واصلت السلطات السعودية حملة الاعتقالات الواسعة التي تقوم بها للأسبوع الثاني على التوالي، بعد تأكد اعتقال عدد من القضاة والإعلاميين و رجال الدين و المنشدين الدينيين، في حملة وصفتها منظمة العفو الدولية بغير المسبوقة في تاريخ المملكة العربية السعودية الحديث.
و اعتقلت السلطات السعودية أخيراً كلاً من القاضي في المحكمة الجزائية في الخبر خالد الرشودي وعميد كلية حوطة سدير، الدكتور يوسف المهوس، و الأستاذ في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، الدكتور علي الجهني، والإعلامي مساعد الكثيري و المنشد ربيع حافظ، بالإضافة إلى سبعة قضاة في المحكمة الجزائية المتخصصة لم تعرف أسماؤهم حتى الآن.
و لم يسبق لحملة الاعتقالات الجارية التي دخلت أسبوعها الثاني أن تعرضت لأفراد محسوبين على النظام السعودي وموالين له، حيث اقتصرت الاعتقالات، في الأسبوع الماضي، على رجال دين ينتمون لتيار “الصحوة” واسع الانتشار في ثمانينيات و تسعينيات القرن الماضي.
لكن السلطات هذه المرة اعتقلت قضاة في المحكمة الجزائية مقربين من ولي العهد السعودي السابق محمد بن نايف، وسبق لهم و أن شاركوا بحسب معلومات متداولة في الحكم على جمعية “حسم” المعارضة بالسجن سنوات طويلة، في حلقة جديدة من مسلسل الصراع بين أجنحة الأسرة المالكة.
ومن جهة أخرى أكد معارضون سعوديون لـ”العربي الجديد” أن الداعية الإسلامي ونائب رئيس اتحاد علماء المسلمين الدكتور سلمان العودة يخوض إضراباً مفتوحاً عن الطعام بسبب اعتقاله وعدم توجيه أي تهمة رسمية له من قبل السلطات، بالإضافة إلى تعرضه لمعاملة سيئة داخل المعتقل ومنعه من الاتصال بأبنائه الذين توفيت أمهم أخيراً، في حادث مأساوي.
و كان سلمان العودة، والذي سبق وأن خاض تجربة سجن سابقة بين عامي 1994 و 1999 عقب توقيعه “مذكرة المطالب” في مطلع تسعينيات القرن الماضي قد اعتقل في مطلع الأسبوع الفائت بسبب رفضه الانصياع لتوجيهات عدد من مستشاري الديوان الملكي، و الذين أمروه بالمشاركة في الحملة الإعلامية والهجوم على قطر، عقب اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية (قنا)، كما اعتقلت السلطات شقيقه الدكتور خالد العودة عقب يومين، بسبب إعلانه اعتقال أخيه ومطالبته بالإفراج عنه.
و أنشأت السلطات السعودية جهاز أمن الدولة التابع للديوان الملكي، ويهدف إلى عزل واعتقال جميع خصوم ولي العهد الصاعد محمد بن سلمان، والذي يطمع في عزل أبيه والحصول على كرسي الملك، خصوصاً وأن الكثير من أعضاء وزارة الداخلية البارزين ما زالوا يدينون بالولاء لابن عمه ولي العهد السابق محمد بن نايف.
و أدانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” حملة الاعتقالات ووصفتها أنها حملة قمع منسقة ضد المعارضين.
و قالت سارة ليا وتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة: “يبدو أن لهذه الاعتقالات دوافع سياسية، وهي علامة أخرى على أن محمد بن سلمان غير مهتم بتحسين سجل بلاده في حرية التعبير وسيادة القانون. ستضيع الجهود التي يبذلها السعوديون لمعالجة التطرف هباءً إن بقيت الحكومة تسجن كل شخص بسبب وجهة نظره السياسية”.