خلافات جديدة حول أوكرانيا وجزيرة القرم وتركيا .. بقلم كمال بن يونس

أخطر تصعيد غربي ضد روسيا

 

عقد قادة 28 من الدول الاعضاء في” الحلف الاطلسي ” قبل أيام مؤتمرا غير مسبوق وصف بالاستفزازي لروسيا وحلفائها لأنه عقد في عاصمة بولونيا حيث المقر السابق لدول المعسكر الاشتراكي المعروف ب” حلف فرصوفيا “.

هذا التصعيد السياسي الأخطر من نوعه اعتبر ردا جديدا على قرار موسكو ضم جزيرة “القرم ” اليها بعد أكثر من قرنين من الصراعات حولها مع عدة دول أوربية بينها أوكرانيا ومع تركيا ، وقبل ذلك مع الامبراطورية العثمانية .

لكن هذه القمة الاطلسية تعتبر بمثابة طي صفحة مرحلة ” المصالحة التاريخية ” بين المعسكرين الغربي والشرقي بعد انهيار جدار برلين قبل 27 عاما ، وما تبعه من اعلان الدول ” الاشتراكية ” السابقة في شرق اوربا الانضمام الى ” المعكسر الاقوى ” بزعامة واشنطن وكبار حلفائها الرأسماليين مثل بريطانيا والمانيا وفرنسا وايطاليا .

وهذه القمة هي الاولى من نوعها في فرصوفيا استفزاز علني لموسكو بعد خطوة ” استرجاع ” جزيرة القرم المتنازع عليها ، بحجة أن الاتحاد السوفياتي السابق وافق على الحاقها الى اوكرانيا قبل انفصالها عنه وتسخير أراضيها للصواريخ الامريكية والغربية الموجهة ضد روسيا.

و قد أعلن قادة الحلف الاطلسي في اعقاب مؤتمرهم السنوي عن تفاؤلهم ب” تفوق ” دولهم عسكريا واستراتيجيا على ” الخطر الروسي ” بفضل الرادارات التي ركزت في تركيا والقواعد العسكرية في اسبانيا وتجهيزات الرصد والتجسس في رومانيا .

لكن ردود فعل موسكو السياسية والعسكرية على هذه القمة ” الاستفزازية ” وعلى تركيز منظومات صواريخ ذات أهداف ” استعمارية ” في كوريا الجنوبية ” ومواقع قريبة من الحدود الروسية تدعو الى الحذر .

في المقابل أعلن بعض قادة دول ” المعسكر الشرقي ” السابق ـ وبينهم زعماء أكرانيا تخوفاتهم الجديدة من ” تضخم الترسانة الحربية الروسية ” ومن سابقة ” احتلال جزيرة القرم المتنازع عليها”.

وفي تركيا تزايدت الأصوات التي تطالب ب” استرجاع ” جزيرة القرم بحجة أن نسبة كبيرة من سكانها من بين المسلمين و” التركمان “، بالرغم من انقسام مسلمي القرم وسكانها فيما يتعلق بنظرتهم الى تركيا .

في هذه الاجزاء تتضاعف مؤشرات عودة ” الحرب البادرة ” و” الحرب العالمية الثالثة بالوكالة ” .

وحسب خبراء استراتيجيين بارزين فإن ملف ” جزيرة القرم ” من بين ” الألغام ” القائمة التي قد تفجر الاضاع مجددا بين موسكو والحلف الاطلسي ـ وخاصة بين تركيا واوكرانيا وحلفائها الاوربيين .

وقد تستخدم ” الاقليات التركمانية والمسلمة ” في جزيرة القرم وبعض جمهوريات ” الاتحاد الروسي ” لمحاولة تفجير تناقضات عرقية دينية وحروب استنزاف جديدة في روسيا وبعض الدول المنافسة لها وعلى رأسها تركيا واوكرانيا وجيورجيا ..

وعلى غرار ما حصل في حروب اقليم الشيشان لا يخفى أن حسم مثل هذه الصراعات لا يمكن أن يكون عسكريا لاسباب عديدة من بينها أن نسبة المسلمين والتركمان في روسيا تقدر بحوالي 20 بالمائة من السكان .

وتكشف التقارير الاممية اليوم أن الاقليات المسلمية والتركمانية في جزيرة القرم وحوالي 10 من الجمهوريات ” التركمانية والاسلامية السوفياتية السابقة ” مقسمة بدورها لاسباب سياسية وامنية وعرقية .

وقد اثبتت حروب الشيشان والقوقاز والبلقان أن كل ” الاقليات ” لا تمتلك مقومات خوض حروب ناجحة ضد قوى تدعمها قوى عسكرية عملاقة مثل روسيا او الصين او كبرى الدول الاعضاء في الحلف الاطلسي .

فلماذا جر الاقليات في جزيرة القرم وروسيا والصين والهند الى مزيد من الحروب الاهلية التي تكون نتيجتها بالضرورة كارثية ؟

هل ليس من الأفضل حسم الخلافات فيها سياسيا بما يضمن احترام الخصوصيات الثقافية والدينية والعرقية للاقليات مع تكريس اندماجها في دولها الوطنية ؟

كمال بن يونس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *