغلاق المعابر مع غزة تمامًا وإلى الأبد، والتخلي عن تزويدها بالماء والكهرباء، ويجب وضع المصريين تحت الأمر الواقع قائلا: “إذا لم يعجب هذا المصريين فليفعلوا ما يريدون”.
وأضاف إنَّ حل الدولتين مات، وإنَّ الحل في مناطق (أ) في الضفة هو كونفدرالية طويلة الأمد مع الأردن، مشيرا إلى أنَّ تل أبيب يجب أن ترفض الموقف الأمريكي بشأن حل الدولتين، أو عودة السلطة إلى غزة، وأن قادة “إسرائيل” يجب أن لا يتلعثموا أمام واشنطن.
وتشكل المناطق (أ) ما مساحته 18% تقريبا من مساحة الضفة الغربية المحتلة، وبحسب اتفاق أوسلو فإنَّ السلطة الفلسطينية ‏تسيطر على معظم الشؤون في هذه المناطق، بما في ذلك الأمن الداخلي فقط، فيما السيطرة الخارجية للاحتلال الإسرائيلي ‏وتشكل مناطق (ب) و(ج) قرابة 21% و60% من مساحة الضفة المحتلة على التوالي.‏ وتقع معظم المستوطنات الإسرائيلية في المناطق (ج).‏
وأشار ليبرمان إلى أنَّ اتفاقيات “أوسلو” ماتت قائلا: “أخلينا مستوطنات غزة، عدنا إلى خطوط 1967، وقعنا على أوسلو عام 1993، ودفعنا ثمن السلام 3 آلاف قتيل إسرائيلي، وفي المقابل جاءت حماس وقتلت اليهود مثل ما حصل لهم في المحرقة”.وعن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، قال ليبرمان إنه بدون الدعم الإسرائيلي لن يصمد أسبوعا واحدا، مشيرا إلى أن عودته إلى غزة خيار فاشل قائلاً: “جربناهم 30 عاما”.
جدل أمريكي-إسرائيلي -عربي بشأن مرحلة ما بعد الحرب
في ظل تزايد الضغوطات الدولية و العربية من أجل وقف العدوان على غزة،وتحقيق وقف نهائي للإطلاق الناربين “إسرائيل” وحركة حماس”، تدور نقاشات حول من سيحكم قطاع غزة وبأي شكل، ومن سيأخذ على عاتقه إدارة تلك المنطقة المكتظة بالسكان، ومن هو المرغوب والمناسب حقاً لإدارة مثل هذه المنطقة الإشكالية والمعقدة.
برزت مجموعة من المواقف المحتلفة بشأن إدارة قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب.
تريد حكومة الاحتلال الإسرائيلية ” منح مساحات أكبر للعمل في ما يتعلق بمستقبل غزة بعد الحرب، لشخصيات بعينها، تعتقد أنَّها قادرة على خلق نموذج يقوم على حكم القطاع بشكل يضمن إدارة شؤونه اليومية والمعيشية”، وذلك “مقابل التنسيق الأمني مع إسرائيل، وفق نموذج قريب للضفة الغربية”.
وفي هذا السياق كتب يعقوب بيري في تقريرنشرته صحيفة معاريف الإسرائيلية يوم 13ديسمبر 2023، أنَّ الحكومة الفاشية الإسرائيلية بقيادة نتنياهو وعدت سكان المستوطنات المقامة في محيط قطاع غزة، بالسلام الأمني وإنهاء القدرة الحاكمة والعسكرية لحماس، وإلا فسيكون هناك الكثير من المستوطنين لا يريدون العودة إلى منازلهم.
وأشارت الصحيفة إلى أنَّه “لم يتم حتى الآن الاتفاق على أي خطة أو اقتراح مقبول”، لدى “إسرائيل”، لافتة إلى وجود خلاف عميق بين الرغبة الأمريكية في تسليم القطاع للسلطة الفلسطينية، والموقف الإسرائيلي الرافض لهذا الحل.
وقال كاتب التقرير:”الولايات المتحدة ستنجح في إقناع مصر بالمشاركة الفعالة والهادفة في الحل، ربما مقابل التنازل عن بعض التزاماتها المالية الثقيلة تجاه الولايات المتحدة، وبعد ذلك لا بد من تشكيل تحالف عربي وستلعب فيه مصر والأردن والإمارات والمغرب دوراً فعالاً، والذي سيتولى الإدارة المدنية للقطاع”.
وبيّن بيري: أنَّ “إسرائيل””لن تعترض على مشاركة ممثل السلطة الفلسطينية في القطاع”، مستطردا أن “الائتلاف سيتم تشكيله، ولكن بشرط أن تكون حصة السلطة مساوية لمشاركة الآخرين”.وورد في الحل المزعوم وفقا للصحيفة الإسرائيلية أنه “لن يسمح بخروج العمال من قطاع غزة” إلى دولة الاحتلال، كما لن تكون هناك “علاقات مدنية” بين القطاع وتل أبيب.
وتابع: “وسيكون لسكان غزة القدرة على التنقل أو العمل في الدول العربية وفق ترتيبات مع هذه الدول، وهذا هيكل مقترح يمكن لإسرائيل أن تتبناه، مع الحفاظ على أمن أراضيها، وخاصة السلام والأمن لسكانها”، بحسب صحيفة “معاريف”.
أما الرؤية المصرية، وبعض العواصم العربية الأخرى فهي تقوم على محاولات إقناع أمريكا بالضغط على “إسرائيل”، لإطلاق سراح القيادي بحركة “فتح”مرزان البرغوثي ، الأسير لدى الاحتلال الصهيوني ، و إيجاد خريطة جديدة، يُعدّها فريق من الخبراء الجغرافيين، تسمح بـ”إعادة تشكيل الدولة الفلسطينية” وتفكيك بعض المستوطنات التي بناها الاحتلال، إلى جانب إنشاء مناطق “عازلة منزوعة السلاح” بين الأراضي الفلسطينية و”إسرائيل.”
إنَّ التصور المصري لمستقبل قطاع غزة، مبني على “دمج حركة حماس في السلطة الفلسطينية، ودخولها إلى جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني، مع الإبقاء على الرئيس محمود عباس، كرئيس شرفي”. وأضافت أن “ذلك من أجل إيجاد صيغة تعايش لا تضر بالأمن القومي المصري ولا الفلسطينيين ولا إسرائيل”.
خاتمة: لايزال العدوان الأمريكي-الصهيوني قائمًا ، بعد أن منح الرئيس الأمريكي جو بايدن الضوء الأخضر لدولة الاحتلال الإسرائيلية بممارسة أبشع أنواع الإبادة الجماعية ضد سكان غزة،رغم كل الإدانات الدولية، والمناشدات الأممية بوقف هذه الحرب الوحشية ،حيث تسعى “إسرائيل” إلى الانتقام البهيمي من المحيط الاجتماعي لـ”حماس”، وتقليل عدد سكان غزة بالتهجير والقتل، واستعادة الهيبة والانتقام، وقَصم ظهر حماس العسكري، لكيلا تكون قادرة على حكم غزة مستقبلاً.
إنَّ حرب “إسرائيل” على غزة تنثر بذور الفاشية والإرهاب على الصعيد العالمي، وتكشف عدم شرعية النظام العالمي الليبرالي الرأسمالي الغربي الذي تقوده الإمبريالية الأمريكية، لأنَّه نظام قائم على قواعد و أحكام الهيمنة الإمبريالية الأمريكية، المنتهكة للقانون الدولي،والتي تمنح “إسرائيل” الحصانة الكاملة من المساءلة والمحاسبة على جرائمها ضد الإنسانية،منذ وقت طويل.
من المنظور التاريخي،مارست الحركة الصهيونية التطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني قبل عام 1948م، ومع إنشاء الكيان الصهيوني الاستيطاني الإحلالي على أرض فلسطين في عام 1948،مارس أيضًا التطهير العرقي بشراسة قل نظيرها،إذْ مسح 560 قرية فلسطينية في العام نفسه، وشرد أكثر من مليون فلسطيني من قراهم ومدنهم. فمعظم الحروب التي خاضتها “إسرائيل” بعد حرب النكبة الفلسطينية عام 1948، كان هدفها تهجير أكبر عدد ممكن من الشعب الفلسطيني ومحو أي أمل في تحقيق حلم العودة الذي أقرته الشرائع والقوانين الدولية وفق لقرار 194 القاضي بحق عودة اللاجئين لديارهم وممتلكاتهم.
ورغم مرور 75سنة على النكبة الفلسطينية الأولى، مازال النهج الاستعماري الصهيوني مستمرًا دون توقف، وهذا ما تمارسه الآن “إسرائيل” فلسطين المحتلة من خلال عمليات الاقتلاع ومصادرة الأراضي وترحيل الفلسطينيين، وسياسات الفصل العنصري في الضفة الغربية، بوصفها مكونات راسخة للمشروع الاستعماري الاستيطاني، أي أن فكرة المشروع الصهيوني ترتكز على محو الفلسطينيين من فلسطين، واستبدالهم بالمهاجرين اليهود، ولا يستقيم هذا المشروع من غير الاستحواذ على الأرض التي تشكل أهم رأس مال مادي يمتلكه الفلسطيني،وهو ماجعل الشعب الفلسطيني يستميت في الدفاع عن أرضه في قطاع غزة، ومواجهة سياسة التهجير القسري باتجاه صحراء سيناء..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *