جزيرة زمبرة الساحرة …. من اجمل جزر تونس

هي أصغر الجزر التَونسيَة ,تقع في عرض سواحل مدينة الهوَارية من ولاية نابل … ثراء وتميز بيولوجي لجزيرة زمبرة على الصعيدين المتوسطي والعالمي.

في أيام الصحو وانطلاقا من الشريط الساحلي للضاحية الشمالية للعاصمة تتراءى للعين المجردة جزيرة زمبرة كتلة زرقاء في الافق في شكل هرمي فيما تبدو بجانبها جزيرة زمبرتة كصخرة كبيرة ذات اربعة زوايا غير متساوية تعتليها منارة مهجورة

ويعود ذلك الى ان جزيرتي زمبرة وزمبرته او ارخبيل جمور حسب القدامى والتي تقع في الجهة الشمالية الشرقية لخليج تونس لاتفصلها عن مدينة حلق الوادى سوى 55 كلم وتتضاءل هذه المسافة لتبلغ 15 كلم بالنسبة الى سيدى داود.

وتمسح زمبرة 400 هكتارا وترتفع أعلى نقطة فيها الى 500 مترا مقابل هكتارين بالطول و50 مترا بالعرض وقمة لا تتجاوز 35 مترا لزمبرتة التي لا تبعدها سوى بحوالي 8 هكتارات وتتميز زمبرة بسواحل ضيقة وحادة تعسر عملية الوصول اليها ولايتيسر ذلك الا على مستوى بعض شواطئها المغطاة بالحصى او عبر شاطئها الرملي الوحيد الذى اقيم بالقرب منه ميناء صغير ومركز اقامة تتمركز فيه حامية عسكرية من البحرية التونسية وكان يستعمل سابقا”في الستينات ” كمنشاة سياحية مخصصة لهواة الغطس والصيد في الاعماق .

ولايمكن الاطلاع على ما تحتويه هذه الجزيرة ذات التضاريس الصعبة من رصيد طبيعي وتاريخي قيم واكتشاف الجزء الاكبر منها الا عبر انتهاج ثلاثة مسالك وعرة يفضي اولها الى برج المراقبة بالقمة ويؤدى احد فروعه الى وادى الزيتون قبالة الصخرة العملاقة المحاذية لزمبرة والمعروفة بالكاتدرائية بينما يؤدى الفرع الثاني الى الراس الكبير مرورا بعين كبار ولكن كل من اتيحت له زيارة هذه الجزيرة و رغم صعوبة المسالك ومشقة السير في شعاب هذه الجزيرة فان الزائر يحظى بمكافاة تتمثل في التمتع بمشاهد طبيعية ساحرة وفريدة من نوعها والوقوف على اثار جيولوجية وتاريخية تشهد على اهمية موقعها الاستراتيجي وطبيعية تنم عن ثرائها البيولوجي.

وتوجد في عمقها ممرات واقواس تحت الماء تسحر هواة الغطس كما تتمتع بمناخ متوسطي ولكنها تتعرض الى رياح خريفية وشتوية وتيارات بحرية عميقة قد تفصلها عن اليابسة وتوجد بها بعض العيون العذبة ذات التدفق الضعيف الى جانب الوادي المنحدر من المرتفعات .


يؤكد المؤرخون وجود اثار تدل على تعاقب عديد الحضارات على الجزيرتين من بينها قبور فينيقية وفسيفساء ومنشات فلاحية وخزانات مياه تعود الى العهد الروماني حيث مثلت زمرة موقعا استراتيجيا هاما للاساطيل وسفن القراصنة باعتبارها تشرف مباشرة على حركة النقل البحري بين خليج تونس ومدن الوطن القبلي وسواحل ايطاليا .

ابتداء من سنة 1977 احدثت الحديقة الوطنية الاولى في تونس وتضم الجزيرتين كما تم ترسيمها كمنطقة محمية ذات بعد متوسطي في اطار بروتوكول التنوع البيولوجي المتعلق باتفاقية برشلونة نظرا لاهميتها على الصعيدين الوطني والمتوسطي من حيث توفرها على كائنات نادرة ومستوطنة ومهددة بالانقراض وعدد انواع النباتات فيها

و يتكوَن الكساء النباتي  من حوالي 266 نوعا نباتيا يتوزع حسب تضاريسها من بينها الزيتون البري والعرعر الفينيقي والقندول الى جانب الذرو واللنج والخلنج المتعدد الازهار وهي شجيرات تغطي وسط الجزيرة ولا يتجاوز ارتفاعها المترين بينما ينمو الكبار الشوكي بكثرة في الجهة الشمالية الشرقية اضافة الى نباتات اخرى تحبذ التربة المالحة كالقطف.

وتكسو قمة الجزيرة اشجار الجبوز والنخل القزم المعروف بالدوم وشجيرات الذرو والقتم فيما تتكثف بمنطقة وادى الزيتون المنخفضة نماذج رائعة من اشجار الجبوز تشكل مع الذرو حزاما عريضا “من 50 الى 350 مترا” هو من الظواهر النادرة بالنسبة الى جزر الحوض المتوسطي.

وفيما يتصل بالثروة الحيوانية فان اقرار جزيرتي زمبرة وزمبرته كمنطقة بحرية محمية سنة 1973 يعد متاخرا لانه لم يمنع انقراض الفقمة الراهبة منها ولكن الاجراءات الصارمة المتخذة تحيط بقية الحيوانات بكل حماية ومنها السلاحف وجلم الماء الموجود باعداد وافرة “25 زوجا كل سنة” وبعض الرخويات البحرية المستوطنة والمهددة على مستوى المتوسط مثل القوقعيات العملاقة والمرجانيات المستوطنة علاوة عن 42 نوعا من الاسماك والارانب والقطط البرية واروية كورسيكا

ويعشش بالجزيرة الحمام الازرق وبعض الازواج من نورس ادوين وهو طائر بحرى نادر جدا بالحوض المتوسطي ومهدد على الصعيد العالمي واكبر تجمع في العالم لطير البرني “11 زوجا في المتر المربع” فضلا عن كون الحديقة تعتبر معبرا لعدد من انواع الطيور وخاصة منها الجوارح كالسقاوة المفترسة في فصلي الربيع والخريف” 20 الف زوج من مارس الى اكتوبر”.


ان اقرار الجزيرة كمنطقة بيولوجية محمية ثم كحديقة وطنية الى جانب كونها منطقة عسكرية يحظر الدخول اليها وتندرج ضمن مشروع صون المناطق الرطبة والمنظومات البيئية الساحلية الذى ينفذ بالتعاون مع عديد الجهات الاجنبية المعنية مكن من نشاة ثروة نباتية بحرية تعد من اكبر الثروات في البحر الابيض المتوسط سيما وهي تعد 149 نوعا من ضمنها انواع من الطحالب لاتوجد في سواها .

وقع الاختيار مؤخرا على منطقة الوطن القبلي لحمايتها نظرا لاحتوائها على 35 % من الكائنات الحية المتوسطية والمهددة بالانقراض وقد تم إعداد الدراسات التشخيصية اللازمة لإنجاز أشغال التهيئة وتهم خاصة السباخ الساحلية بالضفة الشرقية للوطن القبلي والجزر الموجودة بها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *