حتى لا يضيع البلد .. بقلم كمال بن يونس

من المقرر أن تشهد قطاعات عديدة بينها الصحة والتعليم اضرابات جديدة وانقطاعات عن العمل ..بالرغم من معارضة جانب كبير من الرأي العام وممثلي المجتمع المدني والمكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل الجديد وأمينه العام نور الدين الطبوبي .

ولا يمكن لأي تونسي أو تونسية أن يشكك في الحق النقابي وفي حق الاضراب ..خاصة عندما تكون المطالب شرعية والتحركات قانونية ..لأن التضحيات من أجل الوطن ينبغي أن تتقاسمها كل الفئات بدءا من كبار رجال الاعمال والاثرياء ..

لكن لا يخفى على الجميع أن تونس تضررت كثيرا خلال الاعوام الستة الماضية بسبب عشرات الالاف من الاضرابات والاعتصامات والتحركات السياسية القانونية والعشوائية التي تسببت في مزيد ارباك السير العادي للمؤسسات التربوية والطبية والخدماتية والادارية العمومية ..

كما تسبب تضخم عدد الاضرابات والاعتصامات في شل مؤسسات النقل والتعليم والصحة العمومية وكان المستفيد الأول وسائل النقل والمدارس والمصحات الخاصة..مما تسبب في تعميق معاناة مئات آلاف من العائلات التونسية الفقيرة والمتوسطة الدخل ، وهي التي كانت تنتظر من حكومات الثورة ونخبها أن تعطي الأولوية لتحسين أوضاعها.

إن الخدمات الصحية في مستشفياتنا ووسائل نقلنا العمومية تدهورت بشكل مخز ..

وتراجع المستوى التعليمي لملايين الاطفال والمراهقين والشباب بدرجة لا تشرف تونس والتونسيين الذين كانوا يفتخرون عربيا وعالميا برهان بلدهم وزعمائهم وساستهم منذ 60 عاما على التعليم العمومي وعلى تنمية الموارد البشرية وعلى مصداقية الشهائد العلمية التونسية..

ومهما كانت شرعية المطالب النقابية يمكن تنظيم احتجاجات بصيغ مختلفة ليلا أو أيام العطل دون أن يكون ملايين التلاميذ والطلبة والمرضى ومستخدمو القطاارت والحافلات ” ورقة ضغط ” او ” رهينة “..

ومهما كانت مطالب الاطباء والقضاة والمحامين والعمال في القطاعات العمومية شرعية ، فإن أوضاع البلاد والمجتمع لم تعد تسمح بمزيد تعميق معاناة أوضاع مليوني عائلة فقيرة ومتوسطة الدخل ..ولا بدفع ملايين التلاميذ والطلبة نحو الشوارع ومقاهي البؤس وصالونات الشاي المشبوهة بسبب اغلاق قاعات الدراسة في وجوههم عشية الامتحانات ..

لم تعد تفصلنا عن موفى العام الدراسي الا بضعة أسابيع ..

ولم تعد تفصنا عن موفى السنة القضائية الا 3 أشهر ينغي توظيفها لتدارك الوقت الذي خسرته عشرات الاف الشركات والعائلات بسبب مسلسلات الاضرابات في المحاكم..

ولم تعد تفصنا عن موسم ” الحصة الواحدة ” في شهر رمضان ثم في فصل الصيف الا بضعة أسابيع ، ولا بد من التحرك بقوة لتحسن اوضاع الخدمات في المستشفيات ووسائل النقل العمومية والادارة التونسية والمحاكم..حتى لا يضيع البلد ..وتتضاعف فرص انتشار الادمان والجريمة المنظمة والتطرف والارهاب ..

فهل يدرك الجميع أن إنقاذ البلاد من الضياع والانهيار يبدأ بوقف” الحرب الاهلية الباردة ” التي تعيشها تونس منذ أعوام؟

هل يفهم الوطنيون و المناضلون النزهاء بمختلف ألوانهم أن ” الأهم قبل المهم “؟

كمال بن يونس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *