حكومة الصيد الثالثة؟

تكشف الانتقادات الحادة التي يوجهها منذ مدة أمين عام اتحاد الشغل وقياديون في نقابات العمال ومنظمات الصناعيين والتجار إلى أعضاء في حكومة الحبيب الصيد أن « تغيير» بعض كبار المسؤولين في الحكومة والمؤسسات العمومية وارد وقريب.

تبرز هذه المؤشرات في مرحلة شددت فيها تصريحات رئيس الدولة الباجي قائد السبسي وزعامات حزبي النداء والنهضة وحلفائهما على دعمهم لرئيس الحكومة.

وكشفت مؤسسات وطنية ودولية مختصة في استطلاعات الرأي تزايد الانتقادات للوزراء والسياسيين الكبار ـ سواء كانوا في الحكم أو في المعارضة ـ مقابل ارتفاع شعبية بعض كبار صناع القرار في تونس وبينهم رئيس الحكومة الحالي.

 في الأثناء تجمع المؤشرات الاقتصادية والمالية على أن صعوبات تونس المالية قد تستفحل في النصف الثاني من هذا العام وفي 2017 رغم «فوز» الحكومة بقرض من صندوق النقد الدولي تفوق قيمتهالـ5 مليار دينار ستصرف خاصة في تسديد الأجور والديون،كما تنذر تقديرات صابة الحبوب والزيتون والتمور بتراجع إلى ما لا يقل عن النصف.

وبعد أن استفادت حكومتا الحبيب الصيد الأولى والثانية من تراجع أسعار المحروقات العالمية من أكثر من 100 دولار إلى حوالي 30 دولارا فقط تنذر بعض الدراسات باحتمال ارتفاعها مجددا.

هذا الارتفاع سيعني أن الحكومة ستكون مطالبة مجددا برصد ما لا يقل عن ملياري دينار إضافيين لصندوق الدعم.

وهنا يطرح بعض صناع القرار مقترحات بالجملة من بينها «إحداث صدمة» عبر تغيير شامل في تشكيلة الفريق الحكومي مع الإعلان عن قرارات اقتصادية «جريئة» بما يساعد آلاف رجال الأعمال على إعادة الثقة في مؤسسات الادخار والاستثمار الوطنية.

لكن التخوفات من «زلزال» يعصف بالجميع ومن سلبيات الإطاحة بالحكومة الحالية ـ وهي الثامنة من نوعها منذ جانفي 2011ـ قد يقلل من فرضية «التغيير الشامل» للحكومة ويرجح  الإعلان خلال الصائفة عن تشكيلة جديدة لـ»حكومة الحبيب الصيد 3.”

ويبدو أن التغيير الجزئي قد يفرض نفسه لأسباب عديدة من بينها تدارك ثغرات الحكومات السابقة و»الاستفادة أكثر» من الطاقات والشخصيات التي همشت في الأعوام الماضية لأسباب مختلفة من بينها إعطاء الأولوية للولاء الحزبي والإيديولوجي على حساب الخبرة والكفاءة..

إن تراكم التجارب مهم جدا في كل دولة، وقد قطعت تونس خلال الأسبوعين الماضيين شوطا في هذا الاتجاه خلال التجمع الذي أقامه رئيس الدولة في قصر قرطاج في ستينية  الاحتفال بالاستقلال وذكرى تأسيس وزارة الخارجية. ووقع تكريس نفس التمشي من خلال مشاركة مئات المسؤولين السابقين في الحزب الدستوري وفي الدولة وفي المنظمات الاجتماعية في افتتاح مؤتمر حركة النهضة بحضور رئيس الجمهورية ذلك أن التحديات الاقتصادية والاجتماعية  والأمنية التي تواجه البلاد جدية وتستوجب دعما حقيقيا لخيار «الوحدة الوطنية» التي كان الزعيم الراحل بورقيبة يوصي بها «الأجيال القادمة”.

أمام هذا الوضع يتعين أن يتجاوز السياسيون والنقابيون مزايدات الأعوام الماضية وأن يتفرغوا للأولويات التنموية للبلاد عساهم يساهمون فعلا في التخفيف من معاناة الشباب والمهمشين وفي القضاء على الأسباب العميقة للغلو والتشدد والجريمة المنظمة والإرهاب.

كمال بن يونس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *