حكومة سياسية أو انتخابات سابقة لأوانها

يتطلع الرأي العام الوطني والدولي إلى اسم رئيس الحكومة الجديد الذي من المقرر الكشف عنه خلال الأيام القليلة القادمة حتى يتمكن من تشكيل فريقه في أجل أقصاه شهر واحد.

وإذ تتراوح التقييمات للمسار السياسي الذي بدأ بمبادرة رئيس الدولة في 2 جوان الماضي بين التفاؤل والتشاؤم، فإن ما ينبغي ألاّ يغيب عن الجميع هو أن «الفشل ممنوع» بالنسبة لرئيس الحكومة المعيّن مهما كانت حصيلة مشاوراته مع النقابات والأطراف السياسية.

التحدّي الكبير أمام رئيس الجمهورية والأغلبية البرلمانية ـ حسب دستور 2014 ـ أنه يمنحهم فرصة واحدة لتقديم مرشح لتشكيل الحكومة الجديدة ثم استكمال المشاورات حولها في أجل أقصاه شهر.

وبالتالي فإن التوافق السياسي «المسبق» ينبغي أن يكون نهائيا حول اسم الشخصية التي سوف ترأس الحكومة القادمة وأعضائها.

أما إذا تعثرت المفاوضات فإن الدستور يفترض تنظيم انتخابات سابقة لأوانها (؟؟) وهو خيار قد يتعذر تنفيذه اليوم في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتراكمة…وفي ظل تراكم الأزمات الداخلية لحزب نداء تونس إلى درجة أصبحت فيها كتلة حركة النهضة في البرلمان «صاحبة المرتبة الأولى عمليا» من حيث عدد النواب.

كيف يمكن تجنب الوقوع في مثل هذا المأزق الخطير؟

يبدو أن خيارين لا ثالث لهما يفرضان نفسيهما:

الأول: تشكيل حكومة كفاءات مستقلة تدعمها قيادات اتحاد الشغل ونقابات الصناعيين والتجار والفلاحين وزعامات الأحزاب المشاركة في التوقيع على «وثيقة قرطاج» وخاصة قيادات النداء والنهضة التي كان دورها حاسما في الإطاحة بحكومة الحبيب الصيد.

الثاني: تشكيل الحكومة من سياسيين ينتمون أساسا إلى الحزبين الكبيرين: النداء والنهضة اللذين يمكن أن يضمنا لها دعما بما لا يقل عن 120 نائبا.. في ظل استحالة ترضية كل الأحزاب التي كانت في الائتلاف الحاكم أو في المعارضة وكشف تصويت يوم السبت الماضي على تجديد الثقة في حكومة الصيد أنها «ضعيفة» و»محدودة التأثير».

وبالرغم مما تردد عن «توسيع» عدد النقابات والأحزاب المشاركة في صياغة «وثيقة قرطاج»،فإن الجميع يعرف جيدا أن «التوسيع» كان سببا في إفراغ تلك الوثيقة من كثير من مضامينها وبينها تلك التي تهم من جهة محاربة الفساد والتهريب والرشوة والتهرب الجبائي والقمرقي..ومن جهة أخرى «فرض هدنة اجتماعية» تفرض مزيدا من «التضحيات» و»الإجراءات اللاشعبية». لكن القيادة النقابية تحفّظت على الفقرات التي اعتبرت أنها سوف تحمل تلك التضحيات والإجراءات على ملايين الفقراء والعمال وأبناء الطبقات الوسطى دون رجال الأعمال والأثرياء والطبقات «الميسورة».

فهل تنجح مشاورات الكواليس التي سوف يجريها الرئيس الباجي قائد السبسي مع شريكه السياسي منذ صائفة 2013 راشد الغنوشي ثم مع شركائه في نقابات العمال ورجال الأعمال والفلاحين في إحداث «الضجة الإيجابية» التي تعيد الثقة والأمل للتونسيين والتونسيات عبر فريق حكومي «تجديدي» قولا وفعلا؟

أم يحصل العكس، فيحصل المحظور وتنفلت أوراق اللعبة من كل السياسيين والنقابيين وقيادات المجتمع المدني؟

..مرة أخرى نقول مع المتخوفين على مستقبل البلاد: «لك الله يا تونس».

كمال بن يونس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *